ملخّص التقدير الإسرائيلي
30-11-2025
ملخّص بحث حول (محور المقاومة و"إسرائيل": بين الردع والحرب)
شهِدت العلاقات بين "إسرائيل" ومحور المقاومة (إيران، حزب الله، الفصائل الفلسطينية، فصائل العراق، واليمن) تحوّلات جذرية منذ العقدين الأخيرين، ولا سيما بعد حرب لبنان 2006، والحروب المُتَتالية على غزة، والتصعيدات العسكرية في سوريا والعراق؛ وصولاً إلى التحوّل الكبير بعد عملية طوفان الأقصى 2023.
اتّسم هذا الصراع بخصوصيّة شديدة تقوم على "الرّدع المُتَبادَل" من جهة، و"إدارة الحرب تكتيكياً بدون الانزلاق إلى حرب شاملة". وتَظهَر أهميّة هذا الموضوع في ضوء انتقال الاشتباك من الساحة الفلسطينية إلى ساحات إقليميّة متعدّدة، وتعدّد أذرع التأثير، وتغيّر طبيعة التهديدات التقليديّة. والواقع أن سعي "إسرائيل" اليائس للحصول عبَثاً على "صورة انتصار ساحق" في مُحاوَلة لـ "كيّ وعي" جمهور المقاومة إنّما هو شهادة مأساويّة على فشلها المستمرّ حتى عسكرياً.
تسعى "إسرائيل "إلى التوسّع الدائم بهدف تحقيق حالة من الهيمَنة الإقليميّة الشاملة التي تسمح لها بفَرْض التطبيع (من دون مُقابِل) وتكريس دورها في هندسة البنية الأمنيّة والسياسيّة والاقتصاديّة للمنطقة ومنع ظهور أيّ قوّة هيمَنة إقليميّة مُناوئة. وتبدأ هذه التوسعيّة من السعي إلى محو الجغرافيا الفلسطينية بالكامل، وهو مشروع كان يشهد زخماً منذ ما قبل هجوم 7 أكتوبر؛ وتنتج منها مفاهيم أمنيّة جديدة، مثل إقامة مناطق حدوديّة عازلة، ومنع نشوء التهديدات، ونزع القدرات العسكرية، وتبنّي الحرب الطويلة لتحقيق الحسم. وتدفع هذه التوسعيّة القوى الإقليمية كلّها إلى إعادة تطوير مفاهيمها الأمنيّة وسياستها الخارجية؛ وهو ما يَبرُز بشكل أساسي في حالة كلٍ من مصر وتركيا والسعودية، ما يخلق مساحة إضافيّة للمصالح المشتركة مع إيران.
وتسعى أميركا من جهتها إلى فرْض السطوة الترامبيّة من دون تورّط عسكري أميركي مباشر وواسع على الأرض، وذلك وفق مُعادَلة «السلام من خلال القوّة»، حيث تسعى إدارة ترامب عبر الديبلوماسيّة القسريّة، المُعَزّزة بأداء ترامب الشخصاني والاستعراضي المولَع بالصفقات، إلى دمج إسرائيل إقليمياً عبر إخماد مصادر المقاومة وتوسعة اتفاقات «أبراهام». (الأخبار، 18/11/2025 ).
في السياق، نشَر "معهد بيغن – السادات للدراسات الاستراتيجية" الإسرائيلي دراسة تتناول الإنجازات الاستراتيجيّة التي حقّقها محور المقاومة ضدّ "إسرائيل"، من خلال ملحمة "طوفان الأقصى" ومُندرجاتها، أعدّها الباحث إيتان شامير، مُعَدّداً أهم هذه الإنجازات على الصعيد الداخلي الإسرائيلي، والمستويين الإقليمي والدولي. وهو أكّد في دراسته أن المقاومة أعادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة وإلى مركز الاهتمام الدولي، كـ"شرط لأيّ تسوية إقليميّة". وأضاف أن الحديث عن تقدّم نحو تسوية إقليميّة من دون تنازلات إسرائيلية في القضية الفلسطينية بات مُستَحيلاً اليوم. كما أدّت هذه الحرب إلى تزايد الدعم العالمي للقضية الفلسطينية، بحيث أعلن معظم دول العالم الاعتراف بالدولة الفلسطينية. وأكّد شامير أنّ "إسرائيل أُصيبت منذ الـ7 من تشرين الأوّل/أكتوبر الماضي بخسائر بشرية فادحة، وهي خسائر أدّت إلى أن يفقد الجيش قوّاتٍ بحجم لواء كامل، بين قتيل وجريح، بينهم مُقاتلين من الوحدات الخاصّة وقادة ميدانيين بارزين"، عِلماً بأنّ هذا لا يشمل احتساب الخسائر بين المُستَوطنين.
وأوضح شامير أن المقاومة نجحت أيضاً في تقويض "المجتمع" الإسرائيلي وإحداث انقسامات داخليّة فيه حول قضية الأسرى. كما أنها أوجدت صدمةً وزعزعةً واضطراباً شديداً في صفوف المُستَوطنين، بأبعاد مُشابِهة لتلك التي سَبّبتها حرب تشرين عام 1973، بل "ربما أعمق"، بسبب الخسائر البشرية تحديداً، وفقاً لرأيه. وأشار شامير إلى أن الانقسامات والصراعات الداخليّة في "المجتمع" الإسرائيلي تعود إلى الظهور حول قضايا مختلفة، وتخلق صَدْعاً بين مؤيّدي الائتلاف والحكومة من جهة، وبين المعارضة ومجموعاتها المختلفة من جهة ثانية؛ إذ أُضيفَت إلى القضايا السابقة المُثيرة للجدَل قضيةُ الأسرى ومسألةُ وقف الحرب، وذلك في أجواء "أزمة ثقة حادّة بين قطاعات واسعة من الإسرائيليين".
وقال شامير أيضاً إن ثمّة اعتقاداً في "إسرائيل" مفاده أن الهدف الرئيس لـ"طوفان الأقصى" كان منع تعزيز التحالف بين "إسرائيل" والسعودية، لأن هذا الأمر "يُغَيّر قواعد اللعبة" في المنطقة؛ وأشار شامير إلى أن الاستهدافات المستمرّة التي تشنّها قوى المقاومة ضدّ "إسرائيل" تدلّ على حالة من تآكل الردع الإسرائيلي، إذ إنّ "إسرائيل لم تتمكّن من استعادة قوّة الردع الإقليميّة"، على الرّغم من قساوة الحرب التي تَشنّها على قطاع غزة. ورأى أنّ العمليّات العسكرية اليمنيّة في البحر الأحمر، وعملية "الوعد الصادق" الإيرانية، أثارت ردّ فعل "ضعيفاً نسبياً من الغرب". ووفقاً له، يُثير هذا الأمر القلَق في "إسرائيل"، لأن له عواقب إضافيّة على ارتداع الغرب، على نحوٍ ينعكس فيه ضعف حُلفاء "إسرائيل" على "إسرائيل" نفسها. وشدّد شامير على أن "إسرائيل" تخوض معركة مُتواصلة وصعبة، تصعب رؤية نهايتها، وتعرّضت خلالها "قصة النجاح" الإسرائيلية في إبراز القوّة الإقليمية والعسكرية والاقتصادية والسياسية لضربة قويّة، إذ يُلاحِظ محور المقاومة الضعفَ الإسرائيلي، وهو يبحث عن الفرصة لضرب "إسرائيل" وإضعافها أكثر. هذا الخيار أيضاً مليء بالمخاطر، كما أكّد الباحث، وهو "ليس خياراً بسيطاً على الإطلاق"، إذ لا نهاية واضحة له؛ كما أنه يحمل مُخاطَرةً بأن تجِد "إسرائيل" نفسها مُتورّطةً بحرب إقليميّة، أو مُنغمِسة في حرب استنزاف طويلة الأمَد (الميادين، 20/7/2025 ، بتصرّف).
2025-12-01 11:21:31 | 46 قراءة