التصنيفات » دراسات

توصية صهيونية إلى الجهات الرسمية "الإسرائيلية" حول كيفية مواجهة القنوات الفضائية والإعلام العربي




على خلفية العاصفة السياسية التي تدحرجت إليها "إسرائيل" في أعقاب مهاجمة الباخرة التركية، قررنا أن نخرج عن عادتنا، وأن نبدي نظرة مختلفة حول الأشياء.
- ما هي القوانين الرئيسية التي تدار وفقا لهاً الصراعات في المنطقة؟
- وما ينبغي على "إسرائيل" أن تفعله ومالا تفعله؟
- أية معارك تم حسمها وما هي المعارك التي مازال علينا أن نخوضها؟
لعنصر المفاجأة وزن كبير في أية معركة
ثمّة من يدّعي أنّه طالما بقيت إسرائيل تبدو كدولة محتلة والفلسطينيون تحت الاحتلال فإنّ الإعلام مهما كان بليغا لن يساعد الجماهير على التضامن مع المواقف "الإسرائيلية".
ماذا يمكن أن نفعل في مواجهة واقع فيه القنوات الفضائية العربية تبث الأخبار على مدى الساعة وعدد كبير من المعلقين العرب يخلقون ضجة إعلامية خاصة بهم في الشبكات الفضائية أو الفضائيات الصديقة. الإجابة هي أن نفعل ونقوم بمهمتنا.
بالنسبة لأي حدث يتعين على "إسرائيل" أن توصل وهي مسلحة بخيرة المتحدثين والرسائل ونشرها بسرعة وبحزم تماما مثل الطرف الآخر هذه الرسالة.
هذا الأسلوب لن يضمن نجاحاً "إسرائيلياً" باهراً، لكن على ضوء صورة "إسرائيل" فإنّ أية نتيجة ما عدا الهزيمة التامة هي تعتبر بمثابة إنجاز.
المعركة من أجل كسب الرأي العام تنقسم إلى مرحلتين:
- المرحلة الأولى تتضمن تقارير إعلامية في الزمن الصحيح، في هذه المرحلة لا تنتصر الحقيقة وإنّما مفهوم المشاهدين للحقيقة.
لا يهمّ أن يتواجد على باخرة معينة أنصار السلام أو إرهابيين وإنّما هل اقتنع العالم بأنّ على الباخرة كانوا نشطاء سلام أو إرهابيين. في واقع يبلور فيها معظم المشاهدين رأياً معادياً لإسرائيل من الصعب توقع تحقيق إنجازات مهمة من الإعلام الإسرائيلي في هذه المرحلة.
- المرحلة الثانية تحين بعد انتهاء الحدث وبداية التحقيقات. في هذه المرحلة ليس هناك مجال أمام إسرائيل كي تخسر، إحدى مزايا الديمقراطية هي الوصول إلى تقصي الحقيقة والإعلان عنها.
بالنسبة "لإسرائيل" من الضروري الحفاظ على مصداقيتها بأي ثمن لأنّه بدون هذه المصداقية ستمنى إسرائيل بهزيمة أيضا في هذه المرحلة. الانتصار في هذه المرحلة هو الذي يحافظ على الإعتماد الذي تتمتع به "إسرائيل" لدى حليفاتها.
الصورة هي السلاح الأقوى في المعركة من أجل كسب الرأي العام.
قواعد اللعبة
في الخمسينات إسرائيل الصغيرة واجهت عمليات تسلل من الحدود، الحدود كانت مخترقة بشكل أخطر مما هي عليه الآن وكان لدى الجنود إمكانيات محدودة للقبض على مجموعات المتسللين على عكس ما هو موجود الآن.
في تلك الظروف محاولة إلقاء القبض على أيّة مجموعة كانت تشدّ الإمكانيات المحدودة للجيش حتى نهاية الخيط وكانت تحقق نتائج جزئية.
القيادة السياسية اختارت العمليات الانتقامية، كان هذا الأسلوب بسيطا-أنتم تستطيعون ضربنا في أي وقت- نحن احتفظنا لأنفسنا حق التصرف بأنفسنا على هذا النحو، وتأكدوا أننا سنستغل هذا الحق بشكل غير متناظر-.
هذه السياسة صحيح أنّه كان هناك خلاف حولها وقد شدّت حدود الديمقراطية إلى نهايتها وتسببت في موجة من التنديدات ضد إسرائيل في ذلك الحين، لكن في ميزان النتيجة عمليات التسلل تضاءلت وتراجعت حتى توقفت.
عندما تكون منظومة الاعتبارات لدى منظمي القافلة المعادية لإسرائيل ترتبط بالسؤال هل إسرائيل ستوقف القافلة أو ستسمح لها بمواصلة طريقها، أو أن هناك حاجة لمحاولة وتقدير ما هو موجود في كفة الميزان واختيار ماذا ينبغي أن نرسل في مواجهة القافلة أو نلغيه بعد أن أحبطت إسرائيل قافلة واحدة من خلال استخدام السلاح دخل اعتبار آخر، من الجائز وفي وضع معيّن أن يصاب المشاركون. هنا أيضا الثمن واضح  التداعيات والمزايا والنقائص يمكن وزنها.
عندما ترسل سوريا صواريخ إلى حزب الله فهي تعرف مدى ردود الفعل الإسرائيلية، التنديد والتهديدات وشكاوى إلى الأمم المتحدة وربما مهاجمة هدف سوري غير مأهول.
بكلمات أخرى سوريا تسيطر على اللعبة، هي التي تحدد متى تبدأ وهي تستطيع أن تقدر كيف ستتقدم هذه اللعبة.
إسرائيل لا تريد أن تثقل على سوريا، حتى التهديدات الإسرائيلية بعضها فعال ما يزال في إطار قواعد اللعبة التي يفرضها السوريون، لكن إذا ما قررت إسرائيل حتى بدون تحذير وإنذار ضرب المصلحة السورية الواضحة بعد سيل من التنديد والتهديدات سيضطر السوريون أن يبلعوا كرامتهم ويكونوا أكثر حذرا من مواصلة إرسال الأسلحة إلى حزب الله بشكل علني.
مفتاح الصراع في جميع مع كل واحد من هذه العوامل المهددة لإسرائيل هو مسح وتشخيص المصالح الحيوية لكل واحد من خصوم إسرائيل وإعداد أنماط عمل من أجل ضرب مصالح هذه الأطراف.
ينبغي الامتناع عن مفهوم مدى مقابل مدى، المعنى هو الموافقة على مبادئ اللعبة للطرف الثاني، على سبيل المثال إذا ما تم التوصل إلى استنتاج أن تركيا حساسة للملاحظات حول علاقاتها باليهود في بلادها فيجب أن نحرص لدى زيارة أية شخصية إسرائيلية في تركيا بأن يثير سلامة يهود تركيا.
وفي أي مؤتمر صحفي في البيت الأبيض ينبغي التعبير عن القلق على مصير اليهود الأتراك.
أكثر من ذلك إسرائيل لا ينبغي أن تعمل بشكل مباشر وتتحمل المسؤولية.
ينبغي عليها فقط التأكد أنّ الطرف الثاني تشخص بصمات أصابعها.
على هذا النحو إسرائيل تشد اللعبة إلى ملعبها مع جمهور بيتها ومع القوانين التي تفرضها هي.
خصومها يستطيعون أن يختاروا الاستمرار في لعبتهم لكنهم هذه المرة سيتحملون ثمنا مختلفا قد لا يملكون الوسيلة لمعرفة ما هو هذا الثمن.
من المهم الإشارة أنّه ليس لدى أية دولة في الشرق الأوسط خيار عسكري في مواجهة إسرائيل واقعا وفعلا.
الجيش السوري منهار وفلوله تستخدم للدفاع عن النظام، المجتمع اللبناني منقسم ونصر الله لن يسارع إلى المخاطرة في حرب أخرى خوفا من فقدان المكانة التي حصل عليها في بلاد الأرز.
حماس مازالت تلعق جراحها من الحملة العسكرية الرصاص المنصهر وهي مضطرة الآن للمواجهة مع النظام المصري المعادي والفعال ضدها.
إيران مازالت بعيدة بعدا كبيرا عن إسرائيل وهي تستطيع على الأكثر أن تهدد بإطلاق الصواريخ مع المخاطرة برد فعل إسرائيلي.
تركيا لديها جيش متقدم وقد تدخل في صدام مع إسرائيل في حالة اختيارها ذلك، لكن الخطر الذي تشكله مازال محدودا، واحتمال عمل فعل جزئي ضد إسرائيل مازال يعتبر ضئيلا.
السيناريو الخطير بالنسبة لإسرائيل هو إرسال قوات كبيرة من القوات الإيرانية والتركية إلى سوريا ولبنان بشكل يسمح بمرابطة قوات عسكرية كبيرة على الحدود مع إسرائيل.
هذا السيناريو يبدو ضئيلا للغاية وحتى إذا ما تحقق فإنّه سيترك لإسرائيل الوقت الكافي للاستعداد لمواجهته.
بالنسبة لجميع هذه السيناريوهات فإنّ هناك إدراك أنّ إسرائيل تتمتع بالردع وهو لا بدّ أن يترجم إلى قوة، الخوف من صدام مباشر يقود الأطراف إلى حملة دعائية ضد إسرائيل ستضطر هذه الأطراف إلى تليين هذه الخطوة إذا أدركت أنّ إسرائيل على استعداد للحرب.
إذا الرئيس السوري الأسد ومستقبل الطائفة العلوية في السلطة السورية سيكون غامضا، فإنّ وجهاء الطائفة سيوضحون للأسد أنّ عليه أن يغيّر موقفه.
إسرائيل تواجه وضعا لا يحتمل يدعون ضدها وبلا توقف أنّها هي المحتلة لأراضي في لبنان والضفة الغربية وغزة وهضبة الجولان وأنّها تشكل عائقا ضد استقرار المنطقة بل والعالم كله، أيدي إسرائيل ليست نظيفة تماما، عملياتها في خلال السنوات الأخيرة كانت بعيدة عن المساهمة في خلق الاستقرار الإقليمي.
ومع ذلك، فإنّ فحص الأحداث الرئيسية يظهر بأنّها عملت خلال العقد الأخير أكثر من أي طرف آخر من أجل السلام وأنّها خرجت خاسرة في كل مرة – إسرائيل انسحبت من لبنان بشكل كامل بناء على قرار الأمم المتحدة ووقعت ضحية لحادثتي اختطاف وقتل لجنودها. حادث الاختطاف الثاني أفضى إلى حرب أدّت إلى مقتل 165 و5000 جريح من الجانب الإسرائيلي، وبالمناسبة فإن آلاف الصواريخ سقطت على إسرائيل.
الآن وبعد عشر سنوات من الانسحاب تواجه إسرائيل ميزان رعب في مواجهة منظمة إرهابية راديكالية بحوزتها عشرات الآلاف من الصواريخ التي تغطي جميع الأراضي الإسرائيلية تقريبا.
ومن قطاع غزة انسحبت إسرائيل انسحابا كاملا، وخلال بضعة أشهر جرت انتخابات حرة لم يألفها العالم العربي اختار الفلسطينيون حركة حماس، وبعد بضعة أشهر من ذلك عادت إسرائيل ووقعت ضحية لحادثة اختطاف جندي.
حركة حماس ما تزال تسيطر على جميع قطاع غزة، وبعد ذلك تمطر آلاف الصواريخ وقذائف الهاون مستوطنات غلاف غزة.
إسرائيل شنّت الحملة التي بدأت وفق الشرعية الدولية وانتهت بلجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة كانت مثار خلاف.
وفي الضفة الغربية واجهت إسرائيل موجة لا تتوقف من المخربين الانتحاريين في بداية عام 2000، 1115 مدني وجندي إسرائيلي قتلوا خلال خمس سنوات من الانتفاضة. وبغية وضع حد للقتل، اختارت إسرائيل وسائل دفاعية –بناء السور-.
وردا على ذلك وجدت إسرائيل نفسها تهاجم من قبل المحكمة الدولية في لاهاي .
إسرائيل تفقد شرعيتها يوميا.
إن إي صورة لجنود ضربوا لا يمكن أن تغيّر من هذا الوضع، في نهاية الأمر إسرائيل مازالت مطالبة بتوضيح لماذا لا يرفع الحصار عن غزة ولماذا لا توجد دولة فلسطينية ولماذا توجد حواجز إلى غير ذلك.
ولما كانت إسرائيل قد أعلنت بأنّها على استعداد للانسحاب من الضفة الغربية بعد أن انسحبت من قطاع غزة، فإنّ التفسيرات الإسرائيلية تفسّر من قبل كثيرين في العالم بأنّها تفسيرات فنية.
لأية قضية مثل الأمن والسيطرة على القدس أو توطين اللاجئين فإنّ حسب الرأي العام هناك حلول بسيطة لها، لكن إذا ما أعلنت إسرائيل أنها على استعداد للانسحاب من الضفة الغربية فإنّ من الصعب توضيح لماذا لم يتم هذا الانسحاب حتى الآن.
لا نقصد من وراء هذا الكلام الدخول في قضية البقاء في الضفة الغربية، وإنّما لتوضيح المصاعب الإعلامية الرئيسية التي ليس لها علاقة بعدد ظهور الوزراء في التلفزيون، وإلى أن يقرر المجتمع الإسرائيلي بينه وبين نفسه مصير الضفة الغربية فإنّ عليه أن يهتم بأنّ أية محاولة لتقويض شرعية الوجود الإسرائيلي لا بدّ أن يكون له ثمن أكبر من هذا التقويض.
هذا لا يجعل إسرائيل أكثر أو أقل أخلاقية وإنّما يجعلها أكثر حنكة وفاعلية.
في النهاية فيما يتعلق بالسياسة العالمية والأخلاق، هناك مكانة ضئيلة جدا وإن من ينتصر هي السياسة الواقعية.
ألون لوين ويوفال بستان - مركز الدراسات المركزة
ترجمة: مركز دراسات وتحليل المعلومات الصحفية 

2010-06-17 10:01:57 | 1768 قراءة

التعليقات

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد
مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية