التصنيفات » لقاءات

زيارة السيد خرازي إلى مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية



في إطار زيارته إلى لبنان عقد السيد كمال خرازي رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية ووزير الخارجية الأسبق للجمهورية الإسلامية الإيرانية بتاريخ 18/03/2016 لقاء في مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية مع عدد من المفكرين والباحثين المتعاونين مع المركز (مجدي حماد، طلال عتريسي، حسن حدرج، مروان عبد العال، الياس فرحات ووليد محمد علي) وحضر اللقاء سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية السيّد محمد فتح عليّ والوفد المرافق لمعالي الوزير.
بداية تمنى السيد خرازي أن يكون هذا اللقاء فرصة للاستماع إلى وجهات نظر الحاضرين في الشأن الفلسطيني والتطورات الحاصلة في المنطقة وانعكاسها على القضية الفلسطينية وطرح الأسباب التي أدت للوصول إلى هذه النتيجة التي نحن عليها الآن.
وأكد للحاضرين بأن إيران احتضنت القضية الفلسطينية منذ انتصار الثورة وسوف تبقى هي القضية الاستراتيجية الأساس بالنسبة لها بالرغم من أنها دفعت أثماناً باهظة نتيجة لهذا الخيار من قبل القوى الاستكبار الكبرى والدول الرجعية في المنطقة ولكنها ظلت متمسكة باعتبار هذه القضية هي دينية لا يمكن التخلي عنها. 



وقد تنوعت آراء الحاضرين فكانت المداخلات التالية:
* بداية لا يمكن أن ندخل إلى القضية الفلسطينية إن لم ندخل من خلال الوجه العام للمنطقة في منطقتنا الجغرافية في بعديها العربي والإسلامي حيث توجد قضايا وهويات جامعة وقد اختصرها بنماذج ثلاثة:
الأول هو تحول النظرة باتجاه الكيان الصهيوني من اعتباره كيان غاصب ومحتل يهدد المنطقة برمتها إلى كيان معترف به على المستوى الرسمي ويُتعاطى على أنه أمراً واقعاً في منطقتنا وألمح إلى خطورة الرجعية العربية من خلال نجاحه بتحويل العدو من العدو الصهيوني إلى إيران.
والنموذج الثاني هو تصفية القضية الفلسطينية وخاصة المتعلقة بـ(حل الدولتين ـ إنجاز التسوية ووقف إطلاق النار ووقف الاستيطان وحق مقاومة الشعب ورفض الكيان الصهيوني وهذه جميعها مؤشرات على مدى ما وصل عليه الرأي العام تجاه إسرائيل بدليل الصمت المطبق تجاه ما يحصل من جرائم وانتهاكات يومية بحق الشعب الفلسطيني وكأنه يعيش في كوكب آخر. 
أما النموذج الثالث فكان تراجع وحدة الأمة وتفكك أواصر العلاقات الأخوية والإسلامية ليحل محلها التحريض المذهبي والعرقي والعنصري وتغلغل الفرقة والتجزئة وصولاً للاستعداد لتقسيم المنطقة وإنتاج عداوات وهذا دليل إضافي لنجاح آل سعود بإنشاء حركات مقاومة على لوائح الإرهاب ....
وخلص إلى أن هذه النماذج تضعنا أمام مسؤوليات وتحديات تجعلنا معنيون بإعادة تصويب البوصلة واستعادة القضايا إلى محلها وبرأيه أن الجمهورية الإسلامية تشكل الرافعة بهذا الشأن وعليها إعادة الأوضاع إلى مكانها.

* أن النظام العربي الآن بدون استثناء أقرّ بمبدأ التسوية مع إسرائيل بدءاً بقمة فاس سنة 1982 التي أقرت لأول مرة مشروع الصلح العربي والتي هي أسوأ من كامب ديفيد لأن الأخير كان بمبادرة من رئيس عربي الذي تم اغتياله فيما بعد. أما في فاس فقد كانت تضم زعماء عرب اعترفوا بوجود إسرائيل بما في ذلك ياسر عرفات وأعيد ذلك في قمة بيروت (2002) بمزيد من التنازلات التي قبلها العرب وخاصة تصفية حق العودة واستبعاد قوى الممانعة. لأن التفاوض مع إسرائيل يلغي تماماً فكرة الممانعة.
بالنسبة لاتفاقات أوسلو برأيه أنه شئنا أم أبينا كل القوى الفلسطينية أبدت تنازلاً صريحاً أو ضمنياً على قيام إسرائيل على حدود 67 التي تساوي 70% من فلسطين المحتلة بما فيهم مصر.
وشدد على غياب قضية فلسطين عن الخطاب العربي التي لا تزال العقبة في جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الإسلامي ولكن الكارثة هي مبدأ التنازل.
أن النظام السعودي يغير أولويات الصراع مع إسرائيل إلى إيران وهذه الحقيقة ظهرت مع تحركات السعودية الأخيرة إلى جانب مصر والجزائر (نتحدث عن البلاد العربية التي ما زال النظام موجود فيها) وبضغط أميركي لهذا التغيير الرسمي أصبحت إيران هي العدو وليست إسرائيل.

* الموافقة على تطوير العلاقة مع الأحزاب والدول والحركات اليسارية مع إضافة اقتراح في موضوع القضية الفلسطينية هو أن على حماس أن تلعب دوراً مهماً بهذا الصدد لأنها حركة فلسطينية وهو يرى بأنها قادرة على مستوى التصور أن يكون لها دوراً رئيسياً رغم صعوبته بعض الشيء. فعندما تقول حماس بأن المشكلة ليست بين السنّة والشيعة وأن إيران ليست عدوة فهذا الأمر يمكن أن يؤدي إلى امتصاص هذا الاحتقان خصوصاً أنه وصل إلى الوعي الفلسطيني في الداخل لهذا السبب يجب العمل على حماس بهذا الخصوص.

* أن عقيدة أوباما هي جزء من تنظيم تراجع ولا يستطيع الاستمرار مستقبلاً فهناك طرفان الصهيونية ـ التكفيرية بقيادة السعودية وهو جزء من التشويش على كل الذي يحصل في المنطقة وشدد بأن هناك جيل جديد بدأ يذهب لقتال إسرائيل بكل المنطقة وهي رسالة قوية للذين يقفون عاجزين عن مواجهتها وبرأيه المنطقة تعيش مرحلة رمادية.

* أن الاستكبار لا يزال هدفه الرئيسي هو الاستيلاء على المنطقة ولم يتراجع عن هذا الهدف فهو يسعى في إطار ترسيم العالم الجديد إلى السيطرة على منطقتنا بالرغم من الصعوبات التي تواجهه والعقبة الأساسية تجاه قبوله في المنطقة هي فلسطين لذا يسعى لتسوية بصيغة تلغي القضية ولكن من حسن حظنا بأن طبيعة المشروع الصهيوني هي ما يمنع من تنفيذ مخططاته بالرغم من أنهم عملوا على فكرة كي الوعي لدى الشعوب واختلاق خلافات مذهبية وحركات لقلب الصورة وكذلك استفادوا من مراكز الأبحاث ودراسة الثغرات الموجودة في منطقتنا (وسائل إعلام ـ تغلغلو في المجتمع المدني...) ولكن علينا برأيه التركيز على الوحدة وإيران نجحت بتطوير العلاقات مع أميركا اللاتينية وهي قادرة على بناء علاقة مع الدولة العربية انطلاقاً من التركيز على المشتركات.
قضية فلسطين متعددة الأوجه فلها وجه وطني وعربي وديني وإنساني وهي أوجه متساوقة وليست متضادة. وبالنسبة للانتفاضة فهي انتفاضة شباب بامتياز حتى الكادرات التي تسهم بها تسعى إلى إظهارا لانتفاضة بأنها لفلسطين وغير تابعة إلى أي تنظيم. فطبيعة القضية الفلسطينية هي تصعد من يدرك حقيقتها كقضية مقاومة من أجل التحرير. ففي الستينات كانت حركة القومية العربية (لبنان) هي المسيطرة وعندما جاءت فتح (الفدائيين) أخذت الأمور تسحب منهم باتجاههم. فشعبنا شعب مسلم حتى المسيحيين في منطقتنا خلفيتهم الحضارية إسلامية.
ومن هنا فإن شعبية حركة حماس تولدت من خلال تبنيها للكفاح المسلح فإذا انسحبت حماس من هذا الخيار فهذا سيؤثر سلباً على شعبيتها لأن طبيعة الصراع مع الكيان قائم على المقاومة من يقاوم يأخذ الشعبية لأن المقاومة وحدها القادرة للوصول بنا إلى الوحدة والتحرير.
وأخيراً شدّد على ضرورة التصدي للمشروع الوهابي وذلك بتعزيز العلاقة مع الأزهر ومصر والزيتونة (المغرب الغربي) لأنهم الأقدر.




وكان للسيد خرازي تعليقاً على كل ما تقدم:
إن سياستنا تقوم على دعم حماس المقاومة للكيان الصهيوني بالرغم من اختلافنا معها بأي شأن صغير. ويجب علينا أن لا نطلق أحكاماً على التفاصيل لأنه يجب أن ننظر إلى جميع العوامل التي تبلورت لتصل إلى هذه النهاية. 
وأن الحركات الإسلامية هي مباركة وقد استطاعت أن تحقق إنجازات كبيرة مثال حزب الله وهو مقاوم غني عن التعريف كذلك حماس لولا وجودها لكان الصلح مع إسرائيل أسهل بكثير وبرأيه أن هذه الحركات لا تتحرك بشكل اعتباطي بل هي لديها أهداف ومسارات تعمل إلى الوصول إليها.
فحزب الله كحركة مقاومة يعمل بشكل أساسي لطرد الاحتلال وعدم تكرر الاعتداء الإسرائيلي وقد استطاع المزج بين الديني والوطني. وكذلك حماس هدفها الأساسي هو تحرير فلسطين وهو يتكامل مع الهدف الديني. وهذا الأمر يعطي طاقة للمقاوم لأن النزعة الدينية تجعله أقوى وأشجع على مواصلة الكفاح والمقاومة.
وبالنسبة لإيران فسياستها يحددها القائد والمسؤولين من خلال الاستراتيجية وليس من خلال بعض المواقف التي تخرج عن سياسة الدولة. من ناحية أخرى فقد اعتبر انتصار الثورة الإسلامية في إيران خطراً كبيراً يهدد بعض الأطراف والدول في المنطقة وهذا ما أدى إلى شن عدوان عليها بمساندة بعض هذه الدول التي تحسست هذا الخطر. ولكن الجمهورية استطاعت أن تتخطى كل ذلك وتصبح دولة مستقلة وهذا الاستقرار زاد من شعور البعض بالخطر على مصالحه الخاصة.
وتطرق السيد خرازي إلى ظاهرة إيران فوبيا التي تعمل على نشرها القوى الاستكبارية وهي تجهد بالخفاء لتخويف العرب من إيران بحجة أنها بلد شيعي والأغلبية هي سنية. وكذلك بأنها بلدي غير عربي بترويجهم لمقولة الصراع بين العرب والفرس واختلاف اللغة بين الشعوب (عربي ـ فارسي).
علماً أن الجمهورية الإسلامية تدعم الحركات المقاومة بغض النظر عن بعدها المذهبي.
وبغض النظر عن هذه الاتهامات المذهبية تجاه إيران وخاصة أنها تستند إلى بعد إسلامي أصيل واستطاعت بذلك أن تتحدى كل هذه الافتراءات لأجل ذلك فإن هذه الدول تستشعر بالخطر.
لذا وبناء على ما تقدم من الواجب علينا أن نعمل على نشر الوعي وأن نستفيد من كل الأساليب لمخاطبة الفكر السني ضد المخاطر وأن نشرح لهم ما تقوم عليه إيران. 

2016-04-04 23:41:15 | 4610 قراءة

التعليقات

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد
مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية