التصنيفات » المجلة الفصلية

العدد الثاني والعشرون - ربيع 2008





تزاحمت التطوّرات والأحداث السياسية والأمنية خلال الشهور القليلة الماضية، سواء على جبهة الصراع الفلسطيني مع العدوّ الإسرائيلي، أو على صعيد المواجهة الأمريكية المفتوحة مع دول وقوى الممانعة والمقاومة في المنطقة، مع العلم بأن الصراعين المذكورين مرتبطان ارتباطاً وثيقاً، بحسب ما يعلنه أفرقاء الصراع أنفسهم، وكما تؤشّر الوقائع على الأرض. 
وقد ركّزنا في هذا العدد على ثلاثة محاور رئيسية: 
ذكرى مرور ستّين عاماً على نكبة الشعب الفلسطيني بقيام كيان الاغتصاب على حساب أرض وحقوق وكرامة هذا الشعب.
تداعيات عملية اغتيال "الموساد" للشهيد عماد مغنية، القائد العسكري للمقاومة اللبنانية. 
احتمالات تطوّر الأوضاع بعد انعقاد مؤتمر أنابوليس وزيارة بوش للمنطقة. 
في المحور الأوّل، أجرت المجلة مقابلة شاملة مع الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، الدكتور رمضان عبدالله شلّح، حول أبعاد إحياء "إسرائيل" للذكرى الستّين لاغتصاب فلسطين، بدعوة الرئيس الأمريكي بوش ومسؤولين دوليين لحضور هذه الاحتفالات، ولتأكيد الطابع اليهودي-الصهيوني للكيان بمواجهة التحدّيات المتعاظمة ضدّه! 
وقد فنّد الدكتور شلّح الطروحات المقدّمة لحلّ الصراع مع العدوّ، وبيّن مواقف حركة الجهاد منها ومن مختلف الأوضاع في الداخل الفلسطيني وفي المنطقة، مقدّماً رؤية فكرية-سياسية متميّزة في هذا الإطار. 
كما تضمّن المحور نفسه دراسة شاملة للأستاذ وليد محمد علي حول الذكرى الستّين لنكبة فلسطين، في أبعادها وتداعياتها، والمقترحات التي يمكن أن تسهم في تفعيل الصراع مع الكيان الغاصب لفلسطين، في ظلّ محاولات هذا الكيان الحثيثة لتشريع اغتصابه عبر الحصول على صك براءة فلسطيني وعربي، بعدما حصل على اعترافٍ أميركي وأوروبي لهذا الاغتصاب منذ زمنٍ بعيد!
أما في المحور الثاني، وهو عن تداعيات اغتيال الصهاينة للشهيد عماد مغنية، فقد عقِدت حلقة نقاش في مركز باحث للدراسات بحضور مجموعة من الباحثين الفلسطينيين واللبنانيين، تناول فيها المشاركون مختلف أبعاد عملية الاغتيال وتداعياتها المحتملة على صعيد صراع حزب الله مع "إسرائيل" بالخصوص، وعلى مستوى الصراع في المنطقة عموماً، بين ما يسمّى محور "الإرهاب والتطرّف" الذي يضمّ إيران، سوريا، حماس والجهاد وحزب الله، وبين ما يسمّى محور "الاعتدال" الذي ترعاه الولايات المتحدة، ويضمّ (ضمناً) إسرائيل، مصر، السعودية، الأردن، وحكومة السنيورة في لبنان!
لقد كشفت عملية الاغتيال الإرهابية للشهيد مغنية عن أن الحلف المعادي يصرّ على محاولة استعادة هيبته أو قدرته الردعية بعد الهزائم التي تلقّاها في فلسطين ولبنان والعراق وإيران، ولو عبر الأساليب العسكرية والأمنية الإرهابية (قصف المنشأة العسكرية في سوريا/إغتيال مغنية/نشر الأساطيل وتنفيذ المناورات المتتالية...)، والتي قد تكون بديلاً عن عجز هذا الحلف عن شنّ حروب جديدة غير مضمونة النتائج ضدّ محور الممانعة والمقاومة، برغم كلّ حملات التهويل التي شاركت فيها وسائل إعلام متنوّعة طيلة الشهور الفائتة، على المستويين اللبناني والعربي خصوصاً. 
كذلك عالجت أبعاد الاغتيال الإرهابي عدّة مقالات لمختصّين بشؤون الصراع مع العدو، حيث اتفق معظم المشاركين في الندوة السياسية والمقالات المذكورة على استبعاد حصول حرب إقليمية في المدى المنظور، أو خلال الأشهر القليلة المتبقّية من عهد بوش، مع التشديد على أهمّية الحيطة والحذر والاستعداد لأيّ عملٍ طائشٍ قد يقوم به الثنائي اليائس (بوش/أولمرت)، ويكون خارجاً عن سياق الحسابات المنطقية والظروف الموضوعية... 
أما في المحور الثالث، فكانت قد عقِدت في القاهرة ندوة أو حلقة نقاش برعاية "باحث للدراسات"، لمناقشة وتحليل ما قيل أنه مرحلة جديدة في المنطقة بعد انعقاد ما سمّي "مؤتمر أنابوليس" في تشرين الثاني 2007، والذي تبعته زيارة بوش المشؤومة في مطلع 2008. وقد شارك عدد من المختصّين والباحثين الفلسطينيين والمصريين في الحلقة المذكورة، التي ارتكزت على ورقة عمل أعدّها الباحث المصري الدكتور عبدالعليم محمد، تناول فيها آفاق المرحلة المقبلة وتأثيراتها على المستويين الفلسطيني والعربي، والحلول الممكنة للخروج من النفق العربي المظلم!
هذا العدد يصدر في أجواء الذكرى الحزينة للنكبة (1948)، وفي ظلّ زيارة ثانية لمجرم الحرب بوش، الذي يحتفل بقدومه بعض العرب كما احتفل بقدومه الصهاينة، ممّا يثير الاستهجان والاستنكار الشديدين لما آلت إليه أوضاع حكّامنا وأنظمتنا من تداعٍ وانكسارٍ وتبعية، تحت عناوين الواقعية والاعتدال والابتعاد عن التطرّف! 
لقد أكّدت هذه الزيارة لكلّ ذي بصيرة بأن الولايات المتحدة لن تتخلّى عن دعمها المطلق للكيان، لأسباب ودوافع سياسية أو دينية زائفة لا فرق، وأن "حلم" بوش بإعطاء الفلسطينيين دولة كاملة السيادة سيبقى حلماً، في ظلّ محاولاته المستميتة لفرض الكيان كدولة يهودية-صهيونية تحتل القدس (الكبرى) إلى الأبد، ولجعل إيران الإسلام العدوّ البديل والأوحد للعرب!
وتبقى مراهنة الشعب الفلسطيني المحاصر والمنكوب والمقاوم على تضحيات أبنائه وصبرهم، كما على قوى الممانعة والمقاومة التي أثبتت أهليّتها وجدارتها خلال المواجهات الأخيرة، وهي تزداد قوّة يوماً بعد يوم، باعتراف الأعداء أنفسهم... 




2013-09-26 09:36:31 | 1946 قراءة

التعليقات

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد
مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية