التصنيفات » التقديرات النصف شهرية

15-1-2025

ملخّص التقدير الإسرائيلي

15-1-2025

ملخّص بحث حول الصراع اليمني -الإسرائيلي

 

أكثر من 220 هجوماً بالصواريخ والمُسيّرات شنّتها صنعاء على أهداف في كيان الاحتلال الإسرائيلي، لم تكن في البداية سبباً كافياً لشنّ هجمات مضادّة عليها، في العلن على أقل تقدير، إذ ثمّة معلومات وتسريبات رجّحت انخراط الكيان في الهجمات الأميركية – البريطانية على مدن اليمن منذ أن أحكم قبضته على البحرين: العربي والأحمر، وتحكّم في حركة مرور السفن في مضيق باب المندب. لكن هذه المرّة تبدو الصورة مختلفة تماماً. فالمُسيّرة "يافا" المنفجرة بتل أبيب أجهزت على ما تبقّى من "صورة الردع" الإسرائيلية بعد الضربات المتتالية التي تعرّضت لها منذ "طوفان" السابع من أكتوبر 2023، مروراً بحرب الأشهر الأربعة عشر الفائتة، وليس انتهاءً بالهجوم الجوي – الصاروخي الإيراني في الرابع عشر من نيسان/أبريل الفائت. وهذه الانهيارات المتتالية في المكانة الاستراتيجية لإسرائيل دفعت قادتها، من المستويات المختلفة، العسكرية والأمنية والسياسية، الحكومية والمعارضة، إلى حافّة الجنون، وأخذت صيحات الثأر والانتقام تتعالى وتتكاثر على ألسنة قادتها المتعطّشين لسفك الدماء. و"إسرائيل" التي حلمت طيلة أشهر الحرب بالعثور على "صورة نصر" في غزة أو لبنان من دون جدوى، صمّمت ضربتها لليمن محكومة بهذا الهاجس؛ هاجس استعادة الصورة الردعية وترميم "اليد الطويلة" التي كُسِرت في غزة ولبنان، فكانت الضربة على صنعاء والحديدة استعراضاً سينمائياً من الطراز "الهوليوودي" الأشهر، حيث أسراب كثيفة من طائرات الإف 35 و16 و15 وطائرات تزويد الوقود، واستهداف مرافق مدنية، مع تركيز خاص على الأهداف القابلة للاشتعال من "لزوميّات" الصورة والاستعراض، وسباق محموم بين القادة السياسيين والعسكريين للظهور أمام الكاميرات للتبشير بحرائق اليمن؛ إلى غير ما هنالك من تسريب وتهديد ووعيد. والحقيقة أن اليمن كان عرضة لموجات متعاقبة من الغارات الجويّة والصاروخية الأميركية - البريطانية خلال الأشهر الفائتة، وكانت مرابض إطلاق صواريخه وانطلاق مُسيّراته هدفاً متكرّراً لهذه الاعتداءات، من قِبَل ما يسمّى "تحالف الازدهار"، الذي ليس له من اسمه أي نصيب. ومصفوفة الأهداف التي تعرّضت للضرب والتدمير تؤثّر بلا شك في حياة ملايين اليمنيين الذين بالكاد خرجوا من حرب السنوات الثماني الظالمة، وبالكاد ينجحون اليوم في ترميم ذيول العدوان الذي شنّه عليهم تحالف عربي ليس له هو الآخر من اسمه أي نصيب.

الضربة التي تلقّاها اليمن مؤلمة بلا شك؛ مؤلمة للمدنيين والبنى التحتية المدنية، استمراراً للعمل الإجرامي التخريبي الذي لا يُتقن الإسرائيلي سواه، والذي تجلّى في أبشع صوره في غزة، ومن قبْلها في الضفة ولبنان: استهداف المدنيين والبنى المدنية لتحقيق أغراض سياسية، في تطابق مُدهش للتعريف الأممي لمعنى الإرهاب أو إرهاب الدولة المنظّم. فلا هدف عسكرياً واحداً تمّ وضعه على خرائط العدوان الجويّ الإسرائيلي؛ وكلّ حديث آخر عن استخدامات عسكرية للأهداف المدنية المضروبة يندرج في إطار الدعاية الإسرائيلية السوداء التي تابعنا فصولها الدامية في قطاع غزة، حيث قُصِفت المدارس والجامعات والمستشفيات والمساجد ومراكز الإيواء التابعة للأمم المتحدة، بذريعة أن ثمّة أهدافاً عسكرية كامنة تحتها، من دون أن تكترث ماكينة البروباغندا الصهيونية إلى من يصدّقها أو يكذّبها؛ فشعارهم المستوحى من التجربة النازية – الغوبلزية دائماً  هو: "اكذب ثم اكذب حتى يصدّقك الناس".

الرسالة الأولى من العدوان على اليمن موجّهة إلى الداخل الإسرائيلي لرفع معنوياته وزيادة منسوب الثقة المتآكلة بالجيش والحكومة، ومستقبل "الدولة" ومصير الكيان لدى قطاعات متزايدة من الإسرائيليين. والرسالة الثانية موجّهة لليمنيين بهدف تحريض البيئة الحاضنة لأنصار الله عليها، وبث مشاعر الخوف من مواجهة مصير مشابه لمصائر المدنيين في قطاع غزة. والرسالة الثالثة موجّهة إلى أطراف محور المقاومة، وبالذات لحزب الله وحلفائه، مفادها أن ما ينتظرهم ليس أقل ممّا تعرّض له اليمن، ومن قَبْله غزة، في حال خرجت المواجهات الضارية الدائرة على جبهة لبنان عن قواعد الاشتباك المحمولة. أما الرسالة الرابعة، فالمتلقّي بعيد بعض الشيء، وهو إيران، ومؤدّاها أن لا خطوط حمراء يمكن أن تتوقف عندها إسرائيل في حال تعرّضها للتهديد، وأن كلّ الأهداف، بالأخص المدنية منها، هي أهداف مشروعة للطيران الحربي والصواريخ الموجّهة، وربما ما هو أكبر وأخطر منها جميعاً: "ذلك الشيء في ديمونا".

إن ما جرى ويجري في قطاع غزة، وما جرى ويجري في لبنان على مدى سنوات وعقود طوال، وفّر مادّة مخضّبة بالدماء لفهم هذا الكيان والتعرف إلى عقليته الإجرامية، والاستعداد لكلّ ما يمكن أن يتصوّره (أو لا يتصوّره) عقل بشري. وعلى الرغم من أي شيء، تُخطئ "إسرائيل" إن ظنّت أنَّ رسائل النار وألسنة اللهب في الحديدة بشكل خاص ستُثني "أنصار الله" عن مواقفهم؛ فكل طفل في غزة يعرف أن قرار الحوثيين وكل عنصر من عناصر محور المقاومة هو الانتصار لغزة، كقرار غير قابل للنقض أو الطعن أو التراجع. إنها معركة الوجود، ولا يجوز معها السماح للحلف الصهيوني – الاستعماري بالظفر.

لقراءة التقدير كاملاً انقر هنا

2025-01-15 11:07:22 | 29 قراءة

مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية