التصنيفات » ندوات

داوود شهاب ضيف الندوة السياسية الدورية: «مخاطر صفقة القرن وتداعياتها»

عُقِدت في مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية، بتاريخ 11/7/2019، الندوة السياسية الدورية، بعنوان (مخاطر صفقة القرن وتداعياتها)، والتي حاضر فيها الأستاذ داوود شهاب، المسؤول الإعلامي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، بمشاركة عدد من الباحثين والإعلاميين والمهتمين بقضية فلسطين والصراع العربي – الصهيوني. ومن بين أبرز المشاركين في الندوة، التي عُقِدت برعاية رئيس مركز باحث للدراسات، البروفيسور يوسف نصرالله، كل من:
ـ ممثّل سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان، السيد محمد جلال فيروزنيا.
- مسؤول الجبهة الشعبية – القيادة العامة في الساحة اللبنانية، أبو كفاح غازي.
- الدكتور عبد الملك سكريّة، عضو حملة مقاومة التطبيع مع «إسرائيل» في لبنان.
- الدكتور سلام الأعور، ناشط سياسي.
- الدكتور مصطفى اللدّاوي، ناشط فلسطيني.
- رئيس حزب الوفاء اللبناني، الأستاذ أحمد علوان.
- الأستاذ علي يونس، مؤسسة القدس الدولية.
- الأستاذ علي نصار، كاتب وباحث.
- مسؤول العلاقات العامة في حركة الجهاد الإسلامي، أبو وسام محفوظ.
- المسؤول السياسي في حركة حماس في منطقة بيروت، أبو خليل قاسم.
- مسؤول جبهة التحرير الفلسطينية في بيروت، أبو وائل إبراهيم.
- الإعلامية منى سكريّة.
- الأستاذة أم أشرف، مسؤولة العمل النسائي في حركة الجهاد الإسلامي.


بعد تقديم من الأستاذ حسن شقير، بدأ المحاضِر كلامه بالتأكيد على خطأ الانسياق الإعلامي وراء التسمية الأميركية لصفقة دونالد ترامب بـ«صفقة القرن»؛ فهي جزء من المشروع التآمري الصهيو – أميركي على شعوبنا ودولنا، والقائم منذ عقود. وهذه الصفقة يبرأ منها التاريخ وتبرأ منها الشعوب؛ والأجدر أن تسمّى بـ«صفقة العار»، حتى لا تُعطى أيّ قدر من المصداقية.
وأضاف: إن المشكلة الأساسية أو الجوهرية في المنطقة هي وجود الكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين. هذا الكيان الغريب الذي يهدّد شعب فلسطين وشعوب المنطقة كلّها، على مستوى الحاضر والمستقبل، في الأرض والحقوق والمصير السياسي. كما يهدّد الكيان الصهيوني الدول البعيدة جغرافياً عن فلسطين، مثل إيران الثورية التي ساندت وتساند قضية الشعب الفلسطيني؛ و«صفقة العار» هي ترجمة دقيقة لطبيعة التحالف الصهيو – أميركي العدواني، الذي يستهدف الجميع في هذه المنطقة من دون استثناء، حتى الذين يرضخون لقرارات ومطامع هذا التحالف، ويحقّقون له أهدافه السياسية والاقتصادية والأمنية دون اعتراض.
وتساءل المحاضِر: هل ستغيّر نتائج الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة في العام المقبل من هذا الواقع المرير الذي نعيشه، وتحديداً في الوقائع التي خلقتها «صفقة العار» حتى قبل الإعلان عنها رسمياً، في ظل توسّع المشروع الاستيطاني الصهيوني في القدس المحتلة وفي الضفة الغربية، والقرارات الأميركية الجائرة بحق القدس والجولان السوري المحتل ووكالة الأونروا، والتي منحت غطاءً سياسياً كاملاً للتهويد الصهيوني لفلسطين.
وبالتالي، يمكن الاستنتاج بأن صفقة ترامب كانت نتيجة لعملية ابتزاز أميركي متدحرج، بدأ في مؤتمر مدريد (1990)، واستمرّ طيلة الإدارات الأميركية المتعاقبة، تحت غطاء ما يسمّى «حل الدولتين» ومشروع الحكم الذاتي الانتقالي في الضفة الغربية وقطاع غزة؛ وهو الفخ الذي وقع فيه المفاوض الفلسطيني منذ قبوله بمفاوضات مذلّة مع الكيان المحتل للأرض والغاصب للمقدّسات.
نعم، لقد وقعت السلطة الفلسطينية والدول العربية أسيرة أوهام أميركية تبيّن فيما بعد زيفها، وذلك بعد سلسلة من التجارب والإخفاقات التي دفع الشعب الفلسطيني والشعوب العربية أثماناً باهظة بسببها، في مقابل تقدّم هائل لمسارات المشروع الصهيوني الاستيطاني والعنصري، سياسياً وأمنياً واقتصادياً، حيث تبرز الحاجة الملحة اليوم لإعداد دراسات وتقارير موثوقة حول مديات وتأثيرات التوسع الاستيطاني للصهاينة، خاصة في إطار العلاقات الاقتصادية التي ربطت المستوطنات الإسرائيلية بمحيطها، والهيمنة الاقتصادية الكاملة لها على الاقتصاد الفلسطيني في الضفة الغربية عموماً.
وتابع: أما على المستوى العربي، فمن الواضح أن صفقة ترامب – كوشنير تهدف إلى فرض التطبيع بين الدول العربية (الخليجية تحديداً) وبين كيان الاحتلال، مع اكتساب شرعية دولية أكبر لضم القدس والجولان؛ والأخطر هو قرار ضم الضفة الغربية المتوقع في أيّ وقت، حيث صرّح رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو بأن الضفة هي «بيتنا ووطننا». كما لا يخفي البرنامج الانتخابي لتكتل نتنياهو (الليكود) هذا الهدف، مثل بقيّة الأحزاب الصهيونية المتطرفة؛ هذا بالإضافة إلى تغطية «صفقة العار» لخطة تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين من خلال الحصار المفروض على وكالة الأونروا والإجراءات الأميركية والصهيونية الأخرى.
في المقابل، يجب على الطرف الفلسطيني المفاوض (السلطة)، كما على الفصائل والحركات المقاومة، الانتقال من ضفة الرفض الإعلامي والسياسي لصفقة ترامب إلى ضفة تطبيق القرارات على أرض الواقع، وأوّلها تفعيل العمل العسكري ضد قوات الاحتلال ووقف التنسيق الأمني (الرسمي) معها، على قاعدة إجراء مراجعة شاملة لتجارب التفاوض والتنسيق المذلّ مع كيان الاحتلال، والتي لم تنتج سوى الخيبات.
وهذا الرفض الفلسطيني، السياسي والعملي (المفترض) لما سمّي صفقة القرن، يجب أن يُفرض على الأنظمة العربية، والتي لن تكون بمنأىً عن تداعيات هذه الصفقة – المشؤومة، حتى تلك الأنظمة التي تتوهم بأن الكيان الصهيوني لن يشكّل خطراً عليها بعد التطبيع معه، وانخراطها  في حلف عسكري – أمني – سياسي معه ضدّ إيران.
وهنا حيّا المحاضِر الموقف الثابت للجمهورية الإسلامية في دعمها المتواصل، على عدّة صعد، لمقاومة الشعب الفلسطيني، برغم كل الضغوط والتهديدات المتصاعدة ضدّها من قِبل التحالف الصهيو- أميركي، مقابل صمت سعودي، إن لم نقل تواطؤ سعودي، بات يمثّل خطراً كبيراً على واقع ومستقبل القضية الفلسطينية.
كما حيّا الأستاذ شهاب الموقف السوري الصامد، والداعم لحركات المقاومة في فلسطين، في ظلّ الحرب المستمرة على سورية وشعبها، والحصار المتصاعد عليها، بسبب رفضها التنازل عن مواقفها القومية بالدرجة الأولى.
وفي الختام، دعا المحاضِر السلطة وكلّ القوى الفلسطينية للتحاور المباشر والمفتوح حول إنجاز مشروع فلسطيني موحّد وشامل، لإنقاذ فلسطين، ومنع التحالف المعادي من تصفية القضية المركزية للأمّة، مع الاستفادة من تجارب الماضي والعمل على استعادة زخم العمل المقاوم بكافة أبعاده، واستثمار حالة الرفض الفلسطيني والعربي الشامل لصفقة العار.
وحذّر شهاب من أن مشروع ضم الضفة الغربية قد ينهي وجود السلطة الفلسطينية، والتي لا تزال تتخوف على مصالحها وعلاقاتها في حال انخراطها في أيّ مشروع فلسطيني وحدوي جديد!
ورداً على أسئلة بعض المشاركين في الندوة، قدّم الأستاذ داوود شهاب الإجابات الآتية:
1 – هناك أوراق قوّة كثيرة بأيدي الطرف الفلسطيني، وأوّلها المقاومة العسكرية ومسيرات العودة، التي قدّمت أروع نموذج لشعب مضحٍ وصامد في هذا العصر؛ وهناك أيضاً مواقف الشعوب العربية والمسلمة وبعض الدول العربية وإيران؛ وهي مواقف مؤثّرة في حال جرى استثمارها بشكل مناسب.
وفي المقابل،  يجب على السلطة قطع كلّ علاقاتها مع المحتل الصهيوني، وأبرزها التنسيق الأمني والعلاقات الاقتصادية مع المستوطنات في الضفة الغربية، والتي تحوّلت إلى «بقرة حلوب» للاقتصاد الإسرائيلي مع منافع محدودة للسلطة الفلسطينية.
2 – مقابل انفضاح أو انكشاف التواطؤ الخليجي مع الكيان الصهيوني، والذي يسبّب تداعيات خطيرة في جسم الأمّة، ثقافياً وفكرياً ودينياً واجتماعياً، يجب علينا العمل على صدّ هذه الهجمة الصهيونية على شعوبنا، والسعي لاستنهاض الحالة النضالية الفلسطينية في كلّ أرجاء فلسطين المحتلة، وتعزيز حالات الصمود الفلسطيني على كلّ المستويات، وذلك بدعم عربي وإسلامي، شعبي ورسمي معاً.
3 – المشكلة الجوهرية في الحالة الفلسطينية ليست في غياب قيادة مؤهّلة للمشروع الفلسطيني الموحّد، بل في تعريف هذا المشروع، وكذلك تعريف الكيان الإسرائيلي، وكيفية بناء استراتيجية شاملة وواقعية لتجسيد المشروع الفلسطيني على الأرض.
4 – إن تضحيات الشعب اليمني بمواجهة العدوان السعودي هي تضحيات عظيمة؛ والشعب الفلسطيني (وحركاته المقاومة بالتحديد) يقف مع هذا الشعب بمواجهة الحصار والعدوان؛ وهو يدفع أثماناً وتضحيات لأنه وقف إلى جانب قضية فلسطين والمقاومة منذ عقود، ولم يتراجع حتى الآن.
5 – التاريخ سيحاكم ولي عهد السعودية محمد بن سلمان؛ وربّ السموات والأرض أيضاً سيحاكمه بسبب جرائمه التي ارتكبها بحقّ هذه الأمة العزيزة؛ وبالأخص مواقفه المتخاذلة تجاه الشعب الفلسطيني وعلاقاته المشبوهة مع سيّده الأميركي، والذي أعلن عن تآمره المكشوف لتصفية القضية الفلسطينية من خلال ما سمّي صفقة القرن.
6 – العقوبات الإسرائيلية المفروضة على قطاع غزة تطال الجميع: الشعب والقوى المقاومة والأسرى والشهداء والجرحى، ووسائل العيش والحياة. وفصائل المقاومة تسعى جهدها للتخفيف عن شعبنا وأسرانا قدر الإمكانات المتاحة.
7 – إحدى أهم الجبهات التي نقاتل عدوّنا عليها هي جبهة بناء الوعي؛ بناء الوعي العربي القومي والإسلامي، وحمايته من المشاريع الغربية – الصهيونية والعربية لتغيير طبيعة ووجهة الصراع مع أعدائنا. ومشروعنا الوطني الفلسطيني قائم، ويجب أن يُعمل أولاً على تفعيل جبهة بناء الوعي هذه.
وكمثال، فإن كلّ ما جرى في الضفة الغربية (وعليها) لم يؤدِ إلى كيّ وعي شعبنا فيها؛ ولا تزال المقاومة في الضفة تؤرق كيان الاحتلال حتى اليوم، أكثر من مسيرات العودة وصواريخ غزة، على الرغم من محدودية عمليات المقاومة هناك.
8 – لن تفكّ صفقة العار، ولا عمليات التطبيع الخليجي مع الكيان المحتل، عقدة الوجود لدى الصهاينة، حتى لو اعترف العالم كلّه بهذا الكيان، والذي سيظل قلقاً من تنامي الوجود الفلسطيني وعجز قادة الاحتلال عن القضاء على هذا الوجود، مادياً ومعنوياً.
9 – الهاجس الأكبر لدى نتنياهو هو قطاع غزة. وهو لا يهتم كثيراً بما سمّي «صفقة القرن»، لأنه يريد ضمانات بالدرجة الأولى لأمن مستوطناته في محيط غزة، مع استمرار التنسيق الأمني مع قوات السلطة الفلسطينية، قبل أيّ شيء آخر. كما يعطي قادة الاحتلال أولوية لمواجهة ما يسمّونه «الخطر الإيراني» الداهم، وإنجاز التطبيع مع الدول العربية، بهدف التفرّغ لمواجهة إيران، من دون تقديم تنازلات حقيقية للفلسطينيين في إطار «صفقة العار» الأميركية.

 

 

2019-07-26 13:19:49 | 1393 قراءة

مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية