التصنيفات » مقابلات

مقابلة لموقعنا مع عضو المكتب السياسي لحركة حماس الدكتور إسماعيل رضوان

 

 

 

 

                                                                                                                                                                                                                                                                                         أجرت المقابلة: حنين رباح

في أجواء الذكرى المئوية لوعد بلفور المشؤوم، والذي أدّى إلى احتلال الكيان الصهيوني لفلسطين وبداية المأساة الكبرى المستمرة للشعب الفلسطيني، ومع بدء الخطوات العملية لتنفيذ اتفاق المصالحة بين حركتي حماس وفتح في قطاع غزة، والذي شكّل بداية مرحلة جديدة من نضال الشعب الفلسطيني ضد كيان الاحتلال، كان لموقعنا هذا اللقاء الحواري مع عضو المكتب السياسي في حركة حماس، الدكتور إسماعيل رضوان، والذي تناول آخر مستجدات اتفاق المصالحة وعلاقة حماس بإيران ومواقفها حول المقاومة وعملية التسوية.

1 ـ في البداية ، كيف تقيّمون الخطوات التنفيذية الأولى التي تمّت حتى الآن في إطار تطبيق اتفاق المصالحة بين حماس وفتح، والذي طال انتظاره كثيراً، وبعد فشل محاولات سابقة خلال السنين العجاف التي عاشها الشعب الفلسطيني بسبب هذا الانقسام الداخلي الخطير؟
ـ بدايةً، حماس تعتبر المصالحة خياراً استراتيجياً وقراراً استراتيجياً. وبالتالي هي حريصة على المضيّ قدماً على تحقيق المصالحة. ونحن في هذا الصدد أبدينا مرونة كبيرة، على صعيد تنفيذ الاتفاقات، وربما أكثر ممّا يتوقع خصمنا السياسي؛ وكلّ المتابعين للشأن الفلسطيني يدركون بأن حماس فاجأت الجميع بمرونتها في ما يتعلق بالمصالحة.  لقد قمنا بحلّ اللجنة الإدارية وبتسليم حكومة التوافق كلّ مهماتها، مع المعابر وكلّ ما يتعلق بقطاع غزة. لكن دعونا نقول بأن الشعب الفلسطيني لا يزال يتوقع رفع العقوبات المفروضة على قطاع غزة من قِبل السيد محمود عباس. وللأسف، حتى اللحظة لم تُرفع هذه العقوبات؛ كذلك لم يلمس المواطن الفلسطيني آثار هذه المصالحة. ونحن نأمل أن تحمل الأيام والأسابيع المقبلة تباشير للشعب الفلسطيني برفع العقوبات، وحلّ مشاكل الكهرباء، وفتح المعابر، وحلّ أزمات الصحة والتعليم وتأمين مستلزمات الشعب الفلسطيني، وكذلك مشكلة الموظفين.

2 ـ ماذا بالنسبة لعلاقتكم بالجمهورية الإسلامية الإيرانية، والتي شهدت تحسناً في المرحلة الأخيرة على قاعدة دعم المقاومة في فلسطين،  والابتعاد عن سياسة الاصطفافات فيما يخص القضايا الإقليمية، وتحديداً منها الأزمة السورية؟
ـ أنا أؤكد أن علاقة حركة حماس بالجمهورية الإسلامية الايرانية لم تنقطع، حتى في مرحلة الخلافات في وجهات النظر حول ما يجري في الساحات العربية. وقد حرصت حماس دائماً، كما حرصت الجمهورية الإسلامية الإيرانية، على استمرار التواصل بين الطرفين؛ بل إن إيران لم توقف دعمها للجناح العسكري لحركة حماس ـ كتائب عزّ الدين القسام، واستمرت في دعم المقاومة؛ وهذا جهدٌ مقدّر ومشكور للجمهورية الإسلامية الإيرانية، لأنها دعمت ولا زالت تدعم المقاومة، على خلفية تبنيها المبدئي للقضية الفلسطينية ولتحرير المسجد الأقصى. وبالتالي هذه العلاقة تعود إلى طبيعتها. وتطوير تلك العلاقة بين حماس وإيران وحزب الله يعني أننا نعيد تدشين مرحلة  جديدة من التعاون الاستراتيجي لمواجهة الاحتلال الصهيوني والمشاريع الأميركية في المنطقة، لأن الاحتلال يتربص بالمقاومة؛ وبالتالي نحن نقول اليوم إن العلاقة الإيجابية والاستراتيجية مع إيران وحزب الله قد عادت إلى وضعها الطبيعي لدعم مقاومة الشعب الفلسطيني في مواجهة الإحتلال. وهذه العلاقة لا تتضمن تقديم أثمان ولا اشتراطات، بل هي علاقة مبدئية. ونحن حريصون على هذه العلاقة الإيجابية والمتطورة، كما نحرص على علاقاتنا في البعد  العربي والإسلامي؛ فنحن حريصون على استمرار العلاقات مع مصر ومع تركيا ومع قطر، ومع كلّ هذا المحيط العربي والإسلامي لصالح القضية الفلسطينية، بعيداً عن سياسة الاصطفافات. إن كلّ من يدعم مقاومتنا ويدعم شعبنا نحترمه ونقدّم له الشكر .

3 ـ علاقتكم اليوم مع إيران عادت إلى طبيعتها، لكن ماذا عن ترميم العلاقة مع دمشق؟ هل لا تزال المسألة في إطار الإشارات الإيجابية، أم أنها دخلت دائرة الفعل والجانب العملي؟
ـ نحن نتمنّى لسورية الخير والطمأنينة والاستقرار والأمن والوحدة، وأن تتعافى ممّا تمرّ به، وأن تعود ـ كما كانت ـ لأداء دورها التاريخي الداعم للمقاومة وللقضية الفلسطينية. وبالتالي نحن حريصون على "سورية المعافاة"، المتصالحة والقوية والداعمة للقضية الفلسطينية.

4 ـ أثير لغط كثير في الآونة الأخيرة حول الوثيقة السياسية التي أصدرتها حماس، ومدى توافقها أو تعارضها مع ميثاق الحركة الأساسي، لجهة الاعتراف بالكيان الإسرائيلي تحديداً؛ ماذا تقولون في هذا الإطار؟
ـ حماس أكدت وتؤكد أنها لم ولن تعترف بالاحتلال الصهيوني؛ وبالتالي الوثيقة التي صدرت عنها ليس فيها أيّ اعتراف بالكيان الصهيوني. بل هي أكدت على فلسطين التاريخية من بحرها إلى نهرها؛ وهذا مبدأ ثابت لحركة حماس. وحينما تحدثت عن موضوع الانسحاب من أراضي الـ67، كان ذلك في إطار التوافق الفلسطيني كمرحلة انتقالية، ودون اعتراف بالاحتلال، أو نبذ المقاومة، ودون الالتزام بالاتفاقات الموقّعة مع الاحتلال. وعليه، فإن هذه الصياغة جاءت ضمن سياق التأكيد على حقنا الكامل في كلّ فلسطين التاريخية من بحرها إلى نهرها .

5 ـ هل يشكّل التقاء حركتي حماس وفتح اليوم التقاء مصالح، أم أنه التقاء مؤسّس على اتفاق حقيقي وليس على مصالح متبادلة؟
ـ نحن حريصون على إنجاز وحدة حقيقية مع حركة فتح ومع كلّ الفصائل الفلسطينية، لأن هذه الوحدة هي التي تقود للحفاظ على الثوابت وخيار المقاومة. وبالتالي نحن جادّون، صادقون، وملتزمون بكلّ اتفاقات المصالحة، وحريصون على الوحدة الوطنية الحقيقية. ونأمل أن تكون نفس الإرادة لدى الأخوة في حركة فتح، الذين نظن ونحسبهم كذلك، لأنه إذا ما توحّدنا فسنواجه الإحتلال، وكلّ المشاريع الصهيونية. وإذا ما أوقفنا النزيف الداخلي فسنكون أقوياء في مسار تحرير أرضنا.

 

5 ـ هل حصل اتفاق سرّي بين حماس وفتح على قضايا معيّنة، كموضوع السلاح وموضوع منظمة التحرير وهيكلية النظام السياسي الفلسطيني؟ فاليوم أنتم متهمون من قِبل  فصائل فلسطينية بهذا الموضوع، وهناك تساؤلات كبيرة عن سرّ هذا الاتفاق، وخاصة مع الحماسة الدولية له (أوروبية، سعودية، إماراتية ومصرية)؛ وأيضاً حلف «الاعتدال العربي»، الذي قال نتنياهو بأنه بدأ يلاقي «إسرائيل» فوق الطاولة، رحّب بهذا الاتفاق!
ـ كلّ الفصائل الفلسطينية رحّبت بالمصالحة الوطنية، ولم أسمع أن فصيلاً قد رفض هذه المصالحة. واذا كان هناك من فصيل رفضها فلنذكره!
(الاتهام كان موجّهاً من قبل المسؤول الإعلامي في الجبهة الشعبية أنور رجا)
وأنا أقول: المصالحة ليس فيها اشتراطات سريّة. هناك اتفاق وقّعناه في القاهرة ووقّع عليه 13 فصيلاً فلسطينياً.
وحتى الجبهة الشعبية ـ القيادة العامة لا تستطيع أن تقول إنها تعارض المصالحة، لأن هكذا موقف يتناقض مع مصالح الشعب الفلسطيني. وأنا أؤكد أننا حريصون على سلاح المقاومة، لأن حماس خاضت ثلاثة حروب، في وقتٍ ظلّ البعض لمدّة عشرين عاماً من دون أن يوجّه طلقة واحدة إلى الاحتلال.
وعلى أية حال، نحن حريصون على الكلّ الفلسطيني، وإن السلاح المقاوم بالنسبة لنا خط أحمر، والأيام كفيلة بإثبات ذلك .

7 ـ دائماً ما تقول حركة حماس بأن الانقسام مستمر بسبب الفيتو الأمريكي ـ الإسرائيلي على إجراء المصالحة واتمامها. اليوم ما الذي حصل؟ هل رُفع هذا الفيتو؟ وهل يمكن القول إن هذا الاتفاق هو مشروع أمريكي من بهدف إضعاف محور المقاومة، وإيران خصوصاً، وذلك بتحييد الحلقة الأضعف منه، وهي حماس؟
ـ المتضرّر من المصالحة هو الاحتلال الصهيوني، وكذلك الإدارة الأمريكية. أنا لا أستطيع أن أتحدث عن رفع فيتو أمريكي أو غير ذلك. لكن يمكنني القول إن الاحتلال ربما في ظل حالة عدم الاستقرار خشيةً من انفجار الأوضاع في داخل غزة بسبب الضغط على القطاع واستمرار الحصار؛ وإذا ما انفجر القطاع فسينفجر في وجه الاحتلال؛ ولذلك هو يصمت. فيما حذّر مسؤولو الإدارة الأمريكية من هذه المصالحة ورفضوها، وقالوا: لن نعترف بأية حكومة تكون فيها حماس، وإن أية مصالحة يجب أن تتم باشتراطاتهم، من اعترافٍ بالاحتلال، إلى التخلّي عن العنف كما يسمّونه، والالتزام بالاتفاقات الموقّعة؛ وليس هذا فقط، بل هم طلبوا قطع العلاقة بإيران وكذلك تسليم السلاح. وكان ردّنا العملي على هذه الاشتراطات أننا فعّلنا علاقتنا مع إيران، وكانت الزيارة الأخيرة من قِبل وفد رفيع المستوى من قيادة حركة حماس ـ المكتب السياسي، برئاسة النائب الأستاذ صالح العاروري، إلى إيران.

8 ـ هل يمكننا القول بأن قرار الحرب والسلم لم يعد بيد حماس بعد الالتزام بهذا الاتفاق؟
ـ المعتدي هو الإحتلال. وبالتالي فإن قرار الحرب هو بيد الاحتلال. وإذا ما قرّر الاحتلال العدوان فلن نبقى مكتوفي الأيدي ولن ننتظر قراراً من أحد. إذا ما حصل العدوان، وإذا ما شنّت الحرب، فلن تنتظر فصائل المقاومة قراراً سياسياً. نحن كفصائل المقاومة ندير عملية المقاومة في إطار التوافق الوطني والحرص على مصلحة وأمن الشعب الفسطيني.

9 ـ تتحدث التقارير الإسرائيلية عن عدوان جديد على قطاع غزة. وهناك تهديدات من قِبل مسؤولين ومحلّلين إسرائيليين. بتقديركم، هل هذا مجرّد تهويل وتخويف، أم هناك نيّة جديّة للعدوان، خاصة أن هناك ربطاً بين هذا العدوان والفساد المستشري داخل الكيان؟
ـ من الواضح أن الاحتلال لديه أزمات داخلية، وعلى وجه الخصوص نتنياهو الذي يعاني من اتهامات بالفساد. وقد يسعى نتنياهو لتصدير أزماته للخارج، لكنني أستبعد حرباً قريبة على قطاع غزة أو في المنطقة؛ فالاحتلال يدرك أن أيّ حرب يمتلك قرار الشروع فيها، لكنه لا يمتلك قرار إنهائها ولا يعرف نتائجها. وبالتالي إن أيّ حرب أو معركة جديدة يقوم بها الاحتلال ستكون وبالاً على الكيان الصهيوني المسخ.
10 ـ نحن اليوم في أجواء مئوية وعد بلفور المشؤوم... وقد اعترف مجلس العموم البريطاني بدولة فلسطين إلى جانب دولة "إسرائيل". وهو اعتراف متأخّر بلا شك، لكنّه مهم بالرغم من رمزيته وعدم إلزاميته من الناحيتين السياسية والقانونية. ما الذي حدا ببريطانيا، صاحبة هذا الوعد ، إلى الإعتراف بفلسطين أخيراً؟ هل هو تكفير عن الذنب؟ وماذا يعني ذلك الاعتراف للفلسطينيين ولقضيتهم؟
ـ بريطانيا تتحمّل المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة التاريخية والقانونية والإنسانية والحقوقية بحق الشعب الفلسطيني. ونحن ندعو إلى ملاحقة بريطانيا قانونياً بسبب هذه الجريمة، وندعوها إلى الاعتذار عمّا حلّ بالشعب الفلسطيني؛ ويجب عليها أن تصحّح هذه الخطيئة الكبرى بالعمل على إزالة كيان الاحتلال الصهيوني. ليس المطلوب الآن الاعتراف بدولة فلسطينية ليس لها وجود على أرض الواقع في ظل استمرار الاحتلال. والواضح أن بريطانيا مستمرة في ظلمها للشعب الفلسطيني، بل هي تفتخر أنها أنشأت الكيان الصهيوني واحتفلت مؤخراً بالذكرى المئوية لوعد بلفور، بمشاركة رئيسة وزراء بريطانيا. نحن ندين هذا الاصرار البريطاني الحاقد على شعبنا، ومن حقّنا أن نلاحق بريطانيا قانونياً، وإن وعد بلفور إلى زوال لأنه قام على باطل.

 

2017-11-07 15:24:10 | 1760 قراءة

التعليقات

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد
مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية