التصنيفات » ندوات

الندوة السياسية الدورية: قراءة في المتغيرات الإقليمية وتداعياتها على قضية فلسطين - د.ماهر الطاهر

عقِدت في مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية، في 17/5/2018، الندوة السياسية الدورية، بعنوان (قراءة في المتغيرات الإقليمية وتداعياتها على قضية فلسطين)، والتي حاضر فيها الدكتور ماهر الطاهر، مسؤول دائرة العلاقات السياسية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وذلك بحضور عدد من الباحثين والخبراء والمختصين بالقضية الفلسطينية.

وقد تقدّم الحضور البروفسور يوسف نصرالله، رئيس مركز باحث للدراسات، وممثّل السفير الإيراني في بيروت السيد محمد فتحعلي، والمستشار الثقافي للجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان الدكتور محمد مهدي شريعتمدار.

ومن المشاركين في الندوة:

الأستاذ إبراهيم الديلمي ، مدير عام شبكة المسيرة الإعلامية.

الدكتور عبد الملك سكّرية.

الدكتور محمود العلي.

الدكتور سلام الأعور.

الدكتور رياض عيد.

الأستاذ عمّار نعمة.

الأستاذ أبو رشيد ـ المسؤول الإعلامي في حركة الجهاد.

الأستاذ بلال اللقيس.

الأستاذ هيثم أبو الغزلان.

بعد تقديم من الأستاذ حسن شقير، بدأ المحاضِر كلامه، بعد شكر مركز باحث ورئيسه على رعاية هكذا ندوات فكرية ـ سياسية تهتم بالقضية الفلسطينية في ظل المتغيرات الكبرى في المنطقة، فأكد على أن هذه القضية تمرّ بمنعطف تاريخي، وتواجه تحديات غير مسبوقة، وذلك بهدف تصفيتها بشكل نهائي.

وبعدما أشار إلى ارتباط مسار ومصير قضية الشعب الفلسطيني بظروف عربية وإقليمية ودولية عديدة، وبقدرات الشعب الفلسطيني أولاً، تحدث المحاضِر عن مخاطر وتحديات وعن فرص إيجابية ذات طبيعة استراتيجية، مقسّماً طرحه على الشكل الآتي:

أولاً ـ المخاطر والتحديات:

تحدث الدكتور ماهر الطاهر حول هذه المخاطر أو التحديات، والتي تنامت خلال الأعوام الأخيرة، وتحديداً بعد اندلاع ثورات «الربيع العربي»، وهي شملت:

1 ـ تصاعد تأثير الدول العربية الرجعية، مقارنة بما كانت عليه الأمور في عهد الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، وعلى قاعدة أن الإسلام يرفض الأفكار القومية والعروبية، مقابل توثيق تلك الدول لروابطها المشبوهة مع الحركة الصهيونية ومع القوى الإمبريالية، وخاصة منذ مرحلة ما بعد انتصار الثورة الإيرانية في العام 1979.

وانتقد المحاضِر سياسات هذه الدول التي قدّمت مئات مليارات الدولارات من أجل مواجهة الاتحاد السوفييتي (السابق) في أفغانستان؛ وكذلك الحال بالنسبة لدعمها للنزاعات الخطيرة التي اندلعت في بعض بلدان المنطقة، بعد الغزو الأميركي لأفغانستان والعراق، واندلاع ما سمّي (الربيع العربي)، ما أدّى إلى تدمير سورية واليمن والعراق وليبيا، بأيدي جماعات إرهابية موّلت بشكل كامل من قِبل هذه الدول العربية الرجعية، كما من تركيا وأميركا ودول أوروبية معروفة.

كما توقف الطاهر عند تصاعد العداء الأميركي المستشري لشعوب المنطقة، وللشعب الفلسطيني بالخصوص، حسبما كشفت مواقف وسياسات الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب، وتحديداً حيال نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة منذ أيام، رغم المعارضة العربية والإسلامية والعالمية لهذا الإجراء الاستفزازي الخطير؛ والذي يشطب قضية القدس من أي أجندة تفاوضية مفترضة حولها في المستقبل.

وهنا ذكّر المحاضِر برؤية استراتيجية كانت قدّمتها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في العام 1969، وفيها إجابات علمية وموضوعية عن أسئلة كبرى، لا تزال مطروحة حتى اليوم (!)، حول أهمية تحديد أعداء هذه الأمة وأصدقائها بشكل دقيق، بهدف بلورة مسارات مواجهة متكاملة مع هؤلاء الأعداء، ولتحقيق أهداف الأمة التاريخية في التحرير والاستقلال.

وتابع المحاضِر: إذاً، العداء الأميركي السافر لشعوبنا برز بقوة في تفاصيل احتفال نقل السفارة الأميركية، ما يطرح تحدياً غير مسبوق يجب على شعوبنا وعلى دول وحركات محور المقاومة التعامل معه بكلّ جديّة وصرامة.

ومن المخاطر المحيطة أيضاً بقضية فلسطين، انشغال الدول المؤيدة أو الداعمة لمقاومة الشعب الفلسطيني، مثل سورية واليمن والعراق، في صراعات أو نزاعات داخلية مريرة، أضعفت قدراتها وتأثيرها في الأوضاع الخارجية عموماً؛ وكذلك الحال بالنسبة لتركيا، والتي لم يقدّم دعمها السياسي (أو الكلامي) للفلسطينيين الشيء الكثير، فيما هي ترسّخ وتوسّع، من الناحية الواقعية، من روابطها وعلاقاتها الاستراتيجية مع كيان الاحتلال، بموازاة استمرار تدخلها العسكري والسياسي في سورية والعراق، والذي فاقم من الأوضاع المتدهورة في هذين البلدين، وبما ارتدّ سلباً في النهاية على البيئة الداعمة للشعب الفلسطيني، على مستوى المنطقة.

أما إيران ـ يتابع المحاضر ـ فهي تعرضت ولا تزال تتعرض لضغوط سياسية ودبلوماسية واقتصادية هائلة من أجل أن تتخلى عن تبنّيها الصادق والعملي لقضية فلسطين؛ وهذا ما كشفه مؤخراً إلغاء إدارة ترامب للاتفاق النووي مع إيران، بذريعة عدم التزامها به؛ ولكن في الواقع، فإن رضوخ دونالد ترامب لضغوط اللوبي الصهيوني والكيان الإسرائيلي هو الذي فرض عليه إلغاء الاتفاق، والذي لم يعالج ـ بزعمه ـ قضية الصواريخ الإيرانية البالستية ودعم إيران لحركات المقاومة في فلسطين والمنطقة!

وأضاف الطاهر: من هنا يمكن فهم سياسات التضخيم والتهويل الإعلامي الغربي أثناء التظاهرات الشعبية الأخيرة في إيران، حيث تستمر إيران بمقاومة كل هذه الضغوط والسياسات، وهي تتقدم علمياً وتكنولوجياً وفي مجالات كثيرة أخرى، وبما يثير خشية وقلق الأمبريالية والكيان الصهيوني المحتل لفلسطين، ويكشف عن ضعف الثالوث الأميركي ـ الإسرائيلي العربي الرجعي في مواجهة إيران والمحور المقاوم الداعم لفلسطين بشكل عام.

ثانياً ـ الفرص المتاحة أمام محور المقاومة

أما العوامل الإيجابية، والتي يجب تفعيلها في المراحل المقبلة من الصراع المفتوح مع كيان الاحتلال ورعاته الإمبرياليين والرجعيين، فيمكن الحديث عن أهمها على الشكل الآتي:

1) صمود النظام في سورية وتحريره لمعظم أراضي البلاد من الجماعات الإرهابية، سيؤدّي إلى تقوية الجبهة الممانعة والمواجهة للمشاريع المعادية، حسبما أظهرت نتائج وتداعيات المواجهة العسكرية «النوعية» في الجولان السوري المحتل مؤخراً، والتي كشفت عن ضعف إسرائيلي وتردّد في خوض مواجهة شاملة ومفتوحة مع محور المقاومة.

2) صمود النظام الإسلامي الثوري في إيران سيؤدّي إلى المزيد من التقدم في مسار المواجهة مع الأعداء، وبما يخيّب آمال الحلف الصهيوني ـ العربي الرجعي، والذي لا يزال يراهن على اندلاع مواجهة أميركية ـ إيرانية لم تحصل منذ عقود!

واستذكر المحاضِر هنا المواقف المستهجنة لمسؤولين عرب (من السعودية والبحرين والإمارات) حول هوية العدوّ الجديد للعرب، واستبدالهم العداء للكيان الإسرائيلي بالعداء لإيران التي قدّمت منذ انتصار الثورة فيها الكثير الكثير في سبيل الدفاع عن القضية الفلسطينية، وحماية المقاومة وتعزيز قدراتها على مستوى المنطقة عموماً.

3) من العوامل الإيجابية لصالح قضية فلسطين، تحوّل حزب الله اللبناني إلى قوة إقليمية كبرى، بات يُحسب لها ألف حساب لدى قادة العدو الصهيوني وحكام المنطقة الرجعيين على السواء.

4) أخيراً، من العوامل المساعدة في تقدّم مشروع المقاومة، فشل المشروع الأميركي ـ الصهيوني ـ الرجعي في الدول العربية الرئيسية التي استهدفها صنّاع هذا المشروع، وهي: سورية، العراق، اليمن؛ وإيران الثورة كقاعدة لهذا المحور الاستراتيجي المقاوم.

وفي الخلاصة، أكد الدكتور ماهر الطاهر على الاستنتاجات الآتية:

1 ـ لا مؤشرات قوية على حصول مواجهة قريبة بين المحور المقاوم والمحور الإمبريالي الصهيوني / الرجعي، برغم التهويلات والحملات الإعلامية الموجّهة في هذا الإطار.

2 ـ القدرات والظروف المحيطة اليوم بدول وقوى محور المقاومة لا تقارن بما كانت عليه الحال قبل عقود قليلة مضت، وخاصة لناحية التأثير الإيجابي لكلٍ من روسيا والصين ودول أخرى لا تزال ترفض الانصياع للإمبريالية الأميركية، وتسعى لإرساء نظام متعدد الأقطاب يحفظ مصالحها الكونية، ويحلّ محلّ النظام الأميركي ذي القطب الواحد، والذي لا يزال يتحكم حتى اليوم بمقدّرات ومصائر الشعوب والدول المستضعفة.

3 ـ هناك ارتباط وثيق بين الصراعات الإقليمية الجارية في المنطقة، والصراع بين الأقطاب الصاعدين، مثل روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا، والذي يصبّ في المسار المذكور آنفاً.

4 ـ على المستوى الإسرائيلي، يرى قادة الكيان أن وضع كيانهم مريح إلى حدٍ كبير، في ظلّ استشراء حالة التفتت العربي والفلسطيني، ونشوء «قلق مشترك»، إسرائيلي / خليجي، من تنامي قدرات وخبرات المحور المقاوم، وبما يؤدّي إلى تقوية موقعية الكيان الإسرائيلي في المعادلات الجديدة التي ترتسم في المنطقة.

5 ـ في المقابل، يرى الفلسطينيون أن الانقسام الداخلي يساعد الكيان في فكّ عزلته العربية والدولية، والمتنامية بسبب حملات هيئة مقاطعة البضائع الإسرائيلية من المستوطنات ـ BDS، وتصاعد اعتراض اليهود الأميركيين على سياسات «إسرائيل» العنصرية، ونقل السفارة الأميركية إلى القدس، وغيرها.

لذا، يراهن الشعب الفلسطيني على تفعيل مسيرات العودة التي انطلقت منذ أسابيع (على حدود غزة)، وعلى إنهاء حالة الانقسام الداخلي، وعلى رفض أي صفقات لتصفية القضية الفلسطينية (وآخرها صفقة القرن الأميركية)، حتى من قبل أصحاب خيار التفاوض والتسويات المذلّة.

وفي هذا السياق، استنكر المحاضِر عدم تساوق وسائل الإعلام العربي والإسلامي بشكل متناسب ومؤثر مع التضحيات التي يقدّمها الفلسطينيون على تخوم قطاع غزة، كما تفعل بعض وسائل الإعلام الغربية!

وأخيراً، دعا المحاضر إلى البحث الجدّي، العلمي والموضوعي، في استراتيجيات شاملة للمواجهة مع العدو، تستند إلى إنجازات ونجاحات المرحلة الماضية، كما تستفيد من التجارب الفاشلة (على مستوى فلسطين والمنطقة)، بهدف توحيد وتوجيه كلّ الطاقات والإمكانات نحو العدوّ الحقيقي لهذه الأمة، وتحقيق الانتصار الكامل والنهائي عليه؛ وهذا ليس بالهدف المثالي أو المستحيل، في حال خلصت النوايا وتكاتفت الجهود، وتم إغلاق الثغرات الكثيرة في جسم الأمّة، والتي استنزفتها بلا طائل، منذ عقود، ولا تزال حتى اليوم!

 

 

2018-05-19 13:10:58 | 1622 قراءة

التعليقات

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد
مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية