التصنيفات » دراسات

تزايد حديث "إسرائيل" عن حرب لبنانية ثالثة بعد انتهاء حرب غزة وعن التجهيزات القائمة؟




مجلة "بمحانيه" العسكرية
8- 9-2014

ترجمة مركز دراسات وتحليل المعلومات الصحفية: أكدت محافل عسكرية صهيونية أنه ما إن توقفت حرب غزة، حتى انطلق قادة الجيش في حملة تحذيرات من تدهور الوضع لحرب ثالثة في لبنان، وبدأت "إسرائيل" تتحدث عن الجبهة الشمالية كما لو أن الحرب ستشتعل غداً، وتوقع البعض أن يكون هدف إثارة موضوع أخطار حرب ثالثة على لبنان، التغطية على ما يدور من معارك داخلية حول إخفاقات حرب الجرف الصامد في غزة، وإسكات صوت سكان الجنوب الذين ما زالوا يعيشون بقلق لأن الحرب انتهت.
لكن خطر القذائف والصواريخ ما زال ماثلاً، وهناك من يرى أن هذا التركيز على لبنان جاء ليخيف المواطنين، ويخلق حالة ضغط شعبي على وزارة المالية حتى تكف عن اعتراضاتها على زيادة الموازنة العسكرية.
وأضافت: قادة الجيش ووزارة الحرب يتحدثون عن أنفاق ادّعوا أن "حزب الله" حفرها من بلدات الجنوب، رغم أنهم أكدوا في الماضي القريب عدم وجود أنفاق في هذه المنطقة، واجتمع قائد منطقة الشمال، بنفسه مع السكان، ليعلن هذا الموقف، لكن قيادة ثالوث حرب غزة "نتانياهو-يعالون-غانتس"، اختارت هذا التوجه لتجعل من تهديدات لبنان وحزب الله العنوان المركزي لمعركتها الداخلية.
من جهته، قارن وزير الحرب "موشيه يعلون" بين حربي لبنان وغزة بقوله إنّ عملية الجرف الصامد، كحرب لبنان الثانية، حددت أن "إسرائيل" تواجه تنظيمات ذات ميزات عسكرية لا يستهان بها، مهدداً بأن جيشه اليوم على استعداد لمواجهة أي تحدٍّ، سواء من جانب حزب الله أو حماس أو التنظيمات التي تبزغ على خلفية إسلامية متطرفة، وصعد تهديده قائلاً: لن نتردد بتفعيل كامل قوتنا لضرب من يحاول تشويش حياتنا، وتشكيل خطر على مواطنينا وجنودنا، كما أثبتنا خلال الجرف الصامد.
وأضاف: الشرق الأوسط يغير وجهه، وبدل الجيوش الكبيرة تسيطر التنظيمات المتعطشة للدماء، وهي مدربة وتتمتع بمهارات، ومسلحة، ليس بالسلاح فقط، وإنما بالأيديولوجية التي تتحدى النظام العالمي والدول الغربية وحضارتها، معتبرا المس بموازنة الحرب، وما يتفرع عنها من أبحاث وتطوير وتسلح، سيدهور "إسرائيل" نحو أماكن يمنع الوصول إليها.
ولا يمكن من جهة المطالبة بجيش مدرب وماهر، مع قدرات تكنولوجية دفاعية وهجومية من الدرجة الأولى، وبمحاربين يصلون لساحة المعركة مؤهلين ومزودين بالسلاح في انتظار صدور الأمر، ومن جهة ثانية تكبيل يديه، هذا ليس شعاراً، فـ"إسرائيل" تحتاج لجيش قوي وجاهز لكل سيناريو، وليس لجيش يعمل لفترات طويلة دون خطط متعددة السنة، تمكنه من الدفاع عن سكان "إسرائيل" وأمنهم.

أنفاق جديدة
فيما تحدث "دان غولدفوس" قائد لواء حيرام "769" في الجيش، بصورة مفاجئة ومعطيات ملفتة عن وجود أنفاق لبنانية تمتد داخل الحدود الصهيونية، محددا عشرات الأهداف التي تضعها "إسرائيل" ضمن بنك أهدافها في أي حرب مقبلة مع لبنان، وبثها خرائط لبلدات الجنوب مع عشرات الأهداف التي تدعي أنها تحولت مخازن أسلحة.
وأعلن أن في لبنان مئة ألف قذيفة صاروخية تغطي "إسرائيل" من الشمال وحتى المركز والجنوب، وأن هذه الصواريخ مخزنة في لبنان ومعظمها في بلدات الجنوب اللبناني، القريبة من بلدات الشمال، محذرا أن أية مواجهة مستقبلية مع لبنان ستكون مختلفة كلياً عن حرب غزة.
وأضاف: ما تملكه "إسرائيل" من قبة حديدية لن تكون قادرة على مواجهة صواريخ حزب الله، والجيش يحتاج لمعدات حربية متطورة حتى لا تتكرر عملية تفجير مدرعة "النمير" في الشجاعية التي أدت لقتل 7 جنود واختطاف ثامن، وفي حال اندلاع مواجهة عسكرية في الشمال سيكون الجيش أمام تحدي كيفية التصرف لحماية المنشآت الحيوية، من القصف الصاروخي المكثف الذي ستتعرض له "إسرائيل"، وستضطر القيادة لاتخاذ قرارات صعبة، بينها إخلاء بلدات كاملة في الشمال.
في هذا الجانب، أصدرت شعبة الاستخبارات العسكرية وضباط في كتيبة الجليل، تقريرا عن تسلح حزب الله، وتعزيز قواته وتطورها، وتزوده بـ 100 ألف صاروخ من مختلف الأنواع، أثقل وأكثر دقة وأطول مقارنة بما استخدمها في حرب 2006، ويستطيع اليوم إطلاق ألف صاروخ يومياً، بينما لا تملك "إسرائيل" الرد الكافي، وفي الوقت الذي يجلس جنود الجيش الاحتياطي في بيوتهم بدل الوصول للتدريبات في قاعدة "تسيئيليم"، حول الحزب منطقة القصير في سورية لقاعدة عسكرية خاصة به.
وأضاف: هناك أكثر من 5 آلاف ضابط وجندي من الحزب يشاركون في الحرب السورية، ويكتسبون مهارات ضخمة، وكل محارب في التنظيم ذهب لسورية مرة واحدة على الأقل، وتعلم أساليب القتال داخل أطر تشبه الجيش النظامي، وتحولت قوات الحزب للقوة المحاربة المفضلة لدى الأسد التي تنفذ المهام الحساسة، كما تدرب رجال التنظيم على تحسين قدراتهم على إطلاق الصواريخ الطويلة المدى التي تعتبر حاسمة في الحرب المقبلة أمام "إسرائيل"، ومن الناحية العملية تقوم قوات الحزب بتدريبات حية منذ 3 سنوات، وهذا حلم كل تنظيم محارب.

الخطط الحربية
فيما قال الكاتب الصهيوني "يهوشواع"، لا يحتاج الحزب إذا أراد احتلال الجليل لحفر الأنفاق، إذ يكفي أن تجتاز القوات الخاصة السياج وتسيطر على إحدى البلدات، وفي القيادة الشمالية يعرفون أن تحذيرات زعيم الحزب جدية، ولذلك غيرت القيادة بشكل درامي خططها الحربية، وحولتها خططا دفاعية، تماماً كما في غزة، لكن التحدي في الشمال سيكون أصعب، هناك من يقول إن الحزب لا يملك مصلحة في شن حرب صباح غد، فالتنظيم يغوص في الحرب السورية، و"داعش" وتنظيمات الجهاد الأخرى تتحداه في البيت اللبناني، لكن وإن كانت الطلقة الأولى في الشمال لا تزال بعيدة، فمن المهم رؤية الصورة الكاملة في كل ما يتعلق ببناء قواته أمام الصدأ الذي أصاب الجيش.
ضابط كبير في القيادة العامة قال: على "إسرائيل" أن تستيقظ، فإذا لم تكن قواتها البرية قوية بما يكفي، فإنها ستواجه مشكلة في الشمال، يجب استخدام الزيادة المالية في الموازنة لتدريب قوات الجيش الاحتياطي، ويتحتم على الجيش تكريس الأموال لشراء المنظومات والآليات المتطورة، وربما تحديد خطة متعددة السنة لشراء الأسلحة.
كما سيضطر الجيش لتصحيح مفاهيمه بشأن الاعتماد على النيران الجوية والاستخبارات فقط، مقابل إهمال جيش البر، فقد اتضح خطأ هذا المفهوم في حرب غزة، ولجسر الفجوات، يتحتم على الجيش تحويل موازنات فوراً من سلاح الجو إلى سلاح البر.
وأضاف: يمكن الاستغناء عن قسم من طائرات "إف35" المتطورة التي لم تصل بعد، فكل واحدة منها تكلف 140 مليون دولار، والمبلغ الذي سيتم توفيره يجب تكريسه للاحتياجات الفورية العاجلة، ويمكن الجيش مواجهة كل التحديات مع 15 طائرة من هذا النوع، ولكن من دون سلاح الأرض لن ينتهي الأمر بشكل جيد، ما يعني تقليص تدريب الوحدات النظامية، وإلغاء تدريب قوات الاحتياط، الذي يعاني من نقص في الآليات المدرعة، فالجيش يملك حالياً عدداً قليلاً من المدرعات من طراز "نمير" المزودة بحماية كافية.
أما بقية المدرعات فهي من النوع القديم والخفيف التي رأينا مستوى تدريعها بكارثة المدرعة التي أصيبت خلال عملية الجرف الصامد في غزة.
وفي حال اندلاع حرب في لبنان، فإن المدرعات القديمة ستتحول لمصيدة مميتة أمام صواريخ الحزب المتطورة، وبالنسبة للدفاع الجوي لا يختلف الوضع كثيراً، فالجيش يملك اليوم 9 بطاريات فقط من القبة الحديدية، ومن الواضح أنها لا تكفي لمواجهة الكارثة التي ستحدث عندما يتم إطلاق الصواريخ على "إسرائيل"، وإن منظومة "العصا السحرية" المختصة باعتراض الصواريخ الطويلة المدى، ستصبح جاهزة بعد سنة فقط.
ولكن عندها أيضاً، ستعاني من نقص واضح: وهو أن تكلفة كل اعتراض صاروخي ستصل مليون دولار، وهذا كله، يحتم ضمان موازنة للتدريب والاستعداد لحرب مع الحزب أكثر شراسة وتدميراً، مما كانت عليه حرب غزة.



 

2014-09-13 12:31:15 | 1704 قراءة

التعليقات

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد
مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية