التصنيفات » دراسات

المؤتمر السنوي الثالث لمعهد أبحاث الأمن القومي بجامعة تل أبيب


المؤتمر السنوي الثالث لمعهد أبحاث الأمن القومي بجامعة تل أبيب يناقش:
أحداث 2009 والتحديات الأمنية في القرن الواحد والعشرين والرؤية الدولية في مواجهة الواقع الإقليمي

إفتتح المؤتمر د. عوديد عيران والذي رحب بالحضور وأشار إلى أن هنالك الكثير من المخاطر المحدقة بإسرائيل والمتوجب مواجهتها مثل المشكلة الإيرانية والمشكلة الإقتصادية والعلاقات الإسرائيلية الفلسطينية، وأن هدف معهد دراسات الأمن القومي هو أيضاً محاولة تقديم صورة مدروسة لتطورات الأحداث لمتخذي القرارات في إسرائيل. وأشار عيران إلى أن الأزمة الإقتصادية العالمية ما زالت تؤثر على إسرائيل، وأخطار الإنحسار الإقتصادي مازالت قائمة، مع ذلك يبدو أن هنالك نجاحاً معيناً ويبدو أن بإمكان إسرائيل الخروج من الأزمة، ولكن يتوجب معالجة الأمور بحكمة ورويّة. وأضاف أن تقرير "صندوق النقد الدولي" يشير إلى أن إسرائيل من أوائل الدول التي ستتعافى من نتائج الأزمة الإقتصادية العالمية، وقوة الإقتصاد الإسرائيلي من الأمورالأساسية المتوجب الحفاظ عليها لأن تداعيات على الكثير من مناحي الدولة.
الإستقرار السياسي سينعكس بشكل إيجابي على الإقتصاد الإسرائيلي:
أشار البروفيسور ستانلي فيشر محافظ بنك إسرائيل في محاضرته أنه قلق بعض الشيء بالنسبة لموضوع التنبؤات الخاصة بإمكانيات النمو الإقتصادي الإسرائيلي، وأضاف: أن التنبؤات بالنسبة للنمو في الإقتصاد الإسرائيلي تشير إلى نسبة نمو غير كافية ووجود عوائق مختلفة منها مشكلة البيروقراطية الإسرائيلية في العديد من المجالات الأمر الذي قد لا يسمح بنمو مناسب وبالتالي سينعكس سلباً على الإقتصاد الإسرائيلي والمجتمع الإسرائيلي.
وأشار فيشر إلى أنه غير مرتاح للدراسات التي أجريت في صندوق النقد الدولي بشأن الإقتصاد الإسرائيلي، والتي أشارت إلى معدل نمو يصل إلى 3.5 بالمئة في الإقتصاد الإسرائيلي، وهي نسبة قليلة في رأي فيشر، ولن تؤدي إلى التطور المطلوب، ويعتقد أنه من المتوجب أن يكون معدل النمو في الإقتصاد الإسرائيلي ما بين 6 و7 بالمئة، وليس اقل من ذلك، واضاف أن بإمكان الإقتصاد الإسرائيلي أن يصل إلى هذا المعدل من النمو الإقتصادي، ولكن في ظروف سلمية، ومن خلال الإستقرار السياسي الذي سينعكس بشكل إيجابي على الإقتصاد ولذلك فالتوجهات السلمية، وعودة المباحثات السلمية مع الجانب الفلسطيني والعربي سوف تؤدي إلى الكثير من الإستقرار وستسمح بإستنهاض الإقتصاد الإسرائيلي للأفضل. وأكد ستانلي فيشر أن على الحكومة الإسرائيلية السعي من أجل تقليل البيروقراطية، والإهتمام برفع مستوى التربية والتعليم، وبالتالي ايضاُ الإهتمام بالبنى التحتية في العديد من المجالات. واضاف أن التعليم في إسرائيل يشهد إنخفاضاً بالمستوى قد ينعكس سلباً في السنوات القادمة، إضافة للوضع السيء القائم حيث أن إسرائيل لا تصل كما في السابق إلى مراكز عالية من حيث مستوى التعليم والدراسة والأبحاث.
إنتصار إيران سيؤثر على توازن القوى الدولي:
نائب رئيس الوزراء، وزير أجهزة الإستخبارات ولجنة الطاقة النووية، دان مريدور، أكد في محاضرته أن هنالك ثلاثة موضوعات رئيسية على بساط البحث الإسرائيلي ويتوجب أخذها بعين الإعتبار، وهي العلاقات بين إيران والولايات المتحدة، وما ستؤول إليه في المستقبل القريب، وتطورات الوضع بين إسرائيل والجانب الفلسطيني ومسالة تقرير جولدستون والحرب والتوجهات في المجتمع الدولي بهذا الصدد. ويرى مريدور أن على إسرائيل متابعة الموضوع الإيراني بدقة لأن إنتصار إيراني سيكون معناه التاثير على توازن القوى العالمي، وقد يؤدي إلى زعزعة وضع الوكالة العالمية للطاقة النووية، وزعزعة معاهدة عدم نشر الأسلحة النووية NPT ، والتي لم توقع عليها إسرائيل، وبالتالي ايضاً قد تسعى دولاً في المنطقة مثل مصر والسعودية إلى إكتساب قدرات عسكرية نووية، وفي هذه الحالة لن يكون من السهل السيطرة والتوجيه لمثل هذه التطورات وبالتالي ايضاً سوف تزداد المخاطر الحقيقية المحدقة.
ويرى مريدور أنه بين الولايات المتحدة وبعض الأنظمة العربية في المنطقة تطورات علاقات هامة الهدف منها الحفاظ على الأنظمة مقابل الإبقاء على تدفق النفط لدول الغرب، ولكن في حال أن إيران أصبحت دولة  ذات قدرات نووية عسكرية فمن شأن ذلك أن يؤثر على "الأنظمة العربية المعتدلة"، وفي نفس الوقت تحول إيران إلى قوة نووية سوف يعزز من مكانة القوى الإسلامية المعادية للغرب، وسيكون ذلك دافعاً للمنظمات المناوئة للغرب لتوسيع عملياتها، بينما في حال إنتصار الولايات المتحدة فالواضح أن دول الغرب ودولاً أخرى سوف تلتف حول الولايات المتحدة، وتعزز من مكانة "المعسكر المعتدل" حسب المفاهيم الإسرائيلية. ويؤكد مريدور أن القضية الإيرانية أوسع من أن تكون قضية إسرائيلية او تهديد لإسرائيل فقط، بل إنها تتعدى هذا الأمر لتصبح مشكلة للغرب بأكمله، حيث أن القيادات الإيرانية تخلق الإنطباع بان الولايات المتحدة دولة ضعيفة، ومن المنطلق الإسرائيلي والمنظور الإسرائيلي هذا امر مقلق لأن إسرائيل تابعة للمعسكر الغربي والمعسكر الأمريكي وبالتالي إنتصار إيران معناه منح منظمة حزب الله وحركة حماس الكثير من التعزيز وبالتالي "الرعب سوف يسيطر على حلبة الأحداث".
وبالنسبة للمسألة الفلسطينية يقول دان مريدور أن هنالك الكثير من التغيير في المواقف الإسرائيلي حيث أن الرأي العام الإسرائيلي يتقبل الأن بشكل أكبر مبدأ الدولتين الإسرائيلية والفلسطينية، ولن تكون هنالك مشكلة أكبر تواجه إسرائيل، وهي قيام المنظمات الإسلامية المعادية لإسرائيل بتحويل الصراع إلى صراع ديني، وبالتالي هنالك صعوبة أكبر في التوصل إلى حل. ويؤكد مريدور أنه رغم أن الجانب الفلسطيني رفض في السابق الإقتراحات الإسرائيلية، ولكن من الممكن العودة لمائدة المفاوضات في ظل التطورات في الشارع الفلسطيني والتحسن في المجال الإقتصادي، وبالتالي يتوجب مناقشة كافة القضايا بين الجانبين وضمنها القضايا الجوهرية مثل القدس واللاجئين. أما بالنسبة لموضوع "تقرير جولدستون" فمريدور يعتقد أن على إسرائيل العمل من أجل تغيير الواقع القائم بالنسبة لتفسير القانون الدولي فيما يتعلق بالحرب ضد التنظيمات المسلحة. ويعتقد أن على إسرائيل دراسة الموضوع بدقة وحذر، وبشأن المستوطنات يؤكد أن إسرائيل لن تتخلى عن الكتل الإستيطانية الكبرى التي ستبقى تحت السيادة الإسرائيلية.
لإسرائيل حق الدفاع عن لنفس:
عضو الكنيست تسيبي ليفني، زعيمة المعارضة في إسرائيل ورئيسة حزب "كاديما"، تطرقت إلى المخاطر المحدقة بإسرائيل، وهاجمت ليفني المجتمع الدولي في كلمتها أمام المؤتمر السنوي الثالث لمعهد ابحاث الأمن القومي، وإدعت أن المجتمع الدولي لا يطبق المبادىء التي يدعيها، ويساوي بين الإرهاب "أعداء إسرائيل" وبين الجنود الإسرائيليين الذين "يدافعون عن وطنهم". وأضافت ليفني أنها غير مهتمة لأوامر الإعتقال الصادرة في بريطانيا بحقها تحت تهمة القيام بجرائم حرب، وانها على إستعداد للعودة لما قامت به وفعلته بالسابق، وادعت أن الإصابات التي حدثت بين الجمهور في قطاع غزة لم تكن مقصودة، بل إنها وليدة الظروف التي أدت إليها "العمليات ضد إسرائيل وتفجير السكان الإسرائيليين". وترى ليفني أن من حق إسرائيل "الدفاع عن النفس" بمواجهة الإعداء الذين يسعون في اية فرصة لمهاجمتها والنيل منها، وتؤكد أنها تؤيد مجدداً عملية "الرصاص المصبوب " ضد قطاع غزة، وترى فيها عملية من أجل الدفاع عن إسرائيل والمواطنين الإسرائيليين.
وبالنسبة لمفاوضات مع حركة حماس قالت أنها ترفض الفكرة جملة وتفصيلاً، وترى أن على إسرائيل محاربة حركة حماس وعدم مفاوضتها. وبالنسبة لعدم سفرها لبريطانيا لم تشر إلى السبب الحقيقي وهو أمر الإعتقال الصادر بحقها تحت بند مسؤولية القيام بجرائم حرب ضد السكان الفلسطينيين، ورفضت التعقيب على الأمر مع نهاية محاضرتها، ولكنها أشارت إلى أن أوامر الإعتقال الصادرة يتوجب على بريطانيا منعها من خلال تغيير التشريعات التي تجيز لكل مواطن بريطاني تقديم طلب لإعتقال مجرمي الحرب أو المتهمين بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
إيران نووية ستدفع الدول العربية للحصول على قدرات عسكرية نووية:
أشار الجنرال عاموس يادلين رئيس شعبة الإستخبارات العامة بالجيش الإسرائيلي في محاضرته إلى ان إيران زادت من مخزونها من اليورانيوم المخصب ولديها حالياً 1700 كيلوغراماً ولكن بتخصيب منخفض، وإيران تعمل من أجل رفع مستوى التخصيب إلى 33 بالمئة حتى يكون من الممكن إستخدام المادة المخصبة لأغراض إنتاج الأسلحة النووية. وأضاف يادلين أن إيران تعمل من خلال خطة مدروسة وإستراتيجية وحكيمة وحاذقة لوضع أسس لبنية تحتية نووية وذلك بواسطة توزيع المنشآت النووية المكشوفة والمخفية، وفي نفس الوقت تطور إمكانيات عسكرية تمكنها من تطوير قدراتها في أي وقت تشاء.
ويتحدث يادلين حول ثلاثة مسارات، التكنولوجي والدبلوماسي والسلطوي، وحسب إعتقاده فإن إيران تقدمت في المسار التكنولوجي، وهي على وشك إستكمال الدائرة في هذا المجال، والهدف الإيراني أن يتم التعامل مع إيران على أنها دولة ذات قدرات نووية "بإمكانها الوصول إلى حيازة اسلحة نووية خلال فترة قصيرة"، وهذا الأمر حسب إعتقاد يادلين سوف يمنح الدول والمنظمات المتحالفة مع إيران الدعم للقيام بعمليات تكون لديهم الجرأة على القيام بها حتى اليوم، وإضافة لذلك مثل هذا الوضع سيدفع الدول العربية إلى البحث عن سبل للحصول على قدرات نووية.
وبالنسبة للتهديدات الإستراتيجية الممكنة لإسرائيل قال يادلين أن هنالك حالياً هدوءاً على جبهات الشمال والجنوب وذلك حسب إعتقاده بفضل العمليات العسكرية التي قامت بها إسرائيل في حرب لبنان الثانية، والهجوم على قطاع غزة، ولكنه يضف أن جزءاً من الهدوء سببه أن منظمات حزب الله وحماس تستغلان الظروف الحالية للقيام بإستعدادات مختلفة من تدريبات عسكرية وتهريب اسلحة، وهنالك إستعدادات جادة لمواجهات جديدة مع إسرائيل. وبهذا الصدد يقول يادلين أن عناصر "المحور الراديكالي" إيران وسوريا وحزب الله وحماس تدرس التطورات المختلفة في مجالات عديدة، وبالتالي تقوم بألإستعداد لمواجهات جديدة بناء على ما تم القيام به في الماضي، وتسعى للإمتناع عن أخطاء كانت في الماضي، وبالتالي تدرس الخطوات العسكرية التي قام بها الجيش الإسرائيلي من أجل التعامل بشكل مختلف مع القوات الإسرائيلية المختلفة في المستقبل.
وفي الجانب التكنولوجي يرى يادلين أن هنالك الكثير من التطور لدى الدول والتنظيمات المعادية لإسرائيل، وبالتالي هذا الأمر يشكل تحدياً كبيراً للقدرات العسكرية والتكنولوجية الإسرائيلية مما يوجب على إسرائيل العمل لتطوير قدراتها بشكل يبقي فجوة لصالح إسرائيل.  والنقطة التي يتوجب الإهتمام بها بشكل أوسع هي القدرات الإلكترونية، والقدرات في مجال الحواسيب لدى أعداء إسرائيل، والتي سوف تستخدم في المستقبل لمهاجمة مراكز الإتصالات المدنية والعسكرية الإسرائيلية ومراكز الحوسبة.
لتركيا وضع جيوستراتيجي خاص ومصالح مع سوريا والدول المجاورة:
الضيف التركي بالمؤتمر كان عضو البرلمان التركي سوئيت كينيكليوجلو نائب رئيس الحزب الحاكم للشؤون الخارجية، ومع بداية محاضرته قال أن الحزب الحاكم هو حزب محافظ ولكنه لا يطرح برنامجاً حزبياً إسلامياً، لأن هنالك إنفتاح في تركيا في نواح متعددة، ولتركيا مشكلاتها الخاصة، ولكنها في السنوات الأخيرة تسعى إلى تحسين علاقاتها بكل الدول لمحيطة بها حيث ان لتركيا مصالح مختلفة مع العديد من الدول، وهنالك عدة حلبات تثير إهتمام تركيا، وليس فقط حلبة الشرق الأوسط، فتركيا تهتم جداً بما يحدث في منطقة البلقان بشكل عام، ومنطقة البحر الأسود، وفي السنوات الأخيرة إتسعت دائرة النشاطات الإقتصادية التركية لتشمل العديد من الدول، وهنالك تصدير تركي لمجموعة واسعة من الدول بينها إسرائيل وسوريا.
وأكد كينيكليوجلو أن لتركيا علاقات طيبة بكافة بلدان المنطقة، وعلاقاتها تتشعب ايضاً للنواحي السياسية، وهي تتدخل بشكل كبير في الكثير من النواحي التي تتطلب التدخل بناء على توجهات الدول الصديقة، ولا يعني ذلك أن تركيا معادية للغرب، أو أنها "قلبت ظهر المجن" للغرب بل بالعكس  فتركيا معنية بعلاقات طيبة مع الجانبين لأنها دائماً كانت ذات توجهات للشرق وللغرب معاً. وفي العقد الأخير حدثت تطورات كثيرة تلزم تركيا أن تلعب دوراً هاماً في العديد من المجالات الأمر الذي يسهم في إستقرار المنطقة، فلتركيا علاقات واسعة بالدول العربية ودول الخليج وإسرائيل وسوريا ولبنان، وفي نفس الوقت لديها علاقات متشعبة بدول البلقان والدول الإوروبية وإيران، وعلاقتها بدولة ما لا تعني أنها ضد دولة أخرى، وعلى سبيل المثال التغييرات التي جرت في العلاقات التركية السورية لا تعني ان تركيا ضد إسرائيل، ولكن لتركيا مصالح، وهي معنية أن تكون وسيطاً بين الدولتين في المسار السلمي، وهذا بناء على رغبة الجانبين، ولكن من جانب آخر فالرأي العام التركي كان ضد بعض العمليات التي تقوم بها إسرائيل ضد الفلسطينيين حيث أن للفلسطينيين الكثير من التأييد في تركيا وفي الرأي العام التركي، وبالتالي التدخل التركي في الصراع سوف تكون له جوانب إيجابية في عدة مسارات.
وبالنسبة للحزب الحاكم الذي ينتمي إليه النائب كينيكليوجلو فهو في رأيه حزب معتدل، ولكن وسائل الإعلام في الدول الغربية وفي إسرائيل تصور هذا الحزب على أنه متطرف، وهذه توجهات خاطئة وغير مفهومة،  لأن البرنامج الحزبي للحزب الحاكم ليس برنامجاً إسلامياً بل متنوعاً، والدليل أنه في فترة الحزب الحاكم الحالي أصبحت تركيا ضمن دول الجي 20 الإقتصادية (G20) ولديها نشاطات واسعة ضمن منظمة الإمم المتحدة، وهنالك تطور بنسبة 7.5 بالمئة سنوياً في الإقتصاد التركي. ويؤكد النائب التركي أن تركيا على إستعداد في أي وقت للعودة للوساطة بين إسرائيل وسوريا فيما إذا كان الجانبان على إستعداد لذلك، ولكن على القيادات الإسرائيلية أن تعلم أن تركيا قلقة من الأوضاع الحالية، وتتخوف من تدهور الوضع في المستقبل، وبشكل خاص التدهور في اوضاع قطاع غزة، والتدهور الإنساني في حالة السكان الفلسطينيين لأن من شأن تدهور الأوضاع التأثير على إستقرار المنطقة.
القيادات الفلسطينية تسعى لمحاربة إسرائيل في الحلبة الدولية:
وفي محاضرته أكد داني ايالون نائب وزير الخارجية الإسرائيلية أن العلاقات التركية الإسرائيلية جيدة رغم أن بعض الضبابية خيمت على العلاقات في الفترة الأخيرة. ويعتقد ايالون أن العلاقات التركية تبرز في إستمرار العلاقات الإقتصادية والعلاقات في المجال السياحي، وبما أن تركيا ذات أهمية جيوستراتيجية في المنطقة، فمن صالح إسرائيل البقاء على علاقة جيدة بتركيا رغم اللهجة الخطابية المتوترة التي صاحبت علاقات الدولتين في الفترة الأخيرة.
وأضاف ايالون أن تركيا وإسرائيل هي دول غير عربية، ومن صالح الدولتين التعاون من أجل التأثير في الكثير من الأمور المتعلقة بالمنطقة، ولكن يتوجب على إسرائيل رؤية الأمور من منطلق مصالحها. وحول مسألة الوساطة التركية بين إسرائيل وسوريا يرى أيالون أن تركيا كانت دائماُ وسيطاً في نقطة ما، وحتى في فترات سابقة كانت وسيطاً بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ولكن حسب إعتقاد ايالون الوساطة بشأن سوريا ليست مقبولة وكانت خاطئة بمنظور رجعي، أي أن تقييم الأمور اليوم يشير إلى أن موضوع الوساطة من جانب تركيا كان خاطئاً ولم يكن على إسرائيل الموافقة، لأن القيادة السورية حسب إعتقاد ايالون لم يكن هدفها السلام بل كان هدفها الخروج من حالة العزلة التي كانت عليها، وكانت بحاجة للوساطة التركية ومسألة المباحثات من أجل فتح قنوات لعلاقات مع دول الغرب، وبالتالي فالقيادة السورية إستخدمت مسالة المباحثات السلمية والوساطة التركية لأهدافها وهذا ما تراه إسرائيل اليوم. وهاجم أيالون القيادة السورية بالقول أن القيادة السورية بين السنوات 2006 حتى 2008 خرجت من عزلتها، والحوار مع إسرائيل منحها مكانة أفضل خاصة لدى الدول الأوروبية ولكن القيادة السورية ليست مستعدة لدفع ثمن السلام، وهي مستمرة في دعم المنظمات المناوئة لإسرائيل، ولذلك فكل تحرك سوري جديد يجب أن يؤكد لإسرائيل النوايا السورية الصادقة بالنسبة للسلام.
وبالنسبة للجانب الفلسطيني يرى ايالون أن إسرائيل قدمت عدة تنازلات للجانب الفلسطيني، ولكن هنالك تعنتاً ورفضاً للعودة لمسار المباحثات، والحوار على مائدة المفاوضات، ويتهم ايالون القيادات الفلسطينية بأنها تسعى إلى محاربة إسرائيل في الحلبة الدولية وإلى عزل إسرائيل في المحافل الدولية المختلفة، وخاصة فيما يتعلق بقضية تقرير جولدستون، وهذا الأمر لن يؤدي إلى التقدم في مجال المفاوضات السلمية.
ويشير ايالون إلى أن هنالك محاولات من جانب حزب الله وحماس، وجانب من السلطة الفلسطينية، لتحويل الصراع إلى صراع ديني، وبالتالي التاثير على الدول الأخرى العربية والإسلامية، ولكنه اشار إلى أن إسرائيل تطمح أن تكون العلاقات مع العالم العربي والإسلامي على شاكلة العلاقات مع تركيا. وأكد أيالون أن مباحثات على اصعدة مختلفة تجري مع المسؤولين الأتراك، وهنالك نية توسيع التعاون الإستراتيجي بين الدولتين ومن الوجهة الإسرائيلية على الأقل.
حكومة نتنياهو لا تمتلك أية إستراتيجية:
إستعرض عضو الكنيست شاؤول موفاز خطته لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وأشار موفاز إلى إعتقاده بأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي هو الأساس في الصراع القائم بالمنطقة، ودون إيجاد الحل الملائم لن تكون هنالك حلول إقليمية للصراعات القائمة، وبناء على ذلك يرى موفاز ان خطته التي وضعها بمشاركة خبراء متعددين في المجالات المتعلقة بجوانب الصراع المختلفة هي الخطة الأفضل حالياً، ويتهم الحكومة الحالية برئاسة نتنياهو بانها لا تمتلك أية إستراتيجية واضحة وليس لديها اية رؤيا واضحة بالنسبة لحل الصراع مما إستدعى تدخل عناصر مختلفة ومحاولة عرض حلول قد لا تتناسب مع المصالح الإسرائيلية. ويؤكد موفاز أن الوقت ليس في صالح إسرائيل، وهنالك الكثير من العوامل التي ليست في صالح إسرائيل، وبهذا الصدد هنالك المشكلة الديمغرافية – السكانية المتفاقمة والتي يرى فيها موفاز مشكلة كبيرة لأنها تعيد التفكير لدى البعض في مسالة الدولة ثنائية القومية، والتي هي مرفوضة لدى الإسرائيليين الذين يسعون إلى دولة يهودية، وبالتالي يقول موفاز أن عدم التقدم في أي حل سوف يفرض حل الدولة ثنائية القومية، او الدولة الديمقراطية غير اليهودية، أي ان يفقد السكان اليهود الغالبية، أو أن تكون الدولة اليهودية غير ديمقراطية وبالتالي سيرفض المجتمع الدولي مثل هذا التوجه.
وبناء على ذلك يقول موفاز أن طرحه لخطة الحل تأتي لمصلحة إسرائيل، وحسب إعتقاده من الممكن وضع حدود للدولة الفلسطينية، وفي نفس الوقت التباحث في مسألة القضايا الأساسية مثل القدس والمستوطنات واللاجئين، ويرى موفاز ان التقدم في المسار الفلسطيني سوف يفتح المجال أمام المسار السوري والمسار اللبناني وسيكون من الممكن التقدم على الصعيد الإقليمي. ويقول شاؤول موفاز أنه درس في الفترة الخيرة جميع المبادرات التي كانت منذ 16 عاما، ووجد الكثير من نقاط الضعف التي ادت إلى عدم التقدم، وبالتالي يرى ان مسالة الحدود يجب أن تتم تسويتها أولا على أساس أن يفهم الجانب الفلسطيني أن الحل النهائي سيتضمن مناطق بنفس مساحة المناطق عام 1967، ولكن ليس بنفس الحدود، أي أنه يجب ان تكمن هنالك تعديلات على الحدود بحكم الإحتياجات الأمنية الإسرائيلية، ولكن يجب منذ البداية وحسب الخطة الموضوعة أن تتحدد الحدود للدولة الفلسطينية حيث يحصل الجانب الفلسطيني على 60 بالمئة من المنطقة، ولاحقاً المساحات الأخرى، على أن تبقى بايدي إسرائيل الكتل الإستيطانية الكبرى التي ستكون الحدود الإسرائيلية الشرقية. وبالنسبة لموضوع القضايا الأساسية يرى موفاز ضرورة البدء بالتباحث بشأنها مع بداية الحوار السلمي، وينبه موفاز إلى خطورة السياسة الحكومية الحالية التي تسوي بين الكتل الإستيطانية وبين البؤر الإستيطانية، ويرى ان هذه السياسة لإسرائيل ولن تؤدي إلى أي تقدم يذكر بل على العكس.
وبالنسبة للموضوع الإيراني هاجم موفاز إيران وقال أن على المجتمع الدولي إعتبار العام 2010 عام العقوبات، ويتوجب أن تفرض العقوبات لتؤثر على إيران، وتؤدي إلى تراجع القيادات الإيرانية عن توجهاتها بشأن القوة النووية. واضاف موفاز بهذا الصدد إلى أن العقوبات ستنجح بشكل أفضل في حال إنضمام الصين وروسيا للمجتمع الدولي بشأن فرض العقوبات.
مسار المفاوضات السوري أسهل والقرار منوط بإسرائيل:
العقيد إحتياط شلومو بروم رئيس برنامج الأبحاث الخاصة بالعلاقات الفلسطينية - الإسرائيلية في معهد ابحاث الأمن القومي، قال في محاضرته أنه يرى انه لا توجد إستراتيجية واضحة للتعامل مع التهديدات المختلفة المحدقة بإسرائيل، وهنالك شعور بأن جزءاً من التهديدات على إسرائيل لا يحظى بما يكفي من البحث والتمحيص، وبالتالي يرى ان هنالك الكثير من التهديدات المرتبطة ببعضها، والتي قد تنعكس بشكل أو بآخر وتؤثر في عدة مواقع.
وتطرق بروم للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وقال أن إيجاد الحلول لهذا الصراع سوف يمكن إسرائيل من تقليل التهديدات الإيرانية، حيث ان إيران تستخدم هذا الصراع من أجل التدخل في الواقع القائم، وهذا ما يمنح إيران الشرعية للتدخل، وبالتالي فيما إذا كانت هنالك عملية سلمية، فهذا سيقلل من التدخل الإيراني، وبالتالي فالمجتمع الدولي سوف تكون ردوده تجاه إيران ردوداً أقوى. وأشار بروم إلى أن على القيادات السياسية في إسرائيل التفكير بشكل جاد في العودة للمسار السوري إذ أن مسار المفاوضات السوري الإسرائيلي سيكون مساراً أسهل، ومن الممكن التوصل لتفاهمات مع سوريا بهذا الصدد بسهولة، والحل لمسالة الموضوع السوري منوطة بإسرائيل، أي بقرار إسرائيلي وبالتالي سوف يحمل هذا الأمر إمكانيات للهدوء والإستقرار في الشرق الأوسط.
ويرى العقيد بروم الباحث في هذا المجال أن من الممكن السير في المسارين السوري والفلسطيني في آن واحد، لأنه دون المسار الفلسطيني ستبقى المشكلة قائمة، وبالتالي على إسرائيل التحرك في المسارين والتقدم، وهذا ممكن جداً حيث أن الشريك الفلسطيني موجود، ومن الممكن ان تقوم إسرائيل بدعم الشريك الفلسطيني لأن الخطر المحدق بإسرائيل حالياً وبالفعل هو خطر الدولة ثنائية القومية، لأن هذه الدولة بالفعل سوف تكون ديمقراطية ودون غالبية يهودية، أو ستكون دولة يهودية وغير ديمقراطية، وفي الحالتين هنالك مشكلة للسكان اليهود، وبالتالي يرى برون يتوجب تسريع التفكير في إيجاد الحلول المناسبة.
ويرى بروم أن هنالك حالياُ فوارق كبيرة في مواقف وأهداف الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وبشكل خاص في مسألة المستوطنات وإخلاء المستوطنين الذين هم بحد ذاتهم مشكلة ليست بالسهلة، وبهذا الصدد يضيف بروم أن طاقماً خاصاً من الباحثين في معهد أبحاث الأمن القومي يعكف على دراسة الجوانب المختلفة للصراع، وإمكانيات الحلول وخاصة الموضوعات المتعلقة بمسالة اللآجئين والقدس والمستوطنات التي هي الموضوعات الحساسة بالنسبة للجانبين الإسرائيلي والفلسطيني. ويؤكد بروم ان السلطة الفلسطينية اصبحت اقوى في الفترة الأخيرة، وهي تقوم بتطبيق القوانين والإستقرار في المناطق التي هي تحت سلطتها، وتقديم المساعدات لها سوف يسهم كثيراً في التقدم على المسار السلمي، وهنالك خطة رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض التي هي خطة جيدة، وتطبيقها سيؤدي إلى الكثير من التطور والإستقرار السياسي والإقتصادي، ولكنه يرى أن هنالك ضرورة إشراك المزيد من الدول في المنطقة لتعزيز الدعم الإقليمي للسلطة الفلسطينية، ولمسار السلام، وفي نفس الوقت هذا التحول سوف يمنع حركة حماس من إمكانية توسيع سيطرتها والدخول في الشقوق، والتاثير على مجريات الأحداث وبالتالي ايضا هذا سيؤدي إلى إنجاح المفاوضات السلمية. ويؤكد بروم أن على إسرائيل منح الجانب الفلسطيني المزيد من الدعم والمحفزات الإيجابية من أجل تغيير الوضع للأفضل.
عدم نجاح الولايات المتحدة في المسألة الإيرانية سيصعد السباق النووي في المنطقة:
سلاي مريدور، السفير السابق لإسرائيل في الولايات المتحدة، قال إن لدى الولايات المتحدة مصالح مختلفة ونقاط إهتمام مختلفة، وليست منطقة الشرق الأوسط دائماً هي النقطة الأهم بالنسبة للسياسة والإستراتيجية الأمريكية، وبالتالي على إسرائيل حسب هذا الأمر، وإتخاذ القرارات الملائمة والمناسبة بالنسبة للتطورات في الشرق الأوسط بشكل عام، والتطورات في المسالة الإيرانية بشكل خاص. وأكد مريدور أن المفاهيم الأمنية في السياسة الأمريكية مختلفة، وحالياُ الولايات المتحدة تتركز في النواحي الإقتصادية حيث أن غالبية الأمريكيين معنيون بهذا المجال بشكل خاص، وهنالك الكثير مما يشغل السياسة الأمريكية، فالولايات المتحدة مازالت متورطة في العراق وافغانستان، وهنالك الكثير من المشكلات من جانب الباكستان إضافة إلى المسألة الإيرانية، وبالتالي الإدارة الأمريكية لديها الكثير مما يشغلها إضافة للمسألة الإيرانية، وليست المسألة الإيرانية في مركز إهتماماتها، وهي بالتالي غير معنية بالقفز سريعاً للمواجهات العسكرية ضد إيران، بل تسعى للتقدم بخطى مدروسة في هذا المجال، وتعتمد الدبلوماسية والعقوبات، ولكن ما من شك في أن الخطر الأكبر للولايات المتحدة ينبع من منطقة الشرق الأوسط.
وبالنسبة لسياسة الرئيس أوباما يرى مريدور أن اوباما مازال لغزاً بالنسبة للبعض، والقرارات التي يتخذها في شؤون مختلفة صنفته أحيانا في الرأي العام ووسائل الإعلام على أنه في المركز واحياناً على أنه في اليسار، ولكن الواضح أن السنة 2010 سوف تكون السنة الفاصلة، وسيتحدد خلالها ماهية التوجهات الأساسية للرئيس أوباما، وقد يكون الإمتحان الأساسي للرئيس أوباما مسألة إيران والقرارات التي سيتم إتخاذها في هذا الصدد، وهنالك أيضاً أهمية لإمكانية إقناع الإدارة الأمريكية كل من الصين وروسيا للإنضمام لركب الدول التي تساهم في فرض العقوبات على إيران.
ويعتقد السفير سلاي مريدور أن عدم نجاح الإدارة الأمريكية في تلجيم إيران سوف يؤدي إلى سباق تسلح في منطقة الشرق الأوسط، حيث ستحاول دول المنطقة الأخرى إكتساب قدرات نووية بوسائل مختلفة، وخاصة دولاُ مثل السعودية ومصر التي تعتبر ذات انظمة معتدلة نسبياً، ومثل هذا التطور سوف يعتبر كابوساً سيئاً لإسرائيل.
وحول الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي يرى مريدور أنه خلال السنة 2009، لم يكن هنالك تقدم ملموس في هذا المضمار والإدارة الأمريكية أهملت هذا المسار في اعقاب المشكلات المتعددة التي تكدست أمامها، وخاصة المشكلة الإقتصادية التي ما زالت المشكلة الأساسية المطروحة على جدول الإدارة الأمريكية وسط الأزمة العالمية الإقتصادية التي مازالت جاثمة على الإقتصاد الأمريكي، ولكن من جانب آخر أصبحت الحكومة الحالية بقيادة حزب الليكود ملتزمة بمبدأ الدولتين، وعلى إستعداد للتوصل إلى حل دائم وضمن ذلك حل القضايا الجوهرية، رغم انها في حالة عزلة معينة دولياً، ودون دعم يذكر من المجتمع الدولي. ويؤكد مريدور أن خطر تجدد العنف في المنطقة هو أمر ملموس، وقد تشهد المنطقة إضافة للوضع القائم تفجر حالة عنف من الجانب الفلسطيني، ولذلك من المهم جداً أن تستمر عملية بناء المؤسسات الفلسطينية، وبناء الإقتصاد الفلسطيني، وتحسين الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية في الجانب الفلسطيني، وعلى إسرائيل المساهمة في الجهود الفلسطينية في هذا المضمار وعدم القيام بخطوات قد تمنح حركة حماس والفئات الأكثر تطرفاً دافعاً لتوسيع نفوذها في الشارع الفلسطيني. ويرى مريدور أن على إسرائيل المبادرة إلى اجراء المباحثات مع الجانب الفلسطيني من أجل التقدم نحو إنجازات ملموسة، ومنع تدهور المنطقة إلى إتجاهات متطرفة، حيث أن المسألة الإيرانية ستكون لها تداعيات على المنطقة، وعلى العناصر المختلفة ومنها حزب الله وحماس.
الخيار العسكري الإسرائيلي ضد إيران مغامرة نتائجها وخيمة:
وفي محاضرته قال الجنرال جيورا ايلاند، الباحث في معهد أبحاث الأمن القومي،  أنه قبل التسرع في وضع الخيار العسكري في واجهة الحلول المطروحة بالنسبة للمسالة الإيرانية يتوجب بحث وتداول الخيارات الأخرى، حيث أن هنالك أربع نقاط هامة من وجهة النظر الإسرائيلية، وهي أنه لتفعيل الخيار العسكري لا بد من التعامل مع النقاط التالية:
1. الشرط الأساسي هو ماهية التطورات في العام 2010 بالنسبة لما ستتخذه الدول الكبرى من إجراءات حيال ما يحدث في إيران.
2. التقديرات الإسرائيلية الإستراتيجية بالنسبة لمخاطر العيش مع فكرة تحول إيران لدولة نووية، وبالمقابل المخاطر الناجمة عن إمكانية العمل للحيلولة دون حصول إيران على القوة النووية.
3. تفهم الإستراتيجية الأمريكية التي سيتم إتباعها حيال إستمرار إيران في نهجها بالنسبة لتخصيب اليورانيوم وضربها عرض الحائط بالتوجهات التي يطرحها المجتمع الدولي.
4. إحتمالات نجاح أو فشل الخيار العسكري الإسرائيلي في ظل الظروف الموضوعية القائمة، والإمكانيات العملية للتنفيذ وبالتالي تداعيات العملية العسكرية على الصعيدين العسكري والدبلوماسي.
ويشير الميجور جنرال ايلاند إلى أن السيناريوهات أمام إسرائيل متعددة، وعليها إختيار ما يناسبها بعناية، ولكن من خلال أخذ إعتبارات مختلفة وضمنها موقف المجتمع الدولي وموقف الولايات المتحدة، وحالياً الإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي يميلون إلى الحوار الدبلوماسي مع إيران، وحل المسألة من خلال المفاوضات والتفاهمات، و إستبعاد خيار القوة العسكرية في الوقت الراهن، وبالتالي في حال تم التوصل إلى إتفاق مع إيران، فسوف يكون هنالك حل للمسألة النووية، وفي هذه الحالة الخيار العسكري الإسرائيلي سوف يفشل.
ولكن في حالة تفاقم المشكلة إلى ازمة، فالغالب ان دول الغرب والولايات المتحدة سوف تستخدم العقوبات الإقتصادية كسوط ضد إيران، ولعزلها دولياً وسياسياً، وبالتالي لن تكون هنالك حاجة للخيار العسكري الإسرائيلي، ولكن في حالة عدم وجود وضوح بالنسبة لنتائج المباحثات مع إيران، او في حال إزدياد الضبابية، أو في حال أن الجانبين الإيراني والأمريكي هما في حال الرغبة بإستمرار المباحثات للتوصل إلى تقدم ما وعدم الإنزلاق إلى أزمة طاحنة، في هذه الحالة ايضاً لن يكون بمقدور إسرائيل التلويح بالخيار العسكري حيث أن مثل هذه الظروف  ليست مواتية لإستخدام الخيار العسكري الذي يستلزمه وجود الدعم الدولي والأمريكي.
ويرى الميجور جنرال إحتياط جيورا ايلاند أن الخيار العسكري الإسرائيلي قد يكون ممكناً في حال عدم تمكن الولايات المتحدة من بلورة إلإئتلاف الدولي المعادي لإيران لتنفيذ العقوبات بشكل حازم، وفي حالة أن الواقع الدولي يبين أنه لست هنالك نية للقيام بعمل في حال أنه سادت المقولة "كل لنفسه"، في هذه الحالة لن تكون الكثير من الخيارات أمام إسرائيل، وبالتالي سوف تعتمد الخيار العسكري لإنحسار الحيز السياسي.
من جهة اخرى يرى ايلاند أنه قد يتبلور واقع معين يجعل إمكانية توصل إيران للقدرة النووية العسكرية امر ملموس، وفي هذه الظروف إسرائيل سوف تسارع إلى إيجاد الحلول الممكنة لدرء مخاطر القدرات النووية الإيرانية، وفي حال دخول معترك العمليات السياسية، فالواضح أن منطقة الشرق الأوسط سوف تدخل في حقبة جديدة، وردود الفعل على الخيار العسكري سوف تنعكس على المجتمع الإسرائيلي، وضمن ذلك سوف تتهم إسرائيل من جانب المجتمع الدولي بانها دولة هوجاء ومتسرعة، وأنها تهدد الإستقرار الدولي وتزعزع ركائز الإقتصاد الدولي وسط الأزمة الإقتصادية الخانقة، حيث أن من النتائج الممكنة للخيار العسكري الإسرائيلي إرتفاع اسعار النفط بشكل غير مسبوق قد يصل إلى أكثر من 200 دولار للبرميل الواحد، وإشتعال منطقة الخليج بما في ذلك من تأثيرات على المنطقة والعالم، وبالتالي سوف تصبح إسرائيل دولة منعزلة إضافة إلى العزلة الحالية القائمة بشكل ما وسيتدهور إقتصاد دول عديدة بسبب ما سيسمى المغامرة الإسرائيلية.
أما من حيث موقف الولايات المتحدة الأمريكية فقد يكون من رغبات الإدارة الحالية عدم تفكير القيادات الإسرائيلية بالخيار العسكري في الوقت الراهن، لأن قيام إسرائيل بعملية عسكرية دون تنسيق قد يضر بالمصالح الأمريكية والخطط الأمريكية لمعالجة الموضوع بما يتلائم والمصالح الأمريكية والغربية، ولكن بمقدور إسرائيل أن تمارس قواعد اللعبة السياسية في حيّز معيّن ضمن هذا الإطار، ولكن عليها ان تكون حذرة جداً، فالتهديدات الإسرائيلية تحث الولايات المتحدة على تسريع التقدم في المسألة الإيرانية رغم أن الإدارة الأمريكية غير معنية بخيار عسكري من جانب إسرائيل لآنه سوف تفضل في حال السير نحو الخيار العسكري أن تقوم هي بتنفيذ الخيار العسكري حيث ان إمكانياتها أفضل واوسع من إمكانيات إسرائيل، وقد تكون الولايات المتحدة غير معنية بالتلويحات الإسرائيلية بإستخدام القوة، لأنها لا تخدم المصالح الفعلية، بل قد تكون مجرد تهديدات لن تأخذها إيران على محمل الجد وبالتالي سوف تستمر حملة الإستهتار الإيرانية بالتوجهات الأمريكية.
ويرى الجنرال جيورا ان السؤال الذي يفرض نفسه هو هل يمكن حسب السيناريو القائم أن تتعايش إسرائيل مع الواقع القائم أي أن تكون إيران دولة نووية أو ذات قدرات عسكرية نووية وان تكون إسرائيل قادرة على التعايش مع ذلك.. أو اختيار مجال الخيار العسكري
والأسئلة في هذا المجال كثيرة ومتنوعة:
- هل لدى إسرائيل ما يكفي من المعلومات الإستخباراتية لمهاجمة المنشآت الإيرانية.
- هل هنالك قدرات كافية لنقل المعركة لإيران، وقدرات لنقل القوى الكافية ونوعية الأسلحة والطائرات وما إلى ذلك، وكيفية نقل القوات الإسرائيلية وإستعادتها  بعد المعارك.
- هل بالفعل يمكن التسبب بأضرار فعلية للمنشآت الإيرانية وماهية الردود الإيرانية.
- هل بالفعل يمكن من خلال عملية عسكرية التسبب بوقف المشروع النووي الإيراني، أم ان الأمر سيقتصر على تأخير المشروع لفترة معينة قصيرة حيث أن المعلومات النووية قائمة في الحواسيب والأدمغة الإيرانية وليس من السهل إلغاء هذه الإمكانيات أو القضاء عليها.
- هل هنالك ما يكفي من الوقت للتعامل مع الواقع القائم في إيران حيث أن الجانب الإيراني لديه إمكانيات متعددة، وضمنها إخفاء المنشآت والحصول على صواريخ أرض جو من نوع أس 300، وهنالك تقنيات وإمكانيات ليست بالضرورة لصالح إسرائيل.
وبناء على ما ذكر يعتقد الميجور جنرال ايلاند أن على إسرائيل دراسة كافة الجوانب بالشكل الملائم، ورؤية الواقع السياسي القائم وفيما إذا كانت الحكومات الإسرائيلية على إستعداد للقيام بالعملية ضد إيران، وفيما إذا كان وفيما إذا كان هنالك دعم من الرأي العام الإسرائيلي، وهنالك حاجة ضرورية لحوار جاد وتقديرات للموقف بين المستويين العسكري والسياسي في إسرائيل لإتخاذ القرار النهائي والمصيري: هل  قبول واقع أن إيران دولة نووية أم لا؟.
إيران لن تستخدم الأسلحة النووية ضد إسرائيل:
وفي كلمته أشار الجنرال البروفيسور يتسحاك بن يسرائل الخبير بتكنولوجيا الصواريخ والأسلحة النووية، إلى أن الموضوع الإيراني يستلزم الكثير من البحث والتمحيص للتوصل إلى القرار الصائب. ويؤكد بن يسرائل أن قوة نووية إيرانية ليست تهديداً مصيرياً لإسرائيل، لأن إيران لن تقوم بإستخدام اسلحة نووية، فالنظام الإيراني لن يسارع إلى إستخدام اسلحة نووية لأن لديه مصالح لدى الغرب، والقيادات الإيرانية تفكر بشكل متعقل، وليست قيادات مغامرة، وحسب مفاهيم القيادات الإيرانية إسرائيل غارقة بالأسلحة  النووية وردود فعلها ستكون حازمة وقاسية. ويعتقد بن يسرائل أن إلقاء قنبلة نووية على مدينة مثل تل أبيب سوف تتسبب بالكثير من الأضرار، ولكن ليس معنى ذلك تهديداً مصيرياً ولكن الإسرائيليين يحبون تضخيم أي تهديد تجاههم بشكل كبير.
ويرى بن يسرائل أن هنالك قوة ردع إسرائيلية، ولكن المشكلة في أن المنطقة تعج بالمنظمات المعادية لإسرائيل، والتي قد تحاول الحصول على قنابل نووية تستخدمها ضد إسرائيل، لذلك من صالح إسرائيل العمل على منع إيران من الحصول على القدرات النووية الإيرانية ويبدو أن الولايات المتحدة لن تسمح في نقطة معينة بإستمرار إيران في العمل على الحصول على القدرات النووية والإستراتيجية الأمريكية كانت دائماُ العمل على منع توصل عناصر معينة لقوى مهددة مثلما حدث مع اليابان والعراق.
ويرى بن يسرائل أن الظروف القائمة لا تسمح لإيران إنتاج أسلحة نووية، ولذلك فالقيادات الإيرانية تسير على الحافة وبشكل لا يؤدي إلى تأليب المجتمع الدولي ضدها بشكل واسع النطاق، وهذا ما يجعل إيران تتقدم بخطى قصيرة، وهذا ما يجعل إمكانية القيام بعمليات عسكرية ضد إيران من الأمور الصعبة في المرحلة الحالية.
والفترة القادمة سوف تشير إلى تطورات في هذا المجال يقول البروفيسور بن يسرائل أن على إسرائيل إستغلالها، ولكن هنالك مشكلة العلم والعلوم التي تستمر في التواجد، وكما حدث في العراق من الممكن أن يحدث في إيران، حيث أن الخيار العسكري قد يؤدي إلى تغيير الأوضاع بشكل يبقي المعلومات، ولكنه لا يسمح بإستخدامها مجدداً لإنتاج الأسلحة النووية. العقوبات هي وسيلة جيدة في نظر بن يسرائل، وقد تتمكن الولايات المتحدة من ضم دول أكثر للإئتلاف الذي سيقوم بفرض العقوبات، وقد يستمر هذا الأمر لفترة ما لتشكيل الإئتلاف، وبالتالي الولايات المتحدة سوف تبلور سياستها حسب الوضع القائم وعلى سبيل المثال من الممكن جعل بعض الدول تستغني عن النفط الإيراني، فالصين مرتبطة بالنفط الإيراني، والولايات المتحدة قد تطالب الدول المنتجة للنفط لزيادة ضخ النفط لتوفير إحتياجات النفط للصين، وبذلك جعل الصين تنضم للإئتلاف ضد إيران، وكذلك الأمر بالنسبة لروسيا من الممكن إيجاد النقاط التي تهم روسيا. وفي نظر بن يسرائل على إسرائيل العمل لبلورة تفهم عالمي للتوجهات القائلة بأنه يتوجب منع إيران من إستعادة قدراتها في المستقبل، بحيث تتأخر عملية الإنتاج للأسلحة النووية ولكن في المستقبل قد يكون بإمكان إيران إستعادة قدراتها وبناء الأسلحة مجدداُ.
على إسرائيل عدم التهاون إزاء التطورات في المنطقة:
وإختتم الجلسات الوزير الدكتور زئيف بنيامين بيغن الذي أشار إلى أن تطورات مختلفة تعصف بالمنطقة، فسوريا مازالت تسعى إلى السيطرة على لبنان، وبطرق مختلفة تمكنت من إخضاع الزعيم وليد جنبلاط، ورئيس الوزراء سعد الحريري لم يتمكن من إستثمار إنتصاره، وبالتالي بدأ يتماشى مع المصالح السورية بينما حزب الله اصبح القوة الأقوى في لبنان وبيديه اربعين الفاً من الصواريخ الموجهة تجاه إسرائيل بينما سوريا تسيطر على الموقف برمته وتجيّره لمصالحها.
ويقول الدكتور الوزير بيغن أن على إسرائيل عدم التهاون إزاء مثل هذا الوضع، لأن نتائجه ستكون وخيمة، وهنالك نقاط أخرى يتوجب على إسرائيل متابعتها، فالتهاون في مسألة مشاركة حركة حماس في الإنتخابات أدت إلى ما آلت إليه الأوضاع في قطاع غزة.
ويتبين أن المجتمع الدولي كانت توقعاته كبيرة بالنسبة لسوريا التي يرأسها الرئيس بشار الأسد، ولكن ما يبدو أن سوريا مستمرة في أعمال دعم الإرهاب سواء في لبنان أو العراق، والقيادات العراقية تشير بأصابع الإتهام تجاه سوريا، وأكد على ذلك العلاقات السورية الإيرانية والتقارب الكثيف الذي توّج بإتفاقية تعاون إستراتيجي عسكري بين الدولتين. وبالنسبة لتركيا يظهر بيغن خيبة الأمل من الدولة التي كانت صديقة واصبحت الأن على علاقات وطيدة بإيران، وهذا أمر مقلق لإسرائيل، لأن هنالك عملية تشكل لمحور تحالفات معادية لإسرائيل في المنطقة الشمالية. ويشير بيغن إلى أن السلطة الوطنية الفلسطينية خيبت الآمال من خلال المباحثات ومنذ العام 2000، والنتيجة هي "صفر" لأنها لم تقدم شيئاً لإسرائيل، ولم يكن هنالك أي تقدم بإتجاه السلام أو الإستقرار، بل الجانب الفلسطيني يسعى إلى المزيد من التنازلات الإسرائيلية دون تقديم مقابل، بينما جامعة الدول العربية أطلقت مبادرة تختفي فيها الدعوة إلى حق العودة للآجئين الفلسطينيين، وايضاً لم يكن هنالك تقدم من الجانب العربي، وبالتالي على إسرائيل إستيعاب الموقف، والتعامل بحذر مع مثل هذه المبادرات.
وبالنسبة لإقتراحات إيهود أولمرت للرئيس أبو مازن يقول بيغن أن إسرائيل ذهبت بعيداً في التنازلات للسلطة الوطنية، ولكن النتيجة كانت المزيد من المطالب دون تقديم مقابل، والتوقعات الإسرائيلية بقيت توقعات فقط بينما الرئيس ابومازن رفض الإقتراحات الإسرائيلية.
ويدعو الدكتور بيغن إلى فهم مغزى الأمور، وعدم المسارعة إلى تقديم التنازلات للسلطة الوطنية ومنظمة التحرير الفلسطينية، لأن مؤتمر حركة "فتح " الأخير يشير إلى التوجهات الفلسطينية الحقيقية، فالفلسطينيون يريدون حق العودة ولا يريدون الإعتراف بدولة إسرائيل كدولة "الشعب اليهودي"، وبالتالي الجانب الفلسطيني لا يتعجل لأنه يسعى إلى إحتلاب المزيد من التنازلات الإسرائيلية، وما عليهم معرفته أنه ما من إمكانية للتوصل إلى تفاهم مع منظمة التحرير والسلطة الوطنية طالما أن الجانب الفلسطيني لم يغيير من توجهاته ووسائله.
وإختتم بيغن اقواله بأن على إسرائيل مطالبة السلطة الوطنية ومنظمة التحرير تغيير النهج والإستراتيجية الفلسطينية قبل أن توافق إسرائيل على الدخول في مباحثات ومفاوضات.( مجلة البيادر السياسي، فلسطين)

2010-01-20 12:43:27 | 1903 قراءة

التعليقات

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد
مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية