التصنيفات » التقديرات النصف شهرية

30-8-2024

ملخّص التقدير الإسرائيلي

         30-8-2024 

ملخّص بحث اليأس الإسرائيلي من النصر الكامل

يواجه الكيان الإسرائيلي الغاصب عملية سقوط شاملة، وفق كافة المعايير، وعلى كلّ المستويات الداخلية والخارجية، بعدما نالت عملية "طوفان الأقصى" التاريخية من هيْبته وسمْعته العسكرية، فيما تكفّلت ممارساته الإجرامية – الإرهابية ومجازره وجرائم الحرب والإبادة الجماعية على مدى 11 أشهراً للعدوان على قطاع غزة، بإظهار وجهه الحقيقي، وأثبتت أنه كيانٌ إجرامي احتلالي توسّعي بامتياز، ويعتمد بشكل كليّ على مؤسسته العسكرية، التي قامت أساساً على تجميع مُجرمي عصابات "الهاغاناه" و"شتيرن" وغيرها، وعلى تسليح المستوطنين، وبناء المغتصبات السكنية كقلاع محصّنة، قادرة على خوض معارك الاعتداء والسرقة والقتل، وعلى تجنيد مختلف مكوّنات المجتمع الإسرائيلي. وهذه الأمور بمجملها تؤكّد حقيقة هذا الكيان بكونه قاعدة عسكرية كبيرة، تمّ توظيفها كمخفر متقدّم لخدمة قوى الشرّ والامبريالية والصهيونية العالمية. ومن أجل ذلك ترتّب على من يقفون وراء الكيان وداعميه، تأمين كلّ متطلبات بقائه، وإحاطته برعاية وحماية عسكرية وسياسية كاملة، تضْمن عدم خضوعه للقوانين الدولية وانتهاكها والإفلات من العقاب باستمرار، على قاعدة أنه يحق "لإسرائيل" الدفاع عن نفسها، دون مراعاة اعتدائها وتوسّعها والمجازر والفظائع التي ترتكبها منذ قرن حتى اليوم بحق شعوب المنطقة، وخاصة بحق الشعب الفلسطيني، وسط صمت العالم، وبما يشكّل دليلاً ساطعاً على سيطرة داعمي الكيان على المؤسسات والمنظمات الأممية، وإجبارها على اعتماد سياسة المعايير الدولية المزدوجة، بما يضْمن تأييد السفّاح الظالم على المظلوم.

لقد اعتمدت هيئة الأركان الإسرائيلية، منذ عام  1948 وإعلان قيام الكيان الغاصب،  في كلّ الحروب والمعارك التي خاضتها، على تكتيكات الحرب الخاطفة قصيرة المدى، بالتوازي مع محاولاتها لتحصين الرخاء الإقتصادي والتحديث العسكري التكنولوجي الإسرائيلي؛ فضلاً عن اعتمادها على مختلف أشكال الدعم الأمريكي والغربي، في الوقت الذي نراها اليوم، وباعتراف رئيس الوزراء الإسرائيلي، الإرهابي بنيامين نتنياهو، تسعى للسيطرة على الأراضي العربية "من الفرات إلى النيل"، بالاستناد إلى تكتيك الحروب طويلة الأمَد، وبعدم نيّتها وقف العدوان الحالي في قطاع غزة قبل تحقيق الأهداف المعلنة وغير المعلنة. ولا زال نتنياهو يمارس تعنّته ورفضه قبول دعوات داعميه وحلفائه وأصدقائه وأعدائه، ومعظم دول وشعوب العالم، لوقف عدوانه الإجرامي على القطاع؛ وهو لا يزال يعِد ويتوعّد بتحقيق "انتصارات كاملة" مزعومة، بما يؤكّد انفصاله عن الواقع، وذلك لإثبات أنه "الدون كيشوت الإسرائيلي"، الواهِم والحالِم بالقضاء على المستحيل. فحركة حماس، وباقي فصائل محور المقاومة، لا تزال قادرة على متابعة المواجهة بكلّ كفاءة واقتدار، ولا تزال تكبّد قوّات الاحتلال خسائر عسكرية كبيرة ومؤلمة؛ ناهيك عمّا باتت تحظى به الحقوق الفلسطينية والمقاومة من دعم الدول والشعوب حول العالم. ومع ذلك، يستمر العدوان الإسرائيلي الهمجي على قطاع غزة، وتستمر مجازره في رفح وخان يونس وفي المناطق التي خدَع العالم فيها وأعلنها مناطق آمنة.

لقد تعرّض نتنياهو، في مواجهة صدمة "طوفان الأقصى"،  لهزّة نفسية عميقة، بحيث تلاشَت خلال دقائق أساطير الكيان حول "مقوّمات الردع واتخاذ زمام المبادرة، وإسرائيل التي لا تُقْهَر" التي روّج لها على مدار عقود. وكان ردّ فعله على الأزمة مدفوعاً بمزيج من الغطرسة والانتقام، غير المحسوب على الإطلاق. وبدلًا من استهداف "حماس" بشكل محدّد، توسّعت استراتيجيته لشن حرب أوسع ضدّ الشعب الفلسطيني ككل، سعياً لتحقيق أهداف يرى الكثيرون (في داخل "إسرائيل" وخارجها)، أنها بعيدة المنال، ومنفصلة عن الحقائق القاسية والهزائم التي تواجهها "إسرائيل" على الأرض. إن الوعد بانتصار سريع وحقيقي أفسح المجال تدريجياً للاعتراف المؤلم بعدم واقعيّته، وعدم احتمالية حدوثه. وقد أدّى هذا المنظور المتغيّر إلى إعادة تقييم نقدي للاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية في غزة لأكثر من مرّة. ويبدو أن الرغبة الجامحة في تمديد الحكم والسلطة قد عزّزت العقل الدكتاتوري لدى نتنياهو، ممّا قلّل من استجابته للنهج المنطقي والعقلاني. وتفاقم هذا التحوّل بسبب محاولاته للتهرّب من اتهامات الفساد، وقضية إصلاح الأنظمة القضائية لتعزيز السلطة الديكتاتورية، والعدوانية المنفلتة. ومع دخول الحرب في شهرها الحادي عشر من دون تحقيق أي "نصر" ملموس وواضح، تستمر سياسات نتنياهو في الابتعاد بشكل حاد عن توقّعات الرأي العام الإسرائيلي بتحقيق انتصار حاسم في غزة، مما يحتّم إعادة تعريف "صورة إسرائيل" في الداخل والخارج. ومع انقشاع ضباب وهم "النصر" الإسرائيلي على محور المقاومة، فإن الحماسة الأوليّة التي ميّزت دعم المجتمع الإسرائيلي للعمليات العسكرية العدوانية، بدأت تتبدّد في ضوء الواقع القاسي والخسائر الفادحة المتلاحقة التي تكبّدها جيش الاحتلال في كلّ جبهات المواجهة. ومع استمرار المعارك، وانكشاف فداحة التكاليف البشرية والمادية الهائلة، وصمود "حماس" ومحور المقاومة، أصبح التحوّل في الرأي العام الإسرائيلي واضحاً. وعجز نتنياهو عن تحقيق الوعد بانتصار سريع وحقيقي وحاسم، أفسح المجال تدريجياً للاعتراف المؤلم بعدم واقعيّته، وعدم احتمالية حدوثه مطلقاً، ممّا أدّى إلى إعادة تقييم نقدي للاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية في غزة والمنطقة من أساسها. ومنذ أشهر، تتّهم المعارضة نتنياهو باتباع سياسات لا تخدم سوى مصالحه الشخصية، ولا سيما الاستمرار في منصبه، والفشل في تحقيق الأهداف المعلنة للحرب على غزة، ولا سيما القضاء على حركة حماس وإعادة الأسرى الإسرائيليين. واليوم، يتعمّق الانقسام داخل الكيان في تصوّرات النصر الحاسم، الأمر الذي أدّى إلى خلق صدع داخل المجتمع الإسرائيلي نفسه. وتواصل الحكومة، بقيادة نتنياهو، وبدعم من حلفائه الأكثر تشددًا في الحكومة، مثل بن غفير وسموتريش، مطاردة ما يعدّه الكثيرون الآن نصراً وهمياً، حيث تنتقل حكومته من فشل تكتيكي إلى آخر، من شمال غزة إلى قلبها، وصولًا إلى رفح. ومع ذلك، فإن عامّة الناس، مُستَرشدين بخيبة أمل متزايدة، أصبحوا ينظرون إلى الوضع من خلال عدسة عملية، وليس من خلال عدسة الغزو والوهم. وفي هذا السياق، يقول الكاتب الإسرائيلي يوفال ديسكن: "إن بنيامين نتنياهو، «رجل الأمن»، و»الاستراتيجي»، أوصلنا إلى هذا المستنقع العميق، وإلى أخطر أزمة أمنيّة في تاريخ الدولة. ومجموعة التهديدات الناجمة عن ذلك قد تكون وجودية، لذلك، المطلوب معالجة فورية. وهذه الأزمة ليست قدَراً. لقد قادَنا نتنياهو من تقصير أمني وطني إلى آخر، وصولاً إلى 7 أكتوبر. وقد فعل ذلك بغطرسة لا مُتناهية، وانفصال متزايد عن الواقع، مع مُستشارين فاشلين، وجنون عظمة لا نهاية له؛ وقبل كل شيء، زعامة شخصية تعتمد على مبدأي الكذب و"فرّق تسد".

في هذا البحث نتناول موضوع أوهام النصر الكامل المزعوم الذي يلوّح به نتنياهو من وقتٍ لآخر نحو الداخل والخارج، مع عِلمه باستحالة تحقيقه، مما يزيد من التوتّر والإجرام العبثي على جبهات المواجهة المختلفة، ويضع المنطقة برمّتها على كف عفريت الحرب الإقليمية الكارثية.

لقراءة التقدير كاملاً انقر هنا

2024-08-30 11:13:09 | 136 قراءة

مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية