التصنيفات » دراسات

ندوة في القاهرة في ذكرى وعد بلفور : العلاقات المصرية–الفلسطينية ، لن تتأثر ببعض الأحداث المفتعلة.

اعداد/ نعيمه أبو مصطفى
القاهرة – 4-11-2013
في ذكرى الوعد المشئوم الذي أعطى فيه من لا يملك لمن لا يستحق وعداً بإقامة وطناً قومياً على أرض " فلسطين" السليبة، والتي روى ترابها دماء أخلص أبناء الوطن العربي، شهداء قدموا أرواحهم، ودماءهم فداء لها،في هذه الأيام التي تتعرض فيها القضية الفلسطينية، قضية العرب المركزية، لأكبر هجمة صهيونية شرسة تستهدف سلخ فلسطين عن جسد الوطن العربي، وإبعادأهلها عن أشقائهم في الوطن ، وفي ظل تراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية على الساحة العربية و الدولية، نظم مركز الوعي العربي للحقوق والقانون بالقاهرة اليوم الأحد الموافق  10/11/2013، ندوة تحت عنوان " فلسطين عربية بكامل ترابها .. من البحر إلي النهر"، للتأكيد على عروبة القضية الفلسطينية، وتذكير الأجيال الحديثة بهذا الوعد المشئوم الذي قدمته بريطانيا للكيان الإسرائيلي وتحدث في الندوة المفكر العروبي  محمد يوسف الذي بدء بسرد جرائم العدو الإسرائيلي، والانتهاكات التي يقوم بها تجاه المرأة الفلسطينية، والأسرى،وبناء المستوطنات، وتهجير أهل فلسطين، وأخرها اصدار قانون جديد يسمح لليهود بالصلاة في المسجد الاقصى.
      حلل المتحدث اسباب تراجع القضية الفلسطينية، خاصة في الفترة التي حكم فيها الأخوان المسلمين مصر خلال العام الماضي، وتفضيل المصريين الاهتمام بالشأن الداخلي لهم، والانصراف عن متابعة وتأييد القضية الفلسطينية، حيث ان الوضع كان افضل قبل هذه الاحداث التي تمر بها مصر، خاصة عندما كانت احدى الجهات، أو المؤسسات، أو المراكز تدعو لفعالية تخص القضية الفلسطينية، كانت القاعات تمتلىء بالمهتمين بهذه القضية، والتفاعل معها. أما الان فلا يوجد ترحيب بالمشاركة في الفعاليات التي تخص القضية الفلسطينية، نتيجة الشحن الاعلامي تجاه الفلسطينيين، لارتباط حماس بالاخوان المسلمين، والذي تراجعت شعبية كلاهما في مصر، وبالتالي أثر ذلك بالسلب على وضع حركة حماس بشكل خاص ، وعلى الفلسطينيين، والقضية الفلسطينية بشكل عام.
سرد يوسف عمر القضية الفلسطينية، منذ التأمر الأوروبي على المقاومة الفلسطينية و العربية، والمستمر على مر التاريخ حتى يومنا هذا، وقال هذا يدعونا إلى التفكر و التساؤل عن أسباب هذا التأمر؟. ففي عام 1903 قال هرتزل للقوى الاستعمارية الموجودة في المنطقة العربية " نحن سنكون خدمكم في سيناء لنحفظ للغرب مصالحهم في هذه المنطقة"، في محاولة لترغيب القوى الاستعمارية في مساعدتهم على إقامة وطنهم المزعوم. وفي العام 1953 قال بن جوريون "أن المهمة الرئيسية لنا محاصرة طموح جمال عبد الناصر، والذي أقله هو إقامة دولة عربية ". وفي العام 1882 كانت جريدة الأهرام تمثل الاحتلال البريطاني حرفياً، وكانت تطلق على "هوجة عرابي"، أنها " عصابة عرابي" التي تسعى لإقامة دولة عربية واحدة.
نبه محمد إلى أهمية موقع فلسطين بالنسبة لمصر ، وأن جميع الغزوات التي اجتاحت مصر، واحتلتها، وقاموا بألغاء الشخصية المصرية، كانت من بوابة فلسطين، وأن الهكسوس احتلوا مصر 151 عام.
عن أسباب التأمر على العالم العربي قال المتحدث، في العام 1953 كان هناك 50% من الاحتياطي المؤكد من البترول موجود في المنطقة العربية، وكان سعر البرميل في أمريكا 78 سنت، وفي أمريكا الجنوبية 43 سنت، وفي الدول العربية 10 سنت، لهذا السبب كانت المنطقة العربية هدفاً رئيسياً، وعندما كان نابليون أمبراطور لم يكن على سطح الكرة الأرضية سوى مصر ليغزوها، ولم تكن هناك قناة السويس، ولكن مصر، وفلسطين، وسيناء قلب المنطقة العربية، ولم يكن هناك جزء من الدول العربية تم استثناؤه من الغزو الغربي، بل كلها وقعت فريسة الاحتلال الغربي.
 أكد يوسف أن الحرب العالمية الثانية كانت حرب بغرض الحصول على بترول العرب ، وأنه في العام 1941 قالت أمريكا أنها مستعدة لخوض حرب عسكرية للحصول على البترول، وكان القادة الأمريكان يصرحون بأنهم دخلوا هذه الحرب للحصول على "الزيت"، ويقصدون به البترول، ومعروف ان المنطقة العربية هي الجزء الأخصب على سطح الكرة الأرضية، وفلسطين جزء من قلب الكرة الأرضية، ولم تصبح بريطانيا، وفرنسا قوة ألا بعد احتلال مصر، وفلسطين، ودول الجوار.
      حفز الموقع الاستراتيجي للدول العربية، الدول الاستعمارية على احتلالها ، لأنها تتوسط بؤرة العالم، وهي الحاكمة بين أهم بحرين في العالم البحر الأبيض المتوسط، والبحر الأحمر، وأهمية قناة السويس على الرغم من وجود ممرات ملاحية عديدة، إلا أن أهمية قناة السويس ترجع لأنها كشفت عن البحر الأحمر الذي لم يكن معروف، أو مستخدم من قبل بنفس الأهمية التي ظهرت بعد حفر القناة. وأكد يوسف على أن قناة السويس هي التي مكنت الغرب كله من نهب الشرق كله، واحتلاله. 
ذكرنا يوسف بالعام 1947 عندما أقيم مؤتمر لليهود في بريطانيا التي منحت اليهود وعد بلفور، بإقامة وطن قومي لليهود في أغندا، أو الأرجنتين، أو فلسطين، ووقع الخيار على فلسطين العربية، وهو وعد باطل لأنه صدر من دولة لا تملك أرض فلسطين، للشعب اليهودي الذي لايستحق هذه الأرض لأنها لا تخصه. وعندما ذهب هرتزل إلى السلطان عبد الحميد ليوافق الأخير على إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، ولكن السلطان عبد الحميد رفض، وكانت الامبراطورية العثمانية على وشك الانتهاء، فقال عبد الحميد لـ هرتزل " أنتظروا بعد أنتهاء الامبراطورية العثمانية، يمكن تاخدو فلسطين ببلاش".
ذكر المتحدث أن الخط العدائي للأمة العربية ممتد منذ عصر نابليون الذي احتل مصر، وفي اليوم التالي بدء في حفر قناة السويس ليصل الشرق بالغرب، وكانت هناك مشكلة في حفر قناة السويس وهي أن البحر الأحمر أعلى بـ 10 سم من البحر الأبيض، وعندما جاء فرديناند دي لسبس ، الذي كان على صلة وثيقة مع سعيد أبن محمد على نتيجة واقعة قديمة تعرض لها ديلسبس هو و والده ماثيو عند قدومهم من سوريا، تعرض لهم قطاع طرق في الطريق لقتلهم، وتدخل محمد على لأنقاذهم ، فحفظوا له الجميل، وكانت النتيجة صداقة حميمة بين الأبناء ديلسبس، وسعيد، اللذان قررا حفر القناة، وكان ديلسبس يعمل كجاسوس فرنسي لدى محمد على.
عن المكانة الدينية، والروحية التى تمثلها فلسطين للعالم كله على مختلف دياناته الاسلامية، و المسيحية، و اليهودية، قال محمد أن هناك ارتباط روحي بين أرض فلسطين مهد الديانات ، ومهبط الرسالات السماوية، وفيها ذكريات تؤثر على أي شخص سواء لديه انتماء ديني أم لا.
نفي يوسف الادعاءات اليهودية الباطله بأن لديهم في العهد القديم مقولة "أن الرب قال لسيدنا إبراهيم من النيل إلي الفرات أرضك يا إسرائيل ، فهو وعد ألهي" ، ولو تتبعنا هذا الكلام نجد أن أكبر أبناء إبراهيم هو إسماعيل أبو العرب، وهم أولى بأن يرثوا أرض أبوهم إسماعيل، ولكن اليهود لا يعترفون بذلك بل يقولون لا يرثه الا أبناء أسحاق، وليس إسماعيل. وتعاليم الدين الاسلامي نزلت للناس عامة، وليست لبشر دون الأخرين، حيث أحترم النبي محمد عليه الصلاة و السلام جنازة اليهودي وقام وقف لها، وقال هي نفس بشرية. فهل يعقل أن الله أعطى وعد لشعب دون الأخر؟ ، طبعاً لأ، فكلها أفتراءات إسرائيلية لا أساس لها من الصحة.
    ربط محمد بين موقع السفارة الإسرائيلية بالقاهرة على الجانب الغربي من نهر النيل، بما يمثله هذا الموقع في الفكر الديني اليهودي ، وأن أرض إسرائيل تمتد من النيل إلي الفرات ، وتمسك السفارة الإسرائيلية بهذا الموقع، لكي تثبت لنفسها أنها ترفع العلم الإسرائيلي على ضفاف نهر النيل كما وعد الرب.
       أدان المتحدث موقف الرئيس السابق محمد مرسي على أنه اصدر قراراً بقطع العلاقات مع سوريا ، ولم يتخذ هذا القرار تجاه إسرائيل التي تكيل العذاب للفلسطينيين، وتحتل أرضهم، وترك العلم الإسرائيلي يرفرف على ضفاف النيل.
           أشار يوسف لموقف الكنيسة الغربية من الشرق ، وهو ما رصده المتحدث من خلال وداع القسيس للحملة الفرنسية الأولي التى كانت متوجهه لاحتلال الشرق العربي، وقف القسيس يودع الجنود الفرنسيين، ويدعو لهم بالتوفيق، وقال لهم "أذهبوا إلى الشرق لتعودوا لنا بخيراته" ، ولم يطلب منهم هذا القسيسالأماكن الدينية. وتكونت الدفعة الأولي من الحروب الصليبية على فلسطين من جنود خارجين على القانون، وكانو محكومين في جرائم بشعه، وتم اخراجهم من السجون، وإرسالهم إلي فلسطين ، وعندما دخلت الحملة الأولي إلى القدس بعد 3-4 ساعات في أول يوم تمكنوا من قتل أربعون ألف مواطن فلسطيني، لكي يخرسوا أي شخص أخر يفكر فى مواجهتهم، عليه أن يتذكر هذه المجازر البشعة التي قاموا بها، ويتراجع عن أي مقاومة ينوى القيام بها تجاههم. وتكونت الدفعة الثانية من الحملة الصليبية من قطاع الطرق، والمجرمين، وجزء بسيط من الجنود المدربين، وهذا يدل على رؤية الغرب لنا نحن أهل الشرق.
 تناول محمد الأهمية الاستراتيجية لمصر، ومدى ارتباطها بفلسطين، ولا بد من استرداد فلسطين لحماية مصر، والمنطقة العربية بالكامل، حيث تمثل مصر الهدف الرئيسي للغرب، لأنهم يعتقدون أنه إذا ما تم احتلال مصر فلا جدوى من الغزو، لأن مصر بها خيرات تكفي لإطعام أمبراطورية روما بالكامل،وخاصة القمح المصري، والأن مصر تستورد القمح. والسودان التي توحدت في يوم ما مع مصر تعبث بها إسرائيل، وقامت بتقسيمها للاستيلاء على ثرواتها الطبيعية، لأن السودان بها 200مليون فدان صالحة للزراعة، ومصر تعيش على 6 مليون فدان منذ عهد الفراعنه، وجنوب السودان يحتوي على احتياطي بترول يساوي ستة أضعاف ما هو موجود في السعودية، بالإضافة إلي الغاز الطبيعي، ومادتي اليورانيوم والكوبلت الذي تصنع منه القنبلة الذرية، لكل هذا يسعي الغرب للسيطرة على الشرق.
دعا يوسف الحاضرين إلي قراءة كتاب " فلسفة الثورة "، و" ميثاق العمل الوطني " في العام 1953، لأن جمال عبد الناصر لم يفرق ، أو يفصل بين الرغبة الاستراتيجية، والواقع الاستراتيجي عند الغرب لألتهام الشرق، واحتلاله، وميثاق العمل الوطني به نفس الكلام. وعندما قرأ بن جوريون كتاب فلسفة الثورة قال " لابد أن نقف ضد طموح عبد الناصر الذي لن يوقفه اقامة دولة عربية واحدة ".
تحدث المفكر عن دور الزعيم جمال عبد الناصر في أنشاء منظمة التحرير الفلسطينية، ومساعدة الراحل ياسر عرفات في تكوين المنظمة، وعندما اصطحبه عبد الناصر معه إلى روسيا، بوصفه قائد عربي يقود حركة تحرر وطني في فلسطين وطنه، وهي جزء من الثورة العربية. وبدءت المنظمة في الظهور ككيان معنوي يعبر عن المقاومة الفلسطينية. وكيف جاء أيمان عبد الناصر بعد أصابته، وحصاره في حرب 1948، بأن معركة فلسطين في مصر، وليست في فلسطين.
طالب يوسف في ختام كلمته أن لا يتمنطق، أو كتابة الصراع العربي- الإسرائيلي، أو الفلسطيني- الإسرائيلي، بل يتم استخدام المصطلح الصحيح، وهو الصراع العربي- الصهيوني. كما طالب في ختام كلمته الأنسان المصري بأن يغير، او يعدل في اتفاقية كامب ديفيد للحفاظ على سيناء، والمساعدة في تحرير فلسطين. كما طالب أيضاً أن تعود مصر لقوتها، وذاتها للقيام بواجبها الوطني، والعودة إلى روح جمال عبد الناصر، و البحث عن شبيه عبد الناصر في الفكر و المنهج. وأنهاء الانقسام الفلسطيني، والانتباه للمخططات الغربية تجاه المنطقة. وفي النهاية أكد على أننا لن ننسى، ولن نتخلى عن واجبنا تجاه فلسطين، وأن فلسطين عربية بكامل ترابها من البحر إلى النهر، وأن العلاقات المصرية–الفلسطينية ، لن تتأثر ببعض الأحداث المفتعلة التي اقترفها البعض.


 

2013-11-11 09:51:54 | 1784 قراءة

التعليقات

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد
مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية