في أوّل استطلاع من نوعه لـ "معهد دراسات الأمن القومي" الإسرائيلي في الضفة الغربية: 71% يرون في التطبيع خيانة للفلسطينيين
في أوّل استطلاع من نوعه لـ "معهد دراسات الأمن القومي" الإسرائيلي في الضفة الغربية: 71% يرون في التطبيع خيانة للفلسطينيين
المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيليّة
20 أكتوبر 2025
• عبد القادر بدوي
تَستَعرِض هذه المُساهَمة نتائج استطلاع رأي عام أُجرِي بين الفلسطينيين في الضفة الغربية بإشراف "معهد دراسات الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، بالتعاون مع مجموعة البحث "تمرور- بوليتوغرافيا" الإسرائيلية؛ وهو أوّل استطلاع من نوعه يُنَفَّذ بالعربية في الضفة ويعكس مواقف الفلسطينيين إزاء إسرائيل، والصراع وخيارات الحلّ؛ بالإضافة إلى بعض القضايا الداخلية.
من المُهِمّ الإشارة هنا إلى نتائج الاستطلاع (على الرّغم من المَنهَجيّة التي استنَد إليها) يجب أن تُقرَأ بحَذَر، نظَراً لأن الجهة التي اشتغَلت عليه إسرائيلية صِرْفَة؛ وهو ما يُثير تحفّظات كبيرة بين الفلسطينيين الذين يَميل غالبيّتهم إلى عدم الإفصاح الكامل عن مواقفهم خشية التبِعات وبسبب انعدام الثقة. هذا الاستطلاع يفحص قضايا ومواقف اجتماعية وسياسية في أوساط الفلسطينيين في الضفة الغربية، في ضوء أحداث 7 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2023 وحرب الإبادة على قطاع غزة.
النتائج العامّة للاستطلاع
• يُظهِر الاستطلاع أن 46% من الجُمهور المُستَطلَع عبّروا عن اعتقادهم بأن قرار حماس المتعلّق بـ 7 أكتوبر كان غير صحيح. ومع ذلك، فإنّ واحداً من كلّ أربعة فلسطينيين (26%) يعتقد أنه كان قراراً صائباً.
• حلّ الدولتين هو الخيار السياسي المُفَضّل لدى الجُمهور المُستَطلَع في الضفة (52%)، بينما 28% يؤيّدون قيام دولة فلسطينية واحدة بين النهر والبحر من دون يهود، و16% يؤيّدون دولة واحدة ثنائيّة القوميّة وديمقراطية.
• تُظهِر الإجابات على أسئلة أخرى في الاستطلاع صورة أكثر تعقيداً؛ فـ 56% (خاصّة من فئة الشباب) يرون أن لا حقّ لدولة إسرائيل، وأغلبيّة مُطلَقة (70%) يعتقدون أن إسرائيل لن تبقى على المدى البعيد، ونصف الجُمهور (50%) يعتقدون أنه يمكن تدمير إسرائيل في أعقاب 7 أكتوبر.
• أعرَب 43% من المُستَطلَعين في الضفة أنهم يُفَضّلون المفاوضات كوسيلة عمل؛ 25% يدعمون المقاومة غير العنيفة، و17% الكفاح المُسَلّح. يمكن تفسير دعم طريق المفاوضات بالإجابة على سؤال آخر في الاستطلاع، حيث يَظهَر أن ثلاثة أرباع المُستَطلَعين يخشون من استنساخ ما حدَث في غزة في الضفة الغربية.
• في ما يتعلّق بغزة بعد الحرب، التفضيل الأعلى لدى الجُمهور المُستَطلَع في الضفة هو "حكومة وحدة وطنية بين حماس وفتح" بنسبة (39%)؛ بينما 24% يُفَضّلون إعادة السيطرة للسلطة الفلسطينية؛ و17% يؤيّدون إدارة تكنوقراطيّة تحت إشراف عربي؛ و8% فقط يرغبون في استمرار حكم حماس.
• بخصوص نزع سلاح حركة حماس كخطوة لإنهاء الحرب: قال 43% إنّهم يُعارِضون ذلك، و36% يؤيّدونه.
• حول التحالف الإقليمي الذي يضم إسرائيل، تَبَيَّن أن 71% يرون في التطبيع بين إسرائيل والدول العربية خيانة للفلسطينيين.
خيارات إنهاء الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني
يُشير الاستطلاع إلى أن حلّ الدولتين هو الخيار السياسي المُفَضّل (52%)، بينما 28% يؤيّدون دولة فلسطينية واحدة بين النهر والبحر خالية من اليهود، و16% دولة واحدة ديمقراطية ثنائيّة القومية. ويؤكّد التقرير أنه وعلى خلاف العديد من استطلاعات الرأي التي لا تَعرض ثمن التسوية، فعندما عُرِضَت على المُستَطلَعين حزمة اتفاق لحلّ الدولتين تشمل: اعترافاً إسرائيلياً بدولة فلسطينية واعترافاً فلسطينياً بدولة إسرائيل، عاصمة فلسطينية في القدس الشرقية، حقّ العودة إلى الدولة الفلسطينية، اتصالاً جغرافياً بين غزة والضفة، أبدى 75% تأييدهم، و23% عارَضوا ذلك.
ويَرْتَفِع التأييد مع التقدّم في السن (53% بين 18–34 عاماً مُقابِل 87% بين من هم فوق 65 عاماً). وسُجّلَت نسب دعم مرتفعة في جميع مُحافَظات الضفة، خصوصاً في الجنوب والأغوار، حيث بلغَت 80٪.
وترى أغلبيّة (56%، خصوصاً من الشباب) أن دولة إسرائيل لا حقّ لها في الوجود، و70% يعتقدون أن إسرائيل لن تبقى على المدى البعيد، ونصف الجمهور (50%) يؤمِنون بإمكانية تدمير إسرائيل بعد أحداث 7 أكتوبر. يُشيرُ التقرير إلى أنه يمكن تفسير هذا التوتّر، وربما التناقض، بأن نموذج الدولتين يُنْظَر إليه من قِبَل الفلسطينيين، وخاصّة الشباب، بالتعامل معه كحلّ مؤقّت وليس نهائي.
وأكثر من نصف الجمهور المُستَطلَع في الضفة (59%) يعتقدون أن الإسرائيليين والفلسطينيين لا يمكنهم العيش المشترك مع حقوق مدنيّة مُتَساوِية ضمن دولة واحدة، بينما 40% يرون أن ذلك مُمْكِن.
وسائل النضال لإنهاء الصراع
يُشير التقرير إلى أن هذا الاستطلاع أظهَر المفاوضات بوصفها الوسيلة المُفَضّلة لإنهاء الصراع: 43% من الجمهور المُستَطلَع في الضفة يرون في المفاوضات الطريقة المُفَضّلة للعمل، ونحو ربع الجمهور يدعم المقاومة الشعبية غير المسلّحة، و17% يدعمون الكفاح المسلّح.
ويُظهِر الاستطلاع أن الجُمهور المُستَطلَع مُنقَسم بشأن فعاليّة الكفاح المسلّح: بينما نصف الجُمهور (50%) يعتقد أن الكفاح المسلّح فشل، ويجب التركيز على النضال الدبلوماسي في الساحة الدولية، فإن 43% يرفضون هذا الادّعاء؛ وعندما عُرِضَت إمكانيّة الاستمرار في الكفاح المسلّح الصعب "من أجل نصر مستقبلي"، دعَم نحو نصف الجُمهور (49%) هذا الخيار، و43% عارَضوه.
تُشير المُعطَيات إلى انقسام أيضاً بين مؤيّدي استمرار الكفاح المسلّح وبين مؤيّدي الانتقال إلى المسارات السياسية أو المقاومة غير العنيفة (أي المفاوضات): ينخفض الدعم للكفاح المسلّح مع ارتفاع عمر المُستَطلَع، ما يدلّ على اختلاف بين الأجيال في النظرة لطُرُق النضال.
حماس والنظام الفلسطيني في غزة بعد الحرب
يُشير التقرير إلى أن نحو نصف الجُمهور المُستَطلَع في الضفة (46%) يعتقدون أن قرار حماس بشأن أحداث 7 تشرين الأول/ أكتوبر كان خاطئاً، بينما ربع الجمهور (26%) يرون أن القرار كان صائباً. ونسبة مُرتفعة نسبياً (28%) لم تُبدِ رأياً في الموضوع.
في ما يتعلّق بتأثير أحداث 7 أكتوبر على فُرَص إقامة دولة فلسطينية مستقلّة، فالصورة غير حاسمة: 35% من المُستَطلَعين يرون أن هجوم 7 أكتوبر أضَرّ بفُرَص إقامة الدولة، و29% يعتقدون أنه عزّزها، وربع الجُمهور (25%) يرون أنه لم يكن له أيّ تأثير فعلي.
مسألة نزع سلاح حماس كخطوة لإنهاء الحرب تُبرِز أيضاً الانقسام داخل الجُمهور المُستَطلَع: 43% يُعارِضون نزع سلاح حماس، و36% يؤيّدونه كخطوة لإنهاء الحرب، فيما اختار نحو خُمس الجُمهور (21%) عدم اتّخاذ موقف.
أما بشأن مستقبل الحُكم في غزة بعد الحرب، فإنّ الخيار المُفَضّل لدى الجُمهور المُستَطلَع في الضفة هو حكومة وحدة وطنية بين حماس وفتح، والتي حازت على تأييد 39%، بينما يرى 24% أنه يجب إعادة السيطرة إلى السلطة الفلسطينية، و17% يُفَضّلون إدارة تكنوقراط تحت إشراف عربي، وأقليّة بلَغت 8% تؤيّد استمرار حكم حماس.
التصوّرات بشأن دولة إسرائيل
يُشيرُ التقرير إلى أن أكثر من نصف الجُمهور المُستَطلَع في الضفة الغربية (54%) يعتقدون أنه لا حقّ لدولة إسرائيل في الوجود، بينما يرى 38% أن لها حقّاً في الوجود، وامتنع 8% عن إبداء موقف. بين الفئة العُمريّة 18- 34 عاماً في الضفة، نسبة المعارضين لوجود إسرائيل مُرتَفعة بشكل خاص (75%)، مُقارَنةً بالفئات العمريّة الأكبر سناً.
من ناحية أخرى، أكثر من ثلثي الجُمهور المُستَطلَع (69%) لا يؤمِنون بأن دولة إسرائيل ستَظلّ قائمة إلى الأبد، بينما تعتقد أقليّة فقط (16%) ذلك.
ونصف الجُمهور المُستَطلَع يعتقد أنه في أعقاب 7 أكتوبر، والحرب على غزة، يمكن تدمير دولة إسرائيل، في حين يرى 40% أنه لا يمكن تحقيق ذلك.
بحسب التقرير، فإن النتائج التي أظهَرها الاستطلاع تُشير إلى مواقف سلبيّة جداً تجاه دولة إسرائيل، على رأسها نفي حقّها في الوجود، خصوصاً في أوساط الشباب/ إلى جانب التقدير بأن الحرب لن تنتهي بنصر واضح، يعتقد جزء كبير من الجُمهور الفلسطيني في الضفة أنه في أعقاب 7 أكتوبر يمكن تدمير دولة إسرائيل.
التحالف الإقليمي والتطبيع مع إسرائيل
يُشير التقرير إلى أن غالبيّة الجُمهور المُستَطلَع في الضفة (71%) يَرون في خطوات التطبيع بين إسرائيل والدول العربية خيانة للشعب الفلسطيني. وفي ما يتعلّق بتأثير الدول العربية على مستقبل الفلسطينيين، يرى 61% من المُستَجيبين أنه ليس للدول العربية تأثير حاسم على إقامة دولة فلسطينية، مُقابِل 39% يَنسبون إليها دوراً مهماً.
بين الشباب (الفئة 18-34 عاماً) في الضفة، وُجِدَت نسبة أعلى (52%) تعتقد أن للدول العربية تأثيراً حاسماً، مُقارَنةً بالفئات الأكبر سناً.
الجُمهور المُستَطلَع في الضفة مُنقَسم حول فكرة التحالف الإقليمي: نحو نصفهم (48%) يدعمون إقامة تحالف إقليمي يشمل إسرائيل والفلسطينيين والدول العربية، وفي إطاره تُقام دولة فلسطينية - ربما انطلاقاً من إدراك أن هذه هي الطريقة الوحيدة حالياً لتعزيز إقامة الدولة الفلسطينية. في المُقابِل، فإنّ 43% يُعارِضون ذلك.