التصنيفات » ندوات

التطوّرات الدولية: متغيّرات وانعكاسات




عقِدت في مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية في بيروت، بتاريخ 13/6/2014، ندوة سياسية، حاضر فيها سعادة السفير الروسي في لبنان ألكسندر زاسبكين، حول التطوّرات الدولية والإقليمية وانعكاساتها على أوضاع المنطقة عموماً، والقضية الفلسطينية خصوصاً.
وقد حضر الندوة جمع من الباحثين المتخصّصين وأساتذة الجامعات والمهتمين بالشؤون الدولية والإقليمية.
قدّم للندوة الأستاذ وليد محمّد علي، مدير مركز باحث للدراسات، مشيداً بالدور الروسي في الحرب العالمية الثانية، والذي أدّى إلى هزيمة النازية وإحداث توازنات جديدة في العالم، لصالح القوى والشعوب الكادحة والمستضعفة. ثمّ تحدّث السفير الروسي زاسبكين عن المرحلة الجديدة التي شهدها العالم منذ سنوات مع انتهاء الحرب الباردة بين الجبّارين: أمريكا والاتحاد السوفياتي (بعد انهياره)، داعياً إلى تقويم انعكاساتها الدولية على المستويين المتوسط والبعيد.



وأشار السفير إلى سياسة الرئيس الروسي بوتين التي اتبعها منذ أن استلم الحكم لأول مرّة في العام 2000، والقائمة على قاعدة الشراكة البنّاءة بين أوسع قوى المجتمع الدولي في مجالات الأمن العالمي والاقتصاد وغيرها، كما على تنسيق الجهود السياسية لحلّ الأزمات الطارئة سلمياً.



وأضاف أن الاستقلالية صارت الميّزة الرئيسية للسياسة الروسية، مع تفعيل التعاون والتفاهم مع دول "البريكس" وغيرها، معرباً عن اعتزازه بهذه السياسة الحازمة والمتوازنة للرئيس بوتين. وكشف السفير الروسي أن ما يجري في سوريا والعراق وليبيا، وما جرى في جورجيا ودول أخرى من أوروبا الشرقية (قبل سنوات) قد شجّع التطرّف والإرهاب ومحاولات الانقلاب على الأنظمة الشرعية، ضمن إطار مشاريع توسّع حلف الناتو التي ترعاها الولايات المتحدة وفرنسا بالدرجة الأولى. وتحدث زاسبكين عن الدور الغربي المشبوه في تأجيج الأزمة السورية ودور روسيا في منع الهيمنة الغربية المطلقة على المنطقة، من خلال استخدامها لحقّ النقص (الفيتو) في مجلس الأمن، فضلاً عن دعمها للدولة السورية بهدف مواجهة تلك السياسات، ووقف العنف واستخدام القوّة في العلاقات بين الدول، ولتشجيع الحوار السياسي بين الأطراف أو القوى المتنازعة.
ولفت إلى التأثير السلبي الخطير لما يجري في سوريا وأوكرانيا على وجه الخصوص على العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لأن قادة هذه الدول شجّعوا الانقلاب الذي حصل في أوكرانيا والممارسات القمعية للسلطة الجديدة، ورفضوا الحلّ السياسي بعد أن وافقوا عليه في البداية (ما حصل كان مخطّطاً له منذ وقت طويل). وتساءل السفير عن الأهداف الاستراتيجية من كلّ ما يجري في أوكرانيا، غير توسّع حلف الناتو أمنياً واقتصادياً في داخل ساحة النفوذ الروسي، مقابل تصاعد قوى التطرّف والإرهاب في كلّ مكان، والتي لا تلقى المواجهة المناسبة، واصفاً الوضع في الشرق الأوسط بأنه خطير بسبب عدم التعاون الغربي الجدّي لحلّ الأزمات المتفاقمة وضرب قوى الإرهاب بشكل حاسم وجذري.
ورفض زاسبكين في الوقت نفسه الاتهامات الغربية لروسيا بأنها تسعى لإحياء الإمبراطورية الروسية مجدّداً ، مع تأكيده على أن سقوط الاتحاد السوفياتي شكّل كارثة على العديد من شعوب العالم، وعلى شعوب المنطقة أيضاً.



وأخيراً، ردّ السفير الروسي على بعض مداخلات وأسئلة المشاركين في الندوة، حول موقع روسيا اليوم في ضوء التحوّلات الدولية والإقليمية الكبرى، موضحاً ان بلاده تعتمد في مواجهة تجدّد محاولات الهيمنة الغربية، على الشرعية الدولية وعلى تعاون شركائها ، مثل الصين ودول "البريكس" وبعض دول العالم العربي. وبعدما اعتبر أن الصراع الدولي والإقليمي الدائر حالياً كبيراً جدا،ً وأن له انعكاساته على المدى البعيد، أكّد رفض روسيا الحاسم لإعادة رسم الخرائط الجيوسياسية في أوروبا أو الشرق الأوسط، لأن تقسيم وتفكيك الدول العربية سيخلق نزاعات مستديمة في المنطقة، مشيداً بدور مصر بعد الثورة، مقابل رفضه العودة إلى الحرب الباردة مع الغرب مع استمرار العمل على إيجاد الحلول للأزمات الخطيرة مع الشركاء الفاعلين؛ فالوضع الروسي اليوم يختلف عمّا كان عليه الحال في زمن الاتحاد السوفياتي!
وقال السفير زاسبكين أن بلده يؤيّد إجراء تعديلات أو صيغ أفضل لعمل مجلس الأمن، لكن الرفض الأمريكي يصعّب تنفيذ هكذا هدف محقّ.



وأيّد من جهة أخرى التفاوض  الغربي مع إيران لحلّ قضية ملفها النووي بشكل سلمي وغير عسكري، مع إدانته منطق العقوبات عليها، وإبرازه الدور الروسي الإيجابي في هذا الملف.
كما رفض السفير تدخل روسيا في أوكرانيا عسكرياً لأنه سيكون بمثابة فخّ لها، مؤكّداً على أهمّية الحلّ السياسي. وتحدّث أخيراً عن المراحل التي مرّت بها قضية فلسطين ومواقف بلاده من هذه القضية المحقّة، والتي لم تتغيّر، وهي تقوم على أساس احترام قرارات الشرعية الدولية ودعم النضال الفلسطيني لنيل الاستقلال، واصفاً المصالحة الأخيرة بين حماس وفتح بأنها إيجابية، ومكرّراً الدعوة لمحاربة مشتركة لخطر الإرهاب المتنامي، والذي يتلقّى دعماً من بعض الدول في الغرب (وفي المنطقة)، والذي استفاق مؤخّراً على خطورة الجماعات الإرهابية الناشطة في سوريا وغيرها على الأمن الغربي عموماً!



 

2014-06-18 13:51:48 | 1908 قراءة

التعليقات

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد
مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية