التصنيفات » ندوات

ندوة سياسية في تونس حول القضية الفلسطينية 24/4/2016

عقد مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية ندوة مشتركة مع الرابطة التونسية للتسامح في العاصمة تونس - نزل الماجستيك في 24/4/2016 حول القضية الفلسطينية، والتي حاضر فيها كلٌ من:

الأستاذ عدنان بسيسي، الخبير في شؤون الأسرى، تحت عنوان "آثار التعذيب النفسية والجسدية على الأطفال الأسرى الفلسطينيين من طرف العدو الصهيوني"

والدكتور عصام حجّاوي، رئيس الجالية الفلسطينية في سكوتلاندا ومن مؤسّسي شبكة فلسطين الموحّدة، بعنوان  " وعد بلفور .. لن ننسى ولن نتسامح".

كلمة الترحيب كانت للأستاذ صلاح الدين المصري، رئيس الرابطة التونسية للتسامح، والذي بدأ ترحيبه من مشهد انتصارات المقاومة وما تقدمّه للأمّة من إنجازات تستحقّها للعيش بكرامة وعزّة؛ استحقاق الوجود والتغيير الذي يطمح له أحرار الأمّة والعالم. ولعلّ فلسطين تختزل كلّ المعاني النضالية في التاريخ الإنساني، وان مشهد الطفولة في فلسطين شبيه بمشهد البشرية المعذّبة، من حيث هذا الطفل الذي أبهر العالم بصموده وشجاعته، سواء في الانتفاضة الأولى بحجارته، أو في الانتفاضة الراهنة بسكينه.

وأضاف الأستاذ المصري أن هذا النشاط المشترك ليس إلاّ تعبيراً عن وحدة المعركة ووحدة الهدف ووحدة النضال العربي في وجه العدوان التكفيري الوهابي الذي يستهدف تصفية قضية فلسطين وتحقيق مشروع "إسرائيل" الكبرى. وقال: إننا في تونس لا نشعر لحظة خلال نضالنا أن هناك مسافة تفصل التونسي عن الفلسطيني أو أيّ مناضل في العالم، لأن المناضلين والمقاومين لهم وجه واحد في العالم، كما يقول مظفّر النوّاب. ودائماً نحن أمام قامة النضال الفلسطيني نتعلم ونأخذ عبر الصمود والانبعاث الدائم رغم كلّ المؤامرات. وأنتم إخوتنا وأحبّاؤنا وقدوتنا نستمدّ منكم الأمل والتفاؤل، كما نرجو أن نكون بمشاركتنا في مقاومة الاحتلال قد ساهمنا في تحمّل المسؤولية تجاه الأمّة التي ستظلّ حيّة رغم استمرار تسلّط الأنظمة الرجعية عليها. ولعلّ هبة انتفاضة تونس في شهر آذار/مارس 2016، قد أكدت مجدّداً أن شعبنا في تونس، ورغم كلّ حملات التضليل والهجمة الإعلامية الصهيو ـ وهابية في عمقه، ستظلّ فلسطين حيّة وموجودة في قلبه وفي قلب كلّ عربي، كما في قلب كلّ فلسطيني حرّ.

الأستاذ عدنان بسيسي عرض في محاضرته لمجموعة من البيانات والإحصاءات الميدانية حول الآثار النفسية والجسدية على الأطفال الأسرى الفلسطينيين، بمختلف أعمارهم وأوضاعهم الاجتماعية والصحيّة.

أضاف : دأبت "إسرائيل" منذ احتلالها لأرض فلسطين على ممارسة التعذيب بحقّ المجتمع الفلسطيني بكافة فئاته وشرائحه، بما في ذلك الأطفال. فمنذ احتلال الضفة الغربية في العام (1967) اعتقلت "إسرائيل" آلاف الأطفال وسجنتهم وعذّبتهم  وحاكمتهم، مُخترقة بذلك أبسط قواعد القانون الدولي الذي يجرم اعتقال الأطفال أو تعذيبهم أو محاكمتهم... إلخ.

وبما أن جهاز الأمن الإسرائيلي الشاباك (الأمن العام ) وقوّات الشرطة والجيش هي من تقوم بعمليات اعتقال واحتجاز واستجواب الأطفال، فقد مارست هذه الأجهزة عمليات تعذيب ممنهج ومنظّم بحقّ الأطفال عند اعتقالهم، وبشكل خاص أثناء عمليات الاستجواب والتحقيق. وفي جميع الحالات تقريباً، يمارس المحقّق نفس مستوى الضغط النفسي والجسدي على الطفل، تماماً كما يمارسه على البالغين، متجاهلاً بذلك اتفاقيه حقوق الطفل ـ المادة 37 الموقّعة في عام 1989.

وأضاف: رغم ما جرى من توثيق لعمليات تعذيب الأطفال الفلسطينيين من قبل الاحتلال عن طريق الكثير من الشهادات المشفوعة بالقسم، وكذلك تسجيلات وسائل الإعلام بمختلف أنواعها، لم يتم إعداد أبحاث ودراسات علمية كافية، ولا البحث في نتائج التعذيب على هؤلاء الأطفال بشكل موسّع، وبما يتلاءم مع حجم الظاهرة، حيث لوحظ ارتفاع ملحوظ في أعداد الأطفال الذين يتم اعتقالهم في الضفة الغربية، بما فيها القدس – خاصة في الأعوام 2013، 2014 و2015. كما يمكن اختزال الإجراءات التي يجب اتخاذها بحقّ هؤلاء الأطفال والأسرى عموماً كالتالي:

ـ حوالي  35 % من الأسرى المحرّرين بحاجة إلى خدمات العلاج النفسي في مراكز متخصّصة وفق قاعدة البيانات. وتزيد النسبة لتصل إلى 55% لدى الأطفال.

ـ يحتاج 70% من الأسرى لفترة أقصاها عام واحد للعلاج والتأهيل النفسي والاجتماعي و20% يحتاجون لأكثر من عام، خاصةً الحالات الشديدة والمزمنة،  و10% منهم بحاجة إلى أدوية نفسية.

ـ 65% من الأسرى يعانون من البطالة لأسباب صحيّة ونفسيّة، وهذا يتطلب تأهيل من هو بحاجة للتأهيل المهني بعد تقديم خدمات العلاج  له وتوفير محفّزات تشغيل الأسرى سواء في القطاع الخاص أو  في مشاريع مشتركة  ضمن جمعيات تعاونية.

غالبية  الأطفال الأسرى بحاجة إلى تدخل وعلاج، وخاصةً أن عدداً كبيراً منهم  يتسرّبون بعد اعتقالهم من المدرسة، و77% منهم يتراجع مستواهم الأكاديمي نتيجة الصدمة النفسية .

 

وبناءً على ما تقدّم، يُعتر العام الماضي مؤشّراً خطيراً على تزايد الانتهاكات الإسرائيلية بحقّ الأسرى، ومن أهم نتائجها الصدمة النفسية على نطاق واسع بفعل تعدّد مصادر الصدمة من الاحتلال والمستوطنين وتنوّعها، من الاعتقالات التعسفية والتعذيب إلى الإعدامات الممنهجة للأطفال والنساء.

بدأ الدكتور عصام  حجّاوي مداخلته من أوّل جُرم وقع في حقّ فلسطين، وهو وصول أوّل فوج من المستوطنين البولنديين سنة 1882، لتتلاحق بعده الأفواج متصاعدة عدداً وعدّة، ضمن مخطّط مبيّت مسبقاً والذي كان يمثل مشروعاً استيطانياً قام على شراكة بين الرأسمالية الغربية ومنظّري الفكر الصهيوني، وحيث كانت بريطانيا هي الراعي والمشرف الأساسي عليه، ومن خلال إصدارها لقرارها الحكومي في 02-11-1917 تحت عنوان وعد بلفور، والذي وعدت فيه الحكومة البريطانية بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.

أضاف حجّاوي: بما أن هذا القرار لم يصدر من البرلمان البريطاني، فإنه شكّل جريمة سياسية لن تسقط بالتقادم. وضمن هذا الإطار، عرض المحاضِر مشروع تحرّك حقوقي وسياسي يعيد تظهير هذه الجريمة السياسية والحقوقية وما تبعها من احتلال وجرائم ارتكبها الكيان العنصري الإسرائيلي منذ قرن تقريباً، مع مطالبة المجتمع الدولي بإدانة بريطانيا وتحميلها كلّ مسؤوليات هذا الاحتلال البغيض وانعكاساته اللاحقة. 

ويقوم هذا المشروع على مسارين أساسين:  

1 ـ مسار حقوقي يتمثل في إعداد وثيقة قبل تاريخ 2-11-2017، وهو تاريخ مرور 100 عام على وعد بلفـــور المشؤوم. وتحتوي هذه الوثيقة على تواقيع 13 مليون فلسطيني بأسمائهم الشخصية في الداخل الفلسطيني والشتات. ويتم إنجاز هذه الوثيقة وتقديمها إلى البرلمان البريطاني قبل هذا التاريخ، ثمّ تقدّم دعوات قضائية إلى المحاكم الدولية ضدّ الحكومة البريطانية، وإلزامها بسحب هذا القرار وكلّ ما ترتّب عنه من احتلال ومجازر وتشريد.
2 ـ مسار سياسي يُستكمل على المسار الحقوقي، ويتمثّل في اعتماد وتفعيل هذه الدعوات القضائية والحقوقية لكسب معركة المقاطعة الأوروبية والأميركية وعلى المستويات الأكاديمية والشعبية للكيان العنصري الإسرائيلي. وقد شدّد الدكتور حجّاوي على فاعلية هذه التحرّكات والحملات، مستنداً إلى نجاح حملة مقاطعة "إسرائيل" فنياً وثقافياً مؤخراً، في مهرجان عالمي أوروبي ضمّ أكثر من 160 دولة، وكان يشارك فيه الكيان منذ سنة 1951 حتى سنة 2014، حيث طرِد ومنِع من المشاركة حتى هذه السنة . 

وختم حجّاوي كلمته بضرورة مواصلة الانتفاضة المباركة ومساندتها بكلّ الوسائل الممكنة من الداخل والخارج، وخاصة أنها جاءت لتنقض الواقع الفلسطيني الحالي وتُحيي روح الانتصار في شعب فلسطين من جديد، وخاصة بعد أن اعتقد العدو أنه نجح في كيّ وعي شباب فلسطين والأمّة؛ ولكنه تفاجأ بعكس ذلك تماماً، من خلال الانتفاضات المتلاحقة والمستمرة في فلسطين.

وتحدث الأخ ياسر المصري، عضو اللجنة المركزية ومسؤول الإعلام في حركة فتح الانتفاضة، عن العلاقة المتينة بين الشعب التونسي والشعب الفلسطيني، والتي برهن عليها حضور الشباب التونسي في الكفاح المسلّح ضدّ الغزو الإفرنجي لفلسطين وبعده الاحتلال الصهيوني، منذ بدايته وحتى اليوم، وذلك من خلال قوافل الشهداء وحركات المساندة والدعم الشعبي المتواصل، وخاصة في السنوات الخمس الأخيرة، في إطار ما سمّي بالربيع العربي. هذا الربيع الذي كان المقصود منه إدخال المنطقة العربية في أتون حروب طائفية ومذهبية بهدف تقسيمها وتصفية القضية الفلسطينية نهائياً. وتحدث المصري عن انطلاق الانتفاضة الأخيرة المعتمدة على قوله تعالى (وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة) والتي ستفتح طريق التحرير، مؤكداً أن هذا الجيل الذي يعتمد على قوّة الإرادة والعزيمة هو الذي سيحرّر فلسطين. وبالتالي، فإن هذه الانتفاضة تستحقّ منا الدعم والمساندة بكلّ الطرق الممكنة، لأن هذا الشعب الفلسطيني العظيم يواجه العدو الصهيوني باللحم العاري. وهو استطاع أن يحافظ على الحدّ الأدنى من نبض واستمرارية الانتفاضة الحالية من خلال المواجهات اليومية، برغم التضحيات التي دفعها وما يزال.

في مداخلة الأستاذ وليد محمد علي باسم "مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية" في لبنان، اعتبر أن التنسيق الأمني الذي تقوم به السلطة الفلسطينية مع الاحتلال، وملاحقتها لكلّ من يقاوم، واجهه شباب فلسطين بكلّ وعي وحكمة عن طريق تفجير المواجهة  في وجه العدو الصهيوني وليس في أيّ اتجاه آخر. وهذا ما يعمل المقاومون والمنتفضون على تطويره وتنويع خياراته. 

وقد طرح الأستاذ وليد خيار البناء الثالث لمنظمة التحرير الفلسطينية، والذي سيكون على أكتاف الشباب الفلسطيني الجديد وبهمّته بعيداً عن الوجوه القديمة التي هرمت واستُهلكت في الصراعات الداخلية التي أثقلت كاهل الشعب الفلسطيني .

وخلال شرحه لمشهد المواجهة الدامية في سورية واليمن والعراق، بين محور المقاومة والممانعة من جهة، ومحور الشر المتكوّن من أميركا ومن ورائها وكلائها الخليجيين والأتراك و"إسرائيل"، أكد وليد على أن الأمّة تعيش في عصر الانتصارات، وأن العالم أصبح متعدّد الأقطاب بعد أن سقط عالم القطب الواحد بلا رجعة؛ وبالتالي سقطت "إسرائيل" موضوعياً، حيث بتنا في مرحلة إعادة رسم الخرائط من جديد بعد أن عشنا في مرحلة ما سُمّي كذباً وبهتاناً "التضامن العربي"، والذي استغلّه البعض  ليدبّر أمراً بليل دامس، بهدف إسقاط نقاط القوّة في الأمّة، وليزجّها في حرب شعواء لتقسيم المقسم فيها، وتأمين الكيان الصهيوني. وخلص الأستاذ وليد إلى طرح سؤال: ما العمل؟ وقال: علينا أن نفكّر جميعا في الإجابة على هذا السوال بجدّية عالية وأن نتحمل مسؤولياتنا تجاه أمتنا وشعوبنا المظلومة.

وعلّق السيد أبو فاخر، نائب أمين سرّ حركة فتح الانتفاضة، بالقول إنه كان من الأجدى توظيف واستغلال هذه المعطيات العلمية حول الأطفال الأسرى في الدعاوى القضائية لدى المحاكم الدولية والمؤسسات الحقوقية ضدّ العدو الصهيوني مع التأكيد على عنصرية الكيان الصهيوني وفضح جرائمه وانتهاكاته المتواصلة لحقوق الإنسان أمام الرأي العام العالمي منذ احتلاله لفلسطين سنة 1948 وحتى اليوم. 

وأشار السيد أبو فاخر إلى أن الشعب الفلسطيني صامد ويقاوم، وهو سينتصر رغم كلّ إجرام الكيان وتعذيبه للكبار والصغار على حد سواء، والذي يعكس فكره الصهيوني العنصري والمعادي لإنسانية الإنسان .

وتحدث الدكتور عابد الزريعي، وهو باحث وكاتب فلسطيني مقيم في تونس، حول معاناة الطفل الفلسطيني التي هي ليست في داخل المعتقل الصهيوني فقط، بل تتعدّاه إلى خارجه، وذلك من خلال تجربته الشخصية. فقد كان العدو الصهيوني يتعمّد الطفل لحالات اعتقال والديه وتعذيبهما والتنكيل بهما أشد التنكيل أمام عينيه. ونادى الدكتور عابد بضرورة استكمال هذا البحث المقدّم برؤية سياسية ووضعه في سياق سياسي، وخاصة في ظلّ تعامل وسائل الإعلام الصهيوني في المرحلة الأخيرة مع الطفل الفلسطيني ووضعه في صورة بطل مطلق أو في صورة ضحية مطلقة. واعتبر أن الانتفاضة الحالية حمت ظهر محور المقاومة والممانعة وفكّت الحصار عنه، مشدّداً على ضرورة تثمين انتصار سورية وصمودها ومساهمتها في إسقاط علم القطب الواحد .

وأخيراً، تحدث الأخ علي أيوب من الجبهة الشعبية القيادة العامة فقال: أنطلق من خلال ما لاحظه خلال تجواله في شوارع مدينة الحمّامات والعاصمة تونس من حبّ الشعب التونسي لفلسطين، وذلك عبر تحيّات المارّين له وتعبيرهم بشكل صريح وتلقائي على هذا الحب، وحيث كانوا يرحّبون ويسلّمون عليه كفلسطيني لأنه يحمل الكوفية الفلسطينية؛ وهو ما جعله يشعر بالفخر والاعتزاز والفرح لأن شعب تونس العربي، وكلّ شعب في كلّ قطر عربي آخر يعتبر أن فلسطين هي التي تجمّعنا وتوحّدنا، رغم كلّ الفوارق والاختلافات.

 

2016-05-21 09:56:16 | 8536 قراءة

التعليقات

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد
مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية