التصنيفات » ندوات

مؤتمر حول آفاق الثورة المصرية ومستقبلها


20-21/10/2011


عقِد في مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية في بيروت يوم الخميس في 20/10/2011 مؤتمر حول آفاق الثورة الشعبية المصرية ومستقبلها وتداعياتها على الصراع العربي-الصهيوني بشكلٍ خاصّ، بمشاركة باحثين مصريين ولبنانيين متخصّصن.
وبعد مقدّمة موسّعة من مدير عام مركز باحث للدراسات، الأستاذ وليد محمّد علي، حول قيمة مصر ودورها التاريخي، وضرورة تكامل مشاريع الممانعة والمقاومة ضدّ الحلف الغربي-الصهيوني المعادي لشعوبنا الحرّة، ألقى رئيس الجلسة الأولى في المؤتمر، مدير مركز النيل للدراسات العقلية، الدكتور أيمن المصري، كلمة ترحيبية بالمشاركين والباحثين، ومقدّماً للمحاضِر الأوّل،  الدكتور وليد شوقي (قياديّ في حركة 6 أبريل)، والذي تحدّث بإسهابٍ عن مقدّمات الثورة المصرية، لجهة انتشار الفساد والتسلّط والتناقض بين الواقع المعاش وما كانت السلطة تعلنه من وجودٍ للحريّات والأمان الاجتماعي والازدهار الاقتصادي!
وبعدما تكلّم د. شوقي عن تأثّر الشعب المصري بشكلٍ مباشرٍ بما جرى في تونس واليمن، أكّد على تفاجؤ شباب الثورة بالمدّ الجماهيري العارم الذي كبر في الأيام الأخيرة للثورة، وأطاح بالديكتاتور حسني مبارك، وخاصّة بعد سقوط شهداء في مدينة السويس وميدان التحرير في القاهرة.


وأورد د. شوقي عدّة نقاط قوّةٍ للثورة، قد يُعتبر بعضها من نقاط الضعف بالنسبة للكثيرين:
- غياب القائد الكاريزمي.
- غياب دليل نظري للثورة.
- الثورة لم تكن جذريّة وسريعة.
ثمّ تحدّث الدكتور أحمد ملّلي باسم حزب الله، فعرض لتاريخ المقاومة في لبنان، وتأثير مصر التاريخي على الصراع العربي-الصهيوني، منذ اتفاقيات كمب ديفيد ومدريد وأوسلو، وحتّى انهيار عملية التسوية وسقوط القيادة اليمينية المتطرّفة في الولايات المتحدة، بعد سلسلةٍ من الحروب الفاشلة ضدّ أمتنا بذريعة محاربة الإرهاب والردّ على تفجيرات 11 أيلول 2001!
وبعد توقّفه عند انتصارات جبهة  المقاومة والممانعة (في لبنان وفلسطين خصوصاً)، وصمود سوريا وإيران بوجه الحلف المعادي، تحدّث د. ملّلي عن انكفاء صهيوني وأمريكي واضح عن شنّ الحروب الواسعة ضدّ شعوب المنطقة، بموازاة أزمات اقتصادية ومالية واجتماعية خطيرة تضرب الدول الغربية بعمق، مشيراً إلى دلالة الفيتو الروسي-الصيني في مجلس الأمن ضدّ قرارٍ  يدين سوريا، باعتبار أن مركز التأثير العالمي بدأ ينتقل من الغرب الرأسمالي المتوحش إلى قوىً آسيوية ولاتينية ومتوسطية قد لا تتوافق مصالحها مع مصالح أمريكا وفرنسا وبريطانيا، على عدّة مستويات!
بعده، تحدّث الدكتور محمّد عادل (عن حزب العدل المصري) حول أن ثورة الشعب المصري قد كسرت حاجز الخوف من النظام وداعميه، وهي تحرّكت في ظلّ غياب القائد والرؤية والبرنامج، لتصل إلى إسقاط رأس النظام، من دون أن تتمكّن من إسقاط النظام نفسه. فالتغيير لم يكن جذرياً، والأوضاع الراهنة ما زالت سيّئة على المستوى الأمني والاقتصادي والاجتماعي.


أضاف: هناك اختلافاتٌ متزايدةٌ بين قوى الثورة لناحية البرامج والأهداف، والتأثّر بالمغريات التي يقدّمها المجلس العسكري المصري لاستيعاب مدّ الثورة وطبيعتها النقيّة، بشأن مطالب الحرّية والعدالة والحقوق.
 وقد جرى بعد ذلك نقاشٌ مفتوحٌ مع المحاضِرين من قِبل الأستاذ علي نصّار والأستاذ غالب قنديل وغيرهما من الباحثين والمهتمّين بالشأن المصري وبالصراع العربي-الصهيوني.
الجلسة الثانية من المؤتمر عقِدت في يوم الجمعة (21/10/2011)، بمشاركة الباحثين المصريين الضيوف، وحضور نخبةٍ من المتخصّصين والسياسيين. وبعد تقديمٍ "متفائل" من مدير عام مركز باحث للدراسات حول مستقبل الثورة المصرية، تحدّث د. وليد شوقي مجدّداً عن طبيعة الثورة المصرية وخصوصيّتها، مع اعترافه بأهمّية النماذج العربية والإسلامية الأخرى (تركيا/ إيران...)، مشدّداً على معاداة مصر الجديدة للكيان الإسرائيلي، والتي أصبحت من البديهيات لدى أبناء الشعب المصري، ولم تكن من حاجة لإبراز هذه المعاداة بشكلٍ يوميٍ ونافر.
ثم قدّم الأستاذ وليد محمّد علي رؤية شاملة للتأثير الثوري المصري على واقع القضية الفلسطينية، من خلال إطلالة تاريخية جيو-سياسية على دول المنطقة وموقعها في السياسات الدولية (الحوض الحضاري الواسع).


وشدّد الأستاذ وليد على عدم دعوة مصر وسوريا أو غيرهما إلى خوض حربٍ كلاسيكيةٍ ضدّ كيان الاحتلال، دفاعاً عن الشعب الفلسطيني؛ بل إلى حماية ظهر المقاومة فقط، والانكباب على بناء  الدول العربية المجاورة للكيان، على أسسٍ جديدةٍ من الحرّية والعدالة والكرامة، وأن تؤمّن دفاعاً ذاتياً لها بوجه أيّ عدوانٍ أمريكيٍ أو صهيونيٍ محتمل، على غرار ما جرى في العراق وأفغانستان، وصولاً إلى ما حصل في ليبيا مؤخّراً، مع الإدانة المسبقة لحكم القذّافي من دون تحفّظ!
ثمّ تكلّم العميد مصطفى حمدان تعقيباً على ما سبق، مشيراً إلى أهمّية دور الجيش المصري تاريخياً وراهناً، في مواجهة العدوان الصهيوني، بغضّ النظر عن السياسات الرسمية الخاطئة للأنظمة الحاكمة...
وبعد تشديده على أن مسرح العمليات واحدٌ ضدّ التحالف المعادي لنا، من العراق وأفغانستان واليمن والصومال إلى لبنان وفلسطين وسوريا، أكّد حمدان على ضرورة إعطاء المزيد من الوقت للثورة المصرية، لأن مصر هي الأساس في الحركة العربية المعادية للاستعمار والاحتلال، في التاريخ وفي الحاضر وفي المستقبل!
وكانت مداخلة للأستاذ حسن شقير حول عدم جذريّة الثورة المصرية في شعاراتها، بما أثّر على واقع الثورة والآمال العربية المعقودة عليها، ردّ عليها المحاضِرون بأن السبب الأساسي هو التآمر الإعلامي على الثورة، والتي كانت في النهاية حركة ثورية مفاجئة، افتقدت للقائد وللاستراتيجية.
وحاضر الدكتور محمّد حنفي عن أشكال الثورات وحقيقة أوضاع الشعب المصري قبل الثورة، والتي اختصرها بالظلم والفساد والاستبداد على كلّ المستويات؛ وهي بيئةٌ كانت جاهزة للاشتعال في أيّ وقت؛ فكانت الثورة التونسية والتزوير في الانتخابات التشريعية المصرية الشرارتان المناسبتان لهذه الثورة الشعبية العفوية والصادقة.
ثمّ كانت محاضرة لسركيس أبو زيد (صحافي لبناني) حول طبيعة الثورة المصرية من وجهة نظر فكرية، حيث أرجعها إلى عوامل مادّية ومعنوية متراكبة، مع إظهار تشاؤمه من الثورات العربية والتي يعمل الأعداء على استيعابها أو ضربها، كما يحصل في مصر واليمن وغيرها!
وكانت المحاضرة الأخيرة في الجلسة الصباحية للدكتور أيمن المصري، مدير مركز النيل للدراسات العقلية، الذي أكّد على ضرورة العودة إلى الأصول الفكرية والسياسية قبل الانخراط في الصراع الاجتماعي والمباشر مع الحكّام التابعين للاستعمار والمحتلّين الصهاينة.
وبعد تحدّثه بإسهابٍ عن السياسة والعمل السياسي وفلسفة وجود الإنسان وأهدافه الإلهية، ربط د. المصري بين عبادة خالق الكون وبين الاندفاع لتحقيق الحرّيات المؤمّنة للتكامل المادّي والمعنوي للإنسان المصري والعربي والمسلم عموماً.
اختتم مؤتمر (الآفاق المستقبلية للثورة المصرية) أعماله في مركز باحث للدراسات، حيث ترأّس الجلسة الأخيرة مدير مركز النيل للدراسات د. أيمن المصري، والتي تحدّث فيها عن تحديّات الثورة المصرية عضو المجلس الوطني للإعلام الأستاذ غالب قنديل، فطرح تصوّراً للتحدّيات التي تواجه الثورة، وقال إنه في القوانين المعروفة لأيّة ثورة، فإن الظرف الثوري يؤمّن لقاء قوىً متنافرة، ولكن حول هدفٍ مشترك. أضاف: هناك ملامح مخاضٍ سياسيٍ جديدٍ في مصر، في إطار المناخ المصري؛ ويبقى التحدّي السياسي، بمعنى انتقال السلطة، هو التحدّي الأوّل، مشيراً  إلى تأثير العوامل الخارجية في محاولة جرف عملية التغيير في مصر أو توقيفها عند المستوى الشكلي، محذّراً من محاولات صرف اهتمام الشعب المصري عن أيّ تغييرٍ حقيقيّ، وقال: التحدّي السياسي يطرح أمرين يتعلّقان بوضع أجندةٍ واضحةٍ لعملية الانتقال، وتحرّك شعبي لفرض تنفيذ هذه الأجندة.
وأكّد قنديل أن التصدّي للتحدّي السياسي هو أولويّة، مشيراً إلى ضرورة إيجاد جبهةٍ مشتركةٍ عريضةٍ من القوى السياسية؛ وتابع: هناك تحدٍ ثانٍ خطير، ويتعلّق بالوحدة الوطنية الداخلية، لافتاً إلى محاولاتٍ جدّيةٍ لتسعير المناخ الطائفي وإثارة الصدامات الدموية في الشارع.
ورأى قنديل أن ضغوط الخارج ستصبّ في مصلحة الثورة، وتشكّل عاملاً مؤثّراً في إعادة مصر إلى دورها الإقليمي، وأن لا تكون ملحقة بأيٍ من الاستراتيجيات الكبرى في المنطقة، إلاّ من خلال التحرّر الكامل من الهيمنة الاستعمارية. 
 عن تأثير  الثورة المصرية على علاقات مصر الخارجية، تحدّث المحامي عبد السلام رزق، فقال: إن الثورة استعادت ما كان لمصر، وما يجب أن تكون عليه مصر في قيادة المنطقة وفي التصدّي لأعدائها؛ ولفت إلى تدنّي مستوى عددٍ من القضايا في السياسة الخارجية لمصر، وخاصّة الاستراتيجية منها في مرحلة مبارك. وأشار إلى أن أميركا تشعر بتغيّر الوضع في مصر بالنسبة لمصالحها، وأن الشعب المصري لم يعد منعزلاً عن حسابات اتخاذ القرار، وأصبح يُحسب له الحساب، إضافة إلى نظرة "إسرائيل" لمصر الجديدة وقلقها ممّا يجري فيها؛ وإن تقديمها اعتذاراً عن قتلها لجنود مصريين في سيناء، لدليلٌ واضحٌ على عدم قدرتها على فتح جبهة جديدة للصراع مع مصر.
كما أشار إلى دور مصر المركزي في عملية تبادل الأسرى الفلسطينيين مؤخّراً، ولفت إلى أن العلاقات المصرية-الإيرانية تسلك طريقها نحو التقدّم، داعياً إلى استمرار النقاش بين الطرفين لإبراز نقاط التلاقي والمصلحة المشتركة.
وختم رزق قائلاً: إن الوحدة العربية هي حلم كلّ عربيّ ومسؤولية كلّ مصريّ، وأكّد أنه لا توجد اتفاقيةٌ في العالم لا يجوز تعديلها تبعاً للتغييرات، معتبراً أنه سيتمّ التفاوض مع النظام المصري الجديد حول الاتفاقيات الخارجية مع مصر، من خلال قوّة الضغط الشعبي أوّلاً.


المحاضرة الأخيرة كانت للدكتور أشرف صبري، عضو المكتب السياسي لحركة 6 أبريل والعضو المؤسّس في حزب العدل وجمعية التنمية الثقافية لشباب الثورة، فتناول دور الشباب في مسيرة الأحزاب والحركات الشعبية، وعرض للحالة السياسية قبل الثورة المصرية، والتي كانت تتراوح بين حياةٍ حزبيةٍ وحركاتٍ شعبيةٍ محدودة، وأشار إلى أن الأحزاب التي كانت موجودة هي أحزاب معارضة داخل الحزب الوطني الحاكم!
وذكر صبري أن المشاركة الحزبية كانت تقتصر على مجموعةٍ من الشباب النفعي من أجل نيل امتيازاتٍ ورحلاتٍ مجّانية! وأكّد أن الشباب عادوا إلى الحركات الشعبية مجدّداً في إطار العمل السياسي الحرّ والثورة على الظلم. وعن موقف الإخوان المسلمين، قال صبري: نحن نلتقي معهم في المنهج التربوي الرائع الموجود في حركتهم، ولكن نختلف معهم في قضايا سياسيةٍ معيّنة. ومع تميّز شبابهم بنبل الأخلاق، وهم دافعوا عنّا في ميدان الثورة؛ ولكن، نتمنّى عليهم بلورة الفهم الحقيقي للإسلام!
في جلسة التوصيات، جرى نقاش موسّع بين الوفد المصري الزائر وبعض الباحثين اللبنانيين حول بعض الهواجس والقلق على الثورة المصرية، وخاصّة من صعود ما يسمّى التيّارات السلفية والتكفيرية؛ وهذا ما سوف تكشفه الانتخابات التشريعية المقبلة، مع تشديد المشاركين على الخيارات الحرّة للشعب المصري، رغم كلّ المغريات والعقبات.
وتلا أحد أعضاء الوفد المصري توصيات أكّدت على مطالب الشعب المصري الوطنية في الحرّية والعدالة والاستقرار الاجتماعي، من دون إغفال أهميّة قضية فلسطين في السياسة الخارجية لمصر الجديدة، مع التشديد على استقلالية القرار المصري وعدم تأثّره بأيّ ضغوط، وأن مصر هي جزء من الأمّة العربية والإسلامية، مع حفظ خصوصياتها، وأن الزمن كفيل ببلورة خيارات مصر الداخلية والخارجية على السواء!




 

2011-10-31 13:31:32 | 2552 قراءة

التعليقات

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد
مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية