التصنيفات » التقديرات النصف شهرية

15-8-2024

ملخّص التقدير الإسرائيلي

15-8-2024

ملخّص بحث: الاغتيالات ومحاولة تعويم نتنياهو

يستغل العدو الإسرائيلي حتى الآن تفوّقه الجوي والاستخباري الميداني ليُسجّل على محور المقاومة في كلٍ من لبنان وفلسطين وخارجهما نقاطاً "ثمينة"، عبر عمليات اغتيال نخبة من قادته وكوادره، مستفيداً من خلل أمني ما قد يحصل هنا أو هناك، ومن قدرته على الرصد الجوي ومن شبكات جواسيسه على الأرض؛ بالإضافة إلى قدراته التكنولوجية العالية (ولا سيما الذكاء الاصطناعي) وأقماره الصناعية، كما الأقمار الصناعية لحلفائه الغربيين، وأوّلهم أمريكا وبريطانيا.

إن استخدام "إسرائيل" لسياسة الاغتيالات هو مسألة موجّهة للرأي العام الداخلي بشكل خاص، لإظهار نفسها أنها لم تفقد زمام المبادرة، ولرفع معنويات الجيش و"الشعب" المنهارة لديها؛ وأيضاً للبحث عن صور انتصارات ولو تكتيكية. ويحاول العدو بهذا الأسلوب أن يضرب أكثر من عصفور بحجر واحد: أولاً؛ تصفية القادة الميدانيين للمقاومة. ثانياً؛ كسر قواعد الاشتباك جزئياً عبر الضرب في مناطق حسّاسة بعيدة عن الحدود. ثالثاً؛ محاولة إخراج محور المقاومة عن طوره ودفعه إلى سلوك عسكري انفعالي يؤدّي إلى توسيع دائرة الحرب الدائرة منذ عشرة أشهر لتصبح حرباً إقليمية شاملة؛ وهذا الأمر هو الأكثر أهمية بالنسبة لرئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو، لأنه يُحقّق من خلاله هدفاً استراتيجياً كبيراً سعى إليه منذ العام 2009، وهو توريط حليفه الأمريكي في حرب إقليمية ضدّ محور المقاومة، يختلط فيها الحابل بالنابل، وتكون إيران هي المُستَهدف النهائي فيها. إنها “حرب النقاط”؛ ولو أردْنا استعراض النقاط التي حقّقها كل طرف من طرفي الصراع حتى الآن، فإن العدو تمكّن مؤخراً من اغتيال القيادي في حركة حماس، الشهيد صالح العاروري ورفاقه في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت، واغتيال القائد العسكري في حزب الله، الشهيد وسام الطويل، في بلدته خربة سلم؛ ثم فيما بعد اغتيال القائد الجهادي الأبرز الشهيد فؤاد شكر، ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس الشهيد إسماعيل هنيّة في طهران.

وفي المقابل، سجّل حزب الله نقاطاً مهمّة في مرمى العدو، بقصفه العنيف، وبعشرات الصواريخ دفعة واحدة، قاعدة الاستخبارات الجويّة في جبل ميرون في فلسطين المحتلة؛ ومن ثمّ قصف مقر القيادة العسكرية الشمالية للعدو في مدينة صفد بهجوم مزدوج بالصواريخ والمُسيّرات. وفي الحالتين، فإن نقاط الحزب تُعَدّ من الناحية العسكرية تجاوزاً لقواعد الاشتباك من جهة، وذات بعد استراتيجي من جهة أخرى، من دون الإقدام على أي عمل يؤدّي إلى الإنجرار إلى حرب شاملة يبتغيها العدو؛ وعندها سيكون رد المقاومة على هكذا حرب “بلا سقوف ولا حدود ولا ضوابط”، كما قال سماحة الأمين العام لحزب الله في بعض خطاباته الأخيرة. وخطورة وأهمية “حرب النقاط” هذه في آنٍ معاً أنها أشبه ما تكون باللعب على حافة الهاوية من طرفي اللعبة؛ وهي عملية عض أصابع متبادلة. فمن يصرخ أوّلاً، ربطاً بعملية موجعة يصعب هضمها، يُمكن أن يتصرّف وفق قواعد مختلفة، ليس مستبعداً أن تُطلق العَنان لحرب سينخرط فيها حتماً لاعبون آخرون، إقليمياً ودولياً. ولأن العدو هو الذي يبتغي السيناريو الأخير، فإن حزب الله، ومن خلفه باقي حلفائه، ولا سيما إيران، اعتمدوا أمرين: الأول؛ سياسة “الصبر الاستراتيجي” التي دعا اليها المرشد السيد علي الخامنئي. والثاني؛ ضرب أهداف عسكرية وأمنية ذات طابع استراتيجي للعدو.

وفي خضم “حرب النقاط” المحتدمة هذه، تشهد المنطقة حركة ديبلوماسية مكثّفة لتبريد الجبهات، ووضع ضوابط تحول دون اندفاع المنطقة نحو الحرب الشاملة، لاعتبارات عدّة، أوّلها أن الولايات المتحدة دخلت مرحلة الاستعداد للانتخابات الرئاسية، التي من شأن الحرب أن تترك تأثيراً كبيراً على اقتراع الناخبين فيها لهذا المرشّح أو ذاك، في ظل ارتفاع منسوب التأييد للفلسطينيين في الشارع الأمريكي، وبالأخص في أوساط الشباب الأمريكي؛ وثانيها أن واشنطن تعرف جيّداً مدى الاستنزاف الذي يتعرض له الجيش الإسرائيلي في حربه على غزة ولبنان؛ وهو اليوم، بعد انتهاء عشرة أشهر من هذه الحرب، بات أضعف وأقل قدرة وأقل تجهيزاً بالسلاح والذخائر برغم الجسور الجوية والبحرية العسكرية التي تمدّه بها واشنطن وبعض الحلفاء الغربيين. وبالتالي، فإن اندفاع العدو إلى هذه الحرب غير محسوم النتائج لمصلحته؛ وثالثها، وهو الأخطر والأهم للإدارة الأمريكية، هو احتمال تضرّر مصالحها في كل منطقة الشرق الأوسط نتيجة الحرب الشاملة. كما أن واشنطن تدرك الأكلاف الإقتصادية الباهظة التي تدفعها "إسرائيل"؛ ذلك أن كلفة الحرب في غزة وحدها تبلغ قرابة 270 مليون دولار يومياً، بحسب وكالة “بلومبرغ”؛ فكيف سيكون الأمر إذا أصبح الكيان، بشماله ووسطه وجنوبه، تحت مرمى الصواريخ، وكم ستبلغ كلفة الحرب في هذه الحال؟

خلاصة القول، إن “الحرب بالنقاط” مستمرة على أكثر من جبهة. ولكن خلال عمليات تسجيل النقاط، من غير المعروف متى يقوم أحد الطرفين بتسجيل هدف مباشر عبر عملية تسلل، قد تؤدّي إلى تدحرج الأمور إلى ما لا تُحْمَد عقباه، مع الأخذ في الاعتبار أن قاموس فهم العقل الصهيوني قبل السابع من تشرين الأول/أكتوبر، بات يحتاج إلى تعديل بعض المفاهيم، لأجل التحسب لما يُمكن أن يُقْدِم عليه من خطوات لم تكن موضوعة في الحسبان قبل "طوفان الأقصى".

وعلى الرغم من كل شيء، فإن نوعام تيفون، قائد الفيلق الشمالي بالجيش الإسرائيلي سابقاً، يرى أن الاغتيالات مهما كانت ناجحة، فإنها "لم تقرّبنا ملّيمتراّ واحداً من أهداف الحرب الحقيقية"، مستهجناً حالة النشوة الحالية في "إسرائيل" إثر الاغتيالات الأخيرة. وأشار إلى أن الحروب الطويلة وحروب الاستنزاف ليست بمصلحة "إسرائيل"، مشدّداً على ضرورة السعي نحو صفقة تبادل أسرى تُنهي الحرب في غزة، وخلق وضع يتيح عودة مستوطني الشمال والجنوب، إلى جانب الاستعداد جيّداً لإمكانية اندلاع حروب أخرى. واعتبر تيفون الحديث عن "الانتصار المطلق وغيره من الشعارات مجرّد كلمات فارغة"، مُنَبّهاً إلى أن "إسرائيل" منذ عملية طوفان الأقصى "لا تمسك بزمام المبادرة بسبب القيادة الفاشلة". وكذلك رجّح عاموس يدلين، رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية سابقاً، أن تأخذ إيران وقتاً لاتخاذ قرارها بشأن الرد على اغتيال الشهيد هنيّة؛ وهو ما يتطلب إعداد وتجميع القوات وتنسيق الجهود العملانية. ووفق يدلين: "هناك عدّة أيام تفصلنا قبل الرد الإيراني، مرجّحاً أن تكون الأهداف التي تعتزم طهران ضربها عسكرية، إذ ترتكز الاستراتيجية الإيرانية على استنزاف "إسرائيل" تدريجياً، في حرب لا يدفع الإيرانيون ثمناً باهظاً بسببها." وخلص إلى أن "إسرائيل أمام حرب طويلة لا أفق لنهايتها، وبدون رؤية استراتيجية حول كيفية إنهائها"، مُطالباً بضرورة وقف الحرب واستعادة الأسرى المحتجزين في غزة.

في هذا البحث نتناول  الاغتيالات الإجرامية الأخيرة بحق القائدين الجهاديين الشهيدين شكر وهنيّة، والملابسات والتداعيات المحيطة بها.

لقراءة التقدير كاملاً انقر هنا

2024-08-15 11:37:19 | 143 قراءة

مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية