التصنيفات » ندوات

الأهداف الحقيقية للعقوبات الدولية على إيران


عقِدت في مركز باحث للدراسات (15-6-2010) ، ندوة خاصّة حول الخلفيات والأهداف الحقيقية للعقوبات التي فرضها مجلس الأمن الدولي على إيران، بزعم أنها تسعى لتصنيع سلاح نووي يهدّد أمن العالم!

وقد بدأ مدير عام مركز باحث، الأستاذ وليد محمّد علي، الندوة بمقدّمة حول ما حصل قبيل قرار العقوبات، والبيئة الدولية والإقليمية التي تتحرّك في غير ما تشتهيه الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي، وخاصّة تأثير تركيا والبرازيل في إنجاز (إعلان طهران النووي) حول الوقود النووي، والذي أحرج الغرب ودفعه للتعجيل في إقرار العقوبات!

المحاضِر الرئيس في الندوة، الأستاذ أنيس النقّاش، استهلّ الندوة بوضع إطار دقيق لها:
1- الأهداف الحقيقية للعقوبات.
2- الدوران التركي والبرازيلي.
3- آفاق مستقبل الصراع.
وذكر  النقّاش بأن مركز دراسات أوروبية (فرنسية وإنكليزية) كانت قد أوصت في العام 2005 بفرض عقوبات قاسية على النظام في إيران، مرفقة بدعايةٍ شاملةٍ ضدّه لتأليب المعارضة الإيرانية، في ظلّ صعوبة – أو استحالة- الحلّ العسكري مع إيران. ولفت النقّاش إلى ارتباط هذه المراكز مباشرة بمراكز صنع القرار في أمريكا وأوروبا، بما يؤشّر إلى طبيعة أو حقيقة العقوبات التي فرِضت مؤخّراً  على الجمهورية الإسلامية.

وبعدما كشف عن أهداف فرعية للغرب  من وراء العقوبات، مثل محاولة استمالة إيران لتتعاون في "ملفّات" مشتركة (كالعراق وأفغانستان)، أو تعديل سلوكها تجاه قضايا أخرى، أكّد النقاش أن إيران لم تستجب لهذه الضغوط والإغراءات، كما الحال طيلة السنين الماضية، وخصوصاً في ما يتعلّق بدعمها للمقاومة في لبنان وفلسطين.


ولاحظ النقّاش أن الغربيين يدركون تماماً أن إيران لا تسعى وراء السلاح النووي، لكنّهم يحاولون ابتزازها سياسياً،  من ضمن الصراع القديم-الجديد حول موارد وأسواق المنطقة، ومواقع النفوذ؛ سواء بين الدول الغربية نفسها، أو بين هذه القوى الكبرى والدول الإقليمية الفاعلة، كإيران وتركيا وغيرهما، والتي قد تسعى لبناء محور إقليمي يواجه المحور المرتبط بأميركا والغرب عموماً.

وبعدما أكّد أن العقوبات الجديدة، في نسختها الرابعة، لن تؤثّر على النظام في إيران، بشكلٍ كبير، ولن تستطيع تفعيل المعارضة الشعبية له، بالاتكاء على القوّة المعنوية الدافعة لتلك العقوبات، أشار النقّاش إلى أن حرس الثورة هو الهدف الأساس من هذه العقوبات، باعتباره حضن  النظام والداعم الأكبر لقوى المقاومة في المنطقة؛ وهو أيضاً لن يتأثّر كبيراً.

وختم الأستاذ النقاش بأن احتمالات الحرب على إيران أو غيرها ضعيفة جداً في المدى المنظور، وأن خيار العودة إلى التفاوض معها لا يزال مطروحاً، في ظل الصمود الإيراني، حيث كيّف الإيرانيون أنفسهم معها؛ بل هم أبدعوا في مجالات كثيرة أمّنت لهم الاكتفاء الذاتي؛ فضلاً عن تمكّنهم من امتلاك التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية وغزو الفضاء.

وفي ردوده على مداخلات بعض المشاركين في الندوة، أوضح النقّاش أن الأوروبيين يتصرّفون بمنطق المساومة  والصفقات، وهذا ما تحبّذه إسرائيل، وهي كانت  تسعى لفرض عقوبات قاسية "تشلّ إيران"؛ وهذا لم يتحقّق. وباعتراف الغربيين، إن نفس الحزمة  الرابعة من العقوبات لن تكون مؤثّرة كثيراً، وخاصّة أن أنباء أشيعت حول اشتراط الروس والصينيين عدم تنفيذ قرار تفتيش السفن في أعالي البحار، حتى يوافقوا على قرار العقوبات؛ مع العلم بأن إيران ردّت على مسألة تفتيش السفن بالمثل، وهي قادرة على ذلك.

وأكّد النقاش أننا في مرحلة وسيطة ستؤدّي إلى الانتصار الحاسم في المستقبل على الحلف الغربي-الصهيوني المعادي، الذي فقد الكثير من أوراق قوّته، فيما اكتسبت قوى المقاومة وسائل قوّة غيرت الموازين في المنطقة بشكلٍ كبير جداً، مراكمة انتصاراتها المتتالية في عدّة مواقع للمواجهة المفتوحة ... وشدّد  النقاش على خطورة الحرب النفسية التي تخاض ضدّنا في هذه المرحلة، بغياب القدرة على شنّ الحروب والاعتداءات العسكرية الشاملة؛ ومن مجالاتها الأبرز الإعلام والثقافة والاقتصاد والفكر، حيث يحاول الغربيون وحلفاؤهم الصهاينة تفكيك أو تفتيت أو إحباط القوى المعادية لمخطّطاتهم من دون نجاحٍ يُذكر حتى اليوم!

وأشار النقّاش إلى أن قضية فلسطين هي جوهر الصراع الإقليمي-الدولي الدائر حالياً؛ وهي تختصر كلّ أبعاد هذا الصراع؛ وأن الملفّ النووي الإيراني ليس مطروحاً بحدّ ذاته كملفٍ مستقلٍ يثير رعب الغرب ومخاوفه، وإنما هو أداة سياسية تُستعمل لابتزاز إيران ودفعها  للتراجع عن دعم المقاومة. وكرّر النقاش عدم توقّعه حروباً قريبة في المنطقة، بسبب انغماس الأميركيين وحلفائهم في أفغانستان والعراق، وعجز الكيان الإسرائيلي عن الدخول في حربٍ مضمونة النتائج، بعد فشله الاستراتيجي في حرب تموز 2006 وحرب غزّة 2009.

وبعدما حلّل  النقاش دوافع الصين وروسيا للتصويت على العقوبات بحقّ إيران، والتي تتراوح بين الدوافع الاقتصادية والاستثمارية، وبين عقد صفقاتٍ معيّنةٍ  مع الأميركيين، تطال أمنهم ومصالحهم الحيوية في مناطق أخرى من العالم غير الشرق الأوسط، أكّد أن شعوب المنطقة تقوى يوماً بعد يوم، فيما تضعف الأنظمة  وتتراجع مع بدايات انهيارٍ كبيرٍ وربّما حاسمٍ في المنظومة الغربية المعادية، على المستويين الاقتصادي والاجتماعي بالخصوص؛ ورغم كلّ التضحيات التي قدّمتها القوى المقاومة  والشعوب الحيّة في الصراع الدائر، فإنها لا تعادل أبداً ما قدّمته أيّ دولةٍ أو شعبٍ من شعوب العالم، خلال العقود الماضية؛ سواء في الثورات أو في الحروب التي اشتعلت هنا وهناك، تحت شعارات وطنية أو فئوية معيّنة؛ فيما نحن نخوض هذا الصراع القاسي، بدوافع عقيدية وفكرية وأخلاقية ووطنية راقية، تلزِمنا بأن نستمرّ في الصمود والمواجهة مع الحلف الاستكباري-الصهيوني، حتى يتحقّق النصر الحاسم في المستقبل،  وهو أمر مؤكّد بعدما صارت قوى الممانعة والمقاومة في موقع الندّ لهذا الحلف المعادي؛ تسليحاً وتدريباً وتخطيطاً وإرادة وتصميماً.
وختم الأستاذ  أنيس النقّاش بضرورة التركيز، في كلّ مناسبة، على الخطر الوجودي الذي يعيشه الصهاينة بسبب قوّة المقاومة، وصمود سوريا وإيران؛ وهذا ما كشف عنه رئيس الكيان نفسه، شمعون بيريس، مؤخّراً؛ فضلاً عن العشرات من المسؤولين والقادة والمفكّرين الصهاينة، وهم لا يبالغون في ذلك على الإطلاق.


2010-06-17 09:53:49 | 2466 قراءة

التعليقات

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد
مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية