التصنيفات » التقديرات النصف شهرية

31-8-2018

بعد دخول إيران بشكل واضح كأحد أطراف النزاع الأساسية في سوريا منذ عام 2012، باتت "إسرائيل" أكثر تململاً وحيرة من ذي قبل. كيف لا، وهي التي تسعى في المحافل الدولية منذ سنوات من أجل توجيه ضربة عسكرية مباشرة إلى عمق الجمهورية الإسلامية لوأد الطموح الإيراني، المتمثل في سعي إيران لطرد النفوذ الأميركي من المنطقة بما في ذلك النفوذ الصهيوني، إلى جانب مشروعها النووي السلمي. لذلك، فإن وجود قوات عسكرية إيرانية على تخوم الأراضي السورية المحتلة أقلق تل أبيب بشكل واضح، وهو ما تجلّى مؤخراً في حادثة إسقاط الطائرة الإيرانية المسيّرة في شباط الماضي، وما تلاها من غارات وضربات عسكرية إسرائيلية لمواقع في سوريا، نتج عنها إسقاط طائرة حربية إسرائيلية. وفي هذا السياق، يقول الباحث السياسي الإسرائيلي بنحاس عنباري إن: "إسرائيل تنطلق فقط من حسابات أمنها دون أيّ اعتبار آخر. وهذه الحسابات تنصّ على عدم اقتراب إيران من حدودها، وألاّ تمتلك قواعد للصواريخ في سوريا ... وإذا كان هناك تدخل إسرائيلي مباشر في سوريا، فهو يقتصر على ذلك الجانب، ولكنه يمتد أيضاً إلى منع اقتراب إيران وحزب الله والقوات الشيعية الدخيلة في سوريا إلى حدودها"!

وأضاف عنباري أن "إسرائيل" لن تسمح لإيران بتثبيت منصّات لصواريخها على هذه المسافة القريبة من حدودها، زاعماًً: "أعتقد أن أوروبا والدول العربية أيضاً لا يمكن أن تقبل بذلك، لأن الصواريخ الإيرانية في تلك القواعد قد توجّه بكلّ سهولة نحو أهداف عربية وأوروبية! وقرار إيران الامتداد إلى سوريا لن تقبل به إسرائيل ولن تسمح لها بذلك". ورأى البروفسور غونتر ماير، أستاذ الجغرافيا في جامعة "ماينز" الألمانية والخبير في شؤون الشرق الأوسط، أن الحديث اليوم بات يدورحول ما يسمّى "الهلال الخصيب الأمريكي"، والذي يشمل شمال شرق سوريا بأكمله ويمتد حتى الأردن، والذي يهدف إلى "إقامة مظلّة حماية" للمصالح الأميركية، وعلى رأسها الكيان الصهيوني، ضد إيران.

ويتابع ماير : "الهدف هو تفتيت سوريا بحيث لا تصبح خصماً قوياً. وبذلك يمكن تسليط الدول الفاشلة - التي ستتفكك سوريا إليها - على بعضها البعض بكلّ سهولة. و إسرائيل كانت أعلنت من قبل عن دعمها لإقامة دولة كردية مستقلة في شمال سوريا. وهذا يوضح الهدف الذي تسير إليه الإدارة الأمريكية وحلفاؤها"!

من جانب آخر، شكّلت التهديدات الأميركية / الإسرائيلية لسوريا المقاومة والتصدي، منذ خمسينيات القرن الماضي، جزءًا من حرب استراتيجية طويلة المدى على حرية واستقلال وتطور العالمين العربي والاسلامي، لاسيّما ما سمّي بـ"الدول المارقة"، والمقصود بها دول  محورالمقاومة والرفض للاستغلال والاستعمار، والمتمثل بإيران وسوريا وفصائل المقاومة، وصولاً إلى اللاعبين الروسي والصيني .

 فالولايات المتّحدة أحدثت تغييرات أساسية في أوروبا وآسيا بعد سقوط الاتحاد السوفياتي في مطلع تسعينيات القرن الماضي. وباحتلالها العراق عام 2003، عقدت أميركا العزم على إحداث تغييرات تخريبية أساسية في الوطن العربي ومنطقة الشرق الأوسط بدون مواربة، تحت شعار الشرق الأوسط الجديد واستراتيجية الفوضى الخلاّقة. وعنوان هذه التغييرات، كما ادّعت زيفاً وزوراً، هو نشر الديموقراطية ونشدان الاستقرار "الإقليمي والدولي"!!. ومن أجل ذلك عملت على تغيير عدد من الأنظمة والحكومات، وعلى إزالة أو منع حيازة أسلحة الدمار الشامل من قِبل الدول العربية والإسلامية فقط، تحت ذريعة مكافحة "الإرهاب" الذي صنعته هي بأيديها وأيدي حلفائها الإقليميين والدوليين؛ ذلك أن الاستقرار الإقليمي، في التصور الأميركي/ الصهيوني، إنما يعني أولاً وأخيراً أمن الكيان الغاصب لفلسطين على حساب سيادات دول المنطقة  وأمن شعوبها. فيما يعني الاستقرار الدولي في التصور الأميركي الأمن والاقتصاد لأميركا على حساب سيادات ومصالح دول العالم وأمن شعوبها، وخاصة الدول العربية والإسلامية.

في هذا البحث نتناول موضوع المواجهة والمتصاعدة بين إيران، الموجودة في سوريا بطلب رسمي من حكومتها الشرعية ووفقاً لقرارات الشرعية الدولية، وبهدف إحباط الإجرام الأميركي- الصهيوني ضدّ الأمتين العربية والإسلامية، وبين كلٍ من "إسرائيل" وأميركا الموجودتين كقوى عدوان واحتلال، وخلافاً لإرادة الحكومة الشرعية السورية والقرارات الدولية المرعيّة الإجراء في هذا الشأن، عسى أن تتضح صورة الخديعة الكبرى، المتجسدة بما يسمّى "الثورة السورية"، والتي لا تُعدّ سوى جزء من مؤامرة  كبرى هدفها إنقاذ الكيان الصهيوني وحماية أمنه وتسييده على كلّ دول وشعوب المنطقة إلى مئة عام أو يزيد لا سمح الله .

لقراءة التقدير كاملاً انقر هنا

2018-08-30 15:11:05 | 1155 قراءة

التعليقات

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد
مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية