التصنيفات » ندوات

تحولات الحرب السورية نحو النصر وأثرها على الصراع مع الكيان الصهيوني


عقِدت في مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية في بيروت، بتاريخ 10/02/2016، ندوة سياسية حاضر فيها النائب السابق الأستاذ ناصرقنديل حول (تحولات الحرب السورية نحو النصر وأثرها على الصراع مع الكيان الصهيوني) بحضور جمع من الباحثين والمهتمين.
بعد تقديم من مدير مركز باحث، الأستاذ وليد محمد علي، بدأ قنديل كلامه بقراءة «هادئة» لما جرى في سورية منذ نحو خمسة أعوام، مع تركيز على العامل الإسرائيلي في الحرب الدائرة، على خلفية استهداف النظام السوري الذي قاوم المخططات الأميركية ـ الصهيونية في المنطقة بكلّ قوّة وحنكة منذ عقود مضت، وما يزال.



ولفت قنديل إلى أن قراءته ستتجنّب الخوض في العوامل الداخلية للأزمة السورية، وكذلك عامل الجغرافيا السياسية لسورية (موقعها الحيوي في قلب منطقة غنيّة بالنفط والغاز) على أهمية هذه العوامل مجتمعة.
وتحدث المحاضِر عن تقرير لجهاز الشاباك الصهيوني صدر في العام 2010، أي قبل اندلاع الحرب السورية، الذي دعا إلى تغيير النظام في سورية وإلى دعم محاولات تفجير أو تفتيت دول المنطقة، بعد فشل الكيان في تحقيق نصر عسكري حاسم على محور الممانعة والمقاومة، والذي يشكّل حزب الله في لبنان رأس حربته، مشيراً إلى فوارق جوهرية بين عهدي حافظ الأسد ونجله بشار، والذي «تمادى» في دعم المقاومة ووثّق علاقاته الاستراتيجية مع إيران، وبدأ بإحداث تحولات نوعية في بلاده، سواء داخل الجيش والأجهزة الأمنية، أو في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المختلفة، إلى المستوى الذي دقّ ناقوس الخطر لدى القيادات الصهيونية ومراكز الدراسات والأبحاث في الكيان المحتلّ لفلسطين.
وبما أن حرباً إسرائيلية مباشرة ضدّ نظام الأسد كانت صعبة، بل شبه مستحيلة في تلك المرحلة، ردّت «إسرائيل»، ومن خلفها الإدارة الأميركية، من خلال ما سمّي (الحرب الناعمة) لضرب المجتمع السوري ومجتمع المقاومة في لبنان، كما البيئة الداعمة والحاضنة لها في المنطقة وصولاً إلى إيران..



وأورد قنديل أمثلة عديدة على الاستهداف الإسرائيلي للنظام السوري (عسكرياً ـ أمنياً) قبيل الحرب السورية أو خلالها (اغتيال طيّارين سوريين/ اغتيال مسؤولين أمنيين ينسّقون مع المقاومة/ ضرب شحنات أسلحة للمقاومة...).
وقد تطوّر هذا الدور التخريبي الإسرائيلي بعد بروز القوى والجماعات التكفيرية، والتي نسّق بعضها (جبهة النصرة..) مع قوات الاحتلال الصهيوني في الجولان ومنطقة القنيطرة بشكل مباشر بهدف إبعاد الجيش السوري عن المنطقة وإنهاك النظام وتسعير الحرب الداخلية في سورية.
وأكد قنديل أن جماعات التكفير نشأت برعاية غربية ـ إسرائيلية، وهي تسعى لتحقيق ذات الأهداف التقسيمية لدول وشعوب المنطقة، والتي تحدث عنها خبراء ومحلّلون غربيون وصهاينة منذ عقود من الزمن، مذكّراً بتهديدات كولن باول للرئيس السوري بشار الأسد قبيل الغزو الأميركي الوحشي للعراق في آذار 2003، وصولاً إلى لقاء الأسد ـ موراتينوس (المبعوث الأوروبي) قبل الحرب السورية الأخيرة، والذي حمل معه تهديدات أميركية واضحة بموازاة إغراءات سياسية ومالية للنظام السوري مقابل تخلّيه عن المقاومة وعن إيران...
وأشار المحاضِر إلى الدور التركي الخطير في المخطّط الذي ينفّذ في سورية وعبرها، تحت غطاء «إسلامي معتدل»، وبإرادة أميركية غربية وصهيونية واضحة، فضلاً عن دور النظام السعودي التدميري في هذا السياق، حتى باتت الحرب الدائرة في سورية اليوم هي حرب مكشوفة ومفتوحة بين محورين: محور الممانعة والمقاومة بقيادة إيران، ومحور الخضوع والعمالة لأميركا والكيان الصهيوني بقيادة السعودية الوهّابية..



ويبدو في آخر القراءات لما جرى ميدانياً خلال الأسابيع الماضية في سورية (والعراق) أن الغرب قد سلّم بقوّة النظام السوري وحلفائه وأنه يريد عقد صفقة أو تسوية تشمل بقاء الرئيس بشار الأسد في السلطة، مع ترتيبات داخل وخارج سورية تضمن مصالح الأميركيين الذين أوشكوا على رفع يدهم السوداء عن المنطقة؛ وهذه الضمانات يريدها هؤلاء من الروس والإيرانيين بشكل محدّد!
كذلك، فإن «الإسرائيلي» قد اختار مسار تجويف المحور المعادي له بدل مناطحته ومواجهته مباشرة، مع السعي لوضع ضوابط (دولية وإقليمية) تكبح جماح حزب الله في لبنان، والذي تنامت قدراته وخبراته بفعل اشتراكه الميداني الواسع في الحرب السورية، وبما أقلق قادة كيان الاحتلال ودعاهم لاستنفار كلّ إمكانياتهم وعلاقاتهم لمحاصرة المقاومة المنتصرة في سورية، والتي انتصرت من قبل في العام 2000 والعام 2006 على أعتى قوّة تدميرية في المنطقة.
إذاً، بات الكيان الصهيوني اليوم أمام خيار إنهاك أو محاصرة المقاومة، سياسياً وعسكرياً وأمنياً ومادياً، بعدما سلّم بعجزه عن تصفيتها أو إسقاط النظام السوري الداعم لها، سواء بحرب مباشرة أو بالوسائل الأخرى، لأن أيّ حرب إسرائيلية مستقبلاً ستكون حرب وجود وليس حرب حدود، مثلما كانت حرب تشرين 73.
لكن، يتابع قنديل، ثمة تفكير إسرائيلي بخوض حرب قصيرة جداً ضد حزب الله تمهيداً لتأمين سياج سياسي وأمني متين (مضمون أممياً) لكيان العدو، بعد انسحابه (المفترض) من مزارع شبعا إثر هذه الحرب المحدودة!
وأشاد المحاضِر بالدور الروسي، العسكري والسياسي، والذي أفشل اندفاعة المحور المقابل وكسر شوكة الجماعات التكفيرية في سورية، وأقلق كيان الاحتلال رغم التنسيق المحدود بين الكيان والروس في ما يخص الوضع السوري، عسكرياً وأمنياً بوجه خاص..



وبشّر قنديل بأن الانتصار الآتي لقوى ودول محور الممانعة والمقاومة سينعكس سلباً على الدول الداعمة للجماعات التكفيرية (السعودية وتركيا وقطر...)، وربما يمهّد لتسوية أميركية قد تُفرض على نتنياهو رئيس الليكود اليميني في الكيان؛ وفي كلّ الحالات، فإن مشروع المقاومة يبدو هو المنتصر في ساحات المواجهة وصولاً إلى اليمين، وبما سيؤسّس لمعادلات جديدة في المنطقة، لم تكن بحسبان الأميركيين والصهاينة وحلفائهم حتى في أسوأ كوابيسهم..
وختم المحاضِر بأن الاستراتيجية الصهيونية ـ الأميركية باتت تقوم في القادم من الأيام على مسار مزدوج:
السعي لحصر المواجهة المقبلة (المفترضة) بحزب الله والتسليم بالحقائق الإيرانية والسورية (بقاء النظام وقوّته)، من ضمن تفاهم مع المثلّث السعودي ـ الأميركي ـ الغربي على هذه المعادلة من جهة؛ والسعي لتحويل العلاقة الإيرانية ـ الأميركية الجديدة (بعد تنفيذ الاتفاق النووي معها ورفع الحصار عنها) والحضور الروسي المؤثّر في سورية، إلى مصدر ضمانات للكيان بعدم شنّ أي حرب عليه مستقبلاً، من جهة ثانية، مؤكداً (المحاضِر) أن هذا التوازن الجديد سيظهر في ميدان المقاومة بقدرة الردع عبر لبنان وقدرة الاستنزاف القائمة في فلسطين، ومع تعافي سورية المنتصرة وإيران الصاعدة على كلّ المستويات؛ والذي سيتجسد ثقلاً عسكرياً وسياسياً واقتصادياً مسانداً لقوى المقاومة، ضمن المعادلات الإقليمية والدولية الجديدة، والتي تُرسم بالدم حالياً في سورية والعراق واليمن وفلسطين...

2016-02-12 14:57:12 | 8151 قراءة

التعليقات

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد
مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية