التصنيفات » مقالات سياسية

سوريا والحل المنتظر

نبيل المقدم - كاتب وصحافي

كيف يبدو المشهد في سورية اليوم وخاصة بعد الاتفاق التركي – الروسي الاخير على اقامة المنطقة العازلة؟. القراءة في المشهد السوري تشير بوضوح الى اان الامور تتجه مجددا باتجاه الحسم العسكري. في ظل امتناع المسلحين في ادلب عن تنفيذ بنود الاتفاق الذي ينص على اقامة منطقة عازلة خالية من الاسلحة الثقلية والمسلحين كاملا. اما في المناطق الاخرى فان الكثير من الفصائل الارهابية المسلحة لم تستجب لمرسوم العفو الذي اصدره الرئيس بشار الاسد. بل على العكس لقد كانت هذه الفترة  مغرقة بدماء المدنيين حيث كثف المسلحون الإعتداءات بالصواريخ على المدارس والجامعات والأسواق موقعين عدد كبير جدآ من الضحايا. كما قام المسلحون باطلاق النار على الممرات الآمنة لمنع الناس من الخروج وقتل عدد من المسلحين الذين كانوا يريدون العودة الى حضن الوطن, كل هذا سيسهم في اتخاذ  القرار باعادة تفعيل الحسم العسكري من قبل الجيش السوري وحلفائه من اجل انقاذ المدنيين واعادة بسط سيطرة الدولة على المناطق التي كانت قد فقدتها سابقا.

اليوم ومع تحرير الجيش السوري وحلفائه قسم كبير من الاراضي السورية تسارع الولايات المتحدة الاميركية  للتاكيد على ان ما يسمى بالمعارضة المسلحة يجب أن تكون جزء من الحل السياسي وذلك في محاولة مستميتة لشرعنة الإرهاب وجعل الإرهابيين جزء من الدولة السورية لإكمال المشروع الصهيو أمريكي في التطبيع مع إسرائيل والتقسيم الطائفي للمنطقة. وهذا يبين العالم الجديد الذي تريده الولايات المتحدة، والتي تعيش اليوم حالة تجاذب سياسي كبير بين خطين : الأول خط الحرب والتوتر الدائم ودعم الإرهاب  وهو الذي كان يدعم هيلاري كلنتون

وهو الذي يسرع الان لتوتير العلاقات مع روسيا بهدف خلق جو معقد يصعب على "ترامب" التراجع عنه. والخط الاخر هو خط الحوار وانهاء الحرب وضرب الارهاب والذي يقبل فكرة التعددية القطبية ويستفيد منها.ويعتقد بفكرة ان العلاقات بين الدول يمكن ان تكون على اسس منظمة وتشاركية. وهذا التجاذب بين الخطين له انعكاسه على ساحة المعركة في سورية.

كما نلاحظ ايضا بين الفترة والاخرى التحريك الكبير للمؤسسات الدولية من مجلس أمن وإتحاد أوربي بهدف الضغط على سورية وحلفائها من أجل فرض الحل الذي لم يتمكنوا من فرضه عسكريآ ويحاولون الان يفرضوه قسرا بذريعة تطبيق القانون الدولي. مدعين ان الازمة هي ازمة إنسانية مسؤؤول عنها الدولة السورية.مع العلم انهم كانوا ومازالو مسببيها ومؤججيها.كل ذلك بهدف اعطاء الدعم للمجموعات الارهابية في سورية.حتى أننا رأينا مبعوث الأمم المتحدة السابق الى سوريا " ديمستورا"  في اكثر من مناسبة يدافع عن حل يرفع الإرهابيين إلى مستوى الشركاء في إدارة البلاد من خلال محاولة ايجاد موقع لهم في الفترة الإنتقالية كشركاء في الدولة السورية. إضافة الى خطاب طائفي عن السنة والشيعة! مخالفآ بذلك  كل قواعد ومواثيق الأمم المتحدة التي يمثلها

ويترافق هذا المشهد مع  اعادة العمل بالعقوبات على ايران وعلى روسيا. وجاء القصف الاخير على المدنيين في دير الزور من قبل طائرات التحالف بقيادة الولايات المتحدة من ضمن هذه الضغوط وليزيد توتر العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة. ضف الى ذلك السعي من قبل الولايات المتحدة للامساك  بورقة الأكراد, من اجل تجنيدهم للعمل على إقامة دولة  كردية في الشمال الشرقي في سورية وهذا طبعا ما جعل قسم كبير من الاكراد في سورية يتضامنون مع الجيش العربي السوري على عكس توقعات وآمال الولايات المتحدة.

 

في المقابل تسعى روسيا الى تكثيف الاتصالات   بين كل الأطراف خاصة اللقاءات بين روسيا وتركيا وأيران من أجل توطيد أسسس لعلاقات أقليمية تشاركية ومحاولة تغيير السياسة التركية التابعة للأطلسي. ولكن هل تستجيب تركيا؟.  كل المعطيات تشير الى صعوبة ذلك.  إن تركيا جزء أساسي من حلف الأطلسي ويوجد على اراضيها عدد من القواعد الأمريكية والأطلسية ولاتملك حرية رأيها بالنسبة لسياستها شأنها في ذلك شأن كل دول حلف الأطلسي التي تتبع للهيمنة والقيادة الأمريكية وهامش حريتها ضئيل جد. زد على ذلك. أن تركيا الأردوغانية تجد اليوم ان هناك فرصة مناسبه لها لاغتصاب المزيد من الاراضي السورية وذلك في استكمال لما  باشرته تركيا الأتاتوركية في تواطؤها مع الاستعمار الفرنسي لاغتصاب الإسكندرون وكيليكيا وأنطاكيا في ثلاثينات القرن الماضي. ومن هنا يمكن قراءة الاختراق التركي للاراضي السورية والاعتداء على سيادة اراضيها بحجة محاربة الارهاب بينما هي تحارب الاكراد السورييين على الارض السورية.

في النهاية يجدر القول ان جميع الأقنعة سقطت وتهاوت أوراق التوت ....عن كل الأطراف التي تسمي نفسها ديموقراطية ومدافعة عن حقوق الأنسان والتي ظهرت على حقيقتها كدول أمبريالية تسعى للهيمنة واستغلال الشعوب وخيراتهم عبر أدوات إرهابية مخربة للدولة والمجتمع والإقتصاد...لتاتي بعد التخريب مدعية المساعدة في التخلص من الإرهاب وإعادة الإعمار لتربط مقدرات الدول المستقلة بيدها وترهن بعد ذلك سيادتها واستقلالها.

 

 

 

2018-11-21 08:05:20 | 1461 قراءة

التعليقات

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد
مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية