التصنيفات » المجلة الفصلية

العدد 36 - 37 ( خريف/شتاء 2012 )

 



يعتري كيان العدوّ الإسرائيلي في هذه المرحلة الخطيرة قلقٌ متنامٍ بسبب ما يجري حوله من تطوّرات وأحداث متسارعة، على المستويين الأمني والسياسي خصوصاً، بدءاً ممّا يحصل في مصر من ثورة متجدّدة على الحكم العسكري وصعود نجم الحركات الإسلامية والسلفية، المعادية في المبدأ للكيان الإسرائيلي(!)، مروراً بالاضطرابات في سوريا، في ظلّ صمود نظام الرئيس بشّار الأسد، الذي خيّب آمال قادة "إسرائيل" حين نجح في استيعاب الاحتجاجات الداخلية والهجمات الإرهابية، والتي انكفأت مؤخّراً إلى حدٍ بعيد، وصولاً إلى تسلّم الجماعات الإسلامية لسدّة السلطة في تونس والمغرب، مع توقّع تغييراتٍ مماثلة في اليمن والبحرين وغيرها من الدول العربية، والتي صارت أنظمتها عبئاً ثقيلاً على شعوبها، بسبب فسادها وتبعيّتها للأجنبيّ!

لكنّ "إسرائيل"، القلقة فعلاً، لم تكتفِ بالمراقبة عن كثب لما يحصل في جوارها المعادي والكاره لها، باعتبارها دولة غاصبة ومحتلّة وعنصرية وتوسّعية؛ بل هي سعت –وتسعى- لاستيعاب ما يجري وتوجيهه في مسارٍ مختلفٍ يصبّ في صالحها في نهاية المطاف!

من هنا نفهم المواقف الإسرائيلية الداعية لفتح حوارٍ مع الإخوان المسلمين في مصر (وغيرها) بهدف الحفاظ على ما يسمّى السلام والاستقرار في المنطقة، وللحدّ من النفوذ الإيراني (والشيعي)، كما يدّعي مسؤولو الكيان، الذين يُظهِرون حرصاً زائداً عن اللزوم على مصالح دول الخليج ومصر، في مواجهة "المدّ الشيعي" المزعوم!

ولا يخفى على أيّ متابعٍ ومحلّلٍ حصيفٍ أن كيان العدوّ يحاول بكلّ جهده ودهائه أن ينقل "كرة النار العربية" (الثورات والاضطرابات)، والتي تهدّد نفوذه ووجوده بالدرجة الأولى، ولو على المدى المتوسّط أو البعيد، أن ينقلها إلى داخل البيت العربي والإسلامي، بهدف إحداث فتن وأزمات دامية فيه، تُحرق الأخضر واليابس، ليبقى الكيان آمناً مطمئناً على وضعه ومصالحه وأطماعه التي لا تنتهي عند حدّ؛ بعدما فشل هذا الكيان (ومن خلفه الولايات المتحدة الأمريكية) في إخضاع شعوب المنطقة بالقوّة العسكرية والمجازر والمؤامرات الخبيثة، طيلة عقودٍ مضت، منذ قيامه المشؤوم على أرض فلسطين المقدّسة في العام 1948، عبر تواطؤ غربي-عربي فاضح!

إن التراجع (أو الاندحار) الأمريكي، عسكرياً وسياسياً، في العراق وأفغانستان خصوصاً، والذي وازاه تقييد كيان الاحتلال عن شنّ الحروب والاعتداءات الدامية كلّ بضع سنين، قد حصل تحديداً بسبب تضحيات القوى المقاومة والدول الداعمة لها، وليس بسبب "صحوة ضمير" أو إعادة قراءة أمريكية جذريّة للأحداث!

لكن، هذا التراجع الأمريكي والصهيوني لا يقلّل من خطورة ما يجري في فلسطين المحتلّة من عمليات تهويد للقدس والضفة الغربية والنقب، تحت عنوان استكمال بناء ما يسمّى الدولة اليهودية الديموقراطية!

في هذا العدد المزدوج الجديد من مجلة (دراسات باحث)، عدّة دراسات وأبحاث تتناول رؤية كيان الاحتلال لما يجري في مصر وسوريا، ولمصير المواجهة القائمة مع الجمهورية الإسلامية الرافضة بالمطلق لوجود هذا الكيان (والتي كان لسفيرها في بيروت رؤية شاملة حول الأوضاع في المنطقة، عرضها خلال ندوة خاصة في مركز باحث)، بالإضافة إلى تحليلاتٍ وتقارير تتعلّق بالملفّ الفلسطيني، وعدّة قراءات لكتبٍ تُعنى بالصراع –الصهيوني والدور التركي المتنامي في المنطقة!

2013-09-26 10:21:59 | 2065 قراءة

التعليقات

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد
مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية