ملخّص التقدير الإسرائيلي
15-6-2024
ملخّص بحث حول حرب الاغتيالات الإسرائيلية
لقد تجاوز العدوان الصهيوني على قطاع غزة السبعة أشهر، ليتحوّل الى أطول حرب عسكرية يخوضها الكيان المحتل ضدّ محور المقاومة منذ عام 1948. وكان قِصَر مدّة الحرب في السابق أمراً مهماً للاحتلال، لأنه لا يستطيع تحمّل تكلفة التعبئة العسكرية الاحتياطية لمدّة طويلة، ولا تبعات الحرب على الاقتصاد والمجتمع، لأنّ سكّان الكيان الهجين هم من أجناس وأعراق ودول شتّى؛ وبالتالي لن يتحوّل الكيان إلى الأرض الموعودة إذا فُقِد الأمان في داخله، وسيكون جواز السفر الثاني مع كلّ إسرائيلي اختياراً مناسباً في هذه الحال. وهذا الوضع دفع الاحتلال إلى محاولة استغلال تفوّقه العسكري على مستوى المعدّات، وعلى مستوى الحرب النفسية، وعبر كيّ الوعي العربي وإخضاعه لفكرتين: امتلاك العدو قوّة مطلقة لا تُقْهَر، عسكرياً وأمنياً، وارتباطه بشكل وثيق بالدعم الأمريكي الذي سيجعل المواجهة معه مواجهة عبثية مباشرة مع القوّة العظمى. وقد عمل بعض الحكّام العرب على تسويق هذه الفكرة الانهزامية داخل المؤسسات العسكرية والأمنية والإعلامية، تحت شعار "العين لا تقاوم المخرز" من أجل تبرير تخاذلهم وخيانتهم. وسادَت هذه الأفكار لعقود، حتى جاءت مواجهات الكيان مع حركات المقاومة لتُظهِر أنه عدوٌ شرسٌ همجي، لكنه في النهاية يتألّم من المواجهات الاستنزافية اليومية، فانسحب من الجنوب اللبناني عام 2000، ومن قطاع غزة عام 2005، من دون قيْد أو شرْط؛ ثم خاض مواجهات مسلّحة متلاحقة مع المقاومة، لتكون النتيجة في لبنان وفلسطين هزيمة سياسية للكيان، رغم الدمار والخسائر، وعَجِزَ عن تحرير جنوده الأسرى إلّا بشروط المقاومين. وتَلقِّي جيش الاحتلال الإهانات اليومية من "وحدة الساحات"، أدّى إلى عشرات الآلاف من المهجَّرين، فضلاً عن الشلل الاقتصادي، وتحمّل ميزانية الاحتلال لإعانات ونفقات تعويضية للمغتصبين النازحين، ممّا جعل جيش الاحتلال يكرّر تهديداته العنترية الفارغة، في حين كان يتلقّى الصفعات تلو الصفعات بنفسٍ غير راضية. ومن هنا دخلت سياسة الاغتيالات كعملية تعويض عن مظاهر العجز، وكرسالة لحركات المقاومة للضغط عليها في التفاوض، وإحداث ارتباك في داخلها في محاولة لتحقيق نصر معنوي أمام الجمهور الصهيوني الخائب. وقد جاءت هذه الحرب كجزء من مسار إجرامي إسرائيلي لم يتوقف قط، لكن تمّت مواجهته بصمود أسطوري مقاوم يُجسّد حلم أبناء الأمّة الشرفاء بتحرير القدس، بالألم والدم والبطولة.
إنّ نقطة الإجماع الوحيدة في الداخل الإسرائيلي تتمركز في استمرار الاحتلال إلى الأبد، وصمغ الوحدة الوطنية الإسرائيلية هو الدم المقاوم. ومن هنا ذهبت “إسرائيل” للتصعيد إلى أقصى درجة مع المقاومة في كل جبهاتها، بفتح حرب إبادة على أبرز مجاهديها، بما يسمح بتصفية "القضية الفلسطينية" مرّة وإلى الأبد. لكن المقاومة ردّت باعتماد مبدأ "الدماء المتساوية" بين القادة والعناصر المجاهدة، والذي تجسّد باستشهاد عضو مجلس كتائب "القسّام" العسكري، وقائد لواء منطقة وسط غزة، أيمن نوفل، مروراً باغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، الشيخ صالح العاروري، في بيروت، وانتهاءً باغتيال ثلاثة من أبناء رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنيّة وأربعة من أحفاده في غزة، بعدما كان قد اغتيل مؤسّس الحركة الأوّل، الشيخ أحمد ياسين، ومن بعده خليفته عبد العزيز الرنتيسي، والعشرات من قادة الصف الأوّل للحركة، وكذا في سائر الحركات المقاومة. ثم كانت محصّلة هذه الجرائم صفراً كبيراً كصفر يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول. فقادة المقاومة جميعاً عرفوا مصيرهم، وأدركوا أن ارتقاء السلّم التنظيمي هو ارتقاء لسلّم قائمة الشهداء لا سلّم الشهرة؛ وهم قد تساووا مع شعبهم في الهمِّ والخندق، وهذا غريب على الوعي العربي الرسمي الغارق منذ سنوات في الاستبداد وصورة الزعماء الفاسدين المُنْفَصلين عن الواقع، والغارقين في الرفاهية الشخصية، والتنكّر لقضايا وعذابات شعوبهم وأمّتهم.
على الجبهة اللبنانية، يقول وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إن اغتيال القيادي البارز في حزب الله الشهيد وسام الطويل «كان جزءاً من الحرب الدائرة»، في حين شدّد نائب الأمين العام للحزب، سماحة الشيخ نعيم قاسم، على أن اغتيال القادة «لا يمكن أن يكون محطة تراجع، بل هو محطة دفع للمقاومة".
وبعدما استُهْدِف مقرّ قيادة المنطقة الشمالية الإسرائيلي بعدد من المُسَيّرات الهجومية الانقضاضية، تحدّثت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» عن استشهاد قيادي آخر في الحزب، وقالت إنه مسؤول عن عشرات الهجمات بالطائرات المُسَيّرة على شمال "إسرائيل" خلال الأشهر الأخيرة، وذلك في ضربة استهدفت سيّارته في بلدة خربة سلم، قُبيل تشييع جنازة الشهيد الطويل، ووصفته بأنه قائد القوّة الجويّة للحزب في الجنوب. فيما بعد أتَت عمليات الاغتيال التي نفّذها سلاح الطيران الإسرائيلي في سوريا، وأدّت إلى اغتيال نائب قائد "فيلق القدس"، في حي السيدة زينب (ع)، الشهيد رضي الموسوي؛ وبعده الشهيد العميد محمد رضا زاهدي وعدد آخر من ضبّاط الفيلق، في مبنى القنصلية الإيرانية بدمشق. كما تمّ اغتيال قيادات ميدانية رفيعة المستوى في فرقة النخبة "الرضوان"، ومن بينهم الحاج عباس رعد، نجل رئيس كتلة الوفاء للمقاومة في البرلمان اللبناني، الحاج محمد رعد، وصولاً إلى اغتيال خبراء مرموقين متخصّصين في الحرب الإلكترونية من فرقة "الرضوان". وهكذا انتقلت الحرب الإسرائيلية بوجه "وحدة الساحات" إلى حرب مطاردات واغتيالات نفّذتها "إسرائيل" لدفع محور المقاومة في سوريا ولبنان لرفع مستوى المواجهة، من حرب استنزاف منخفضة الوتيرة إلى حرب إقليمية، تفسح المجال أمامها لكي تقْلب قواعد اللعبة من جديد لصالحها.
ومع مضي "حزب الله" في حرب الاستنزاف التي يخوضها انطلاقاً من الجنوب اللبناني، سقطت قواعد الاشتباك التي سادَت بينه وبين "إسرائيل" منذ حرب العام 2006. ولم تنجح "إسرائيل"، طيلة أكثر من مئتي يوم من الاشتباكات، في إجبار الحزب على التزام قواعد الاشتباك السابقة التي جعلت من جانبي الحدود بين لبنان و"إسرائيل" منطقة شبه هادئة. وعلى هذه الخلفيّة أتَت حرب الاغتيالات كجزء من مسار إجرامي إسرائيلي لم يتوقّف، وتمّت مواجهته بصمود أسطوري يُجَسّد حلم تحرير القدس بالألم والدم والبطولة.
لقراءة التقدير كاملاً انقر هنا
2024-06-15 10:31:50 | 208 قراءة