التصنيفات » مقالات سياسية

السياسة والديمقراطية

السياسة والديمقراطية

اعداد الباحث السياسي : يحيى دايخ                                                 

    • معنى السياسية لغويا :
السياسية تأتي بمعنى " ساس الخيل , أو سائس الخيل " والسياسي من ساس الناس و قادهم .
    • مفهوم السياسة ( السلطة ) في الفلسفة
كانت السياسة وما زالت الشُغل الشاغل للكثير من الفلاسفة والمؤرّخين ونظرتهم إلى كيفيّة سريان الأنظمة والمبادئ تحت سلطة الدولة، ومدى قدرة سياسة هذه الدولة على تحقيق مقومات المساواة والعدالة بين جميع أفراد المجتمع، وعليه فإنّ هذه الآراء قد اختلفت من فيلسوف إلى آخر ومن مذهب إلى غيره، وسوف نتطرّق هنا إلى آراء بعض الفلاسفة حول نظرتهم لمفهوم السياسة.
    • مفهوم السياسة عند مونتسكيو
يرى أنّ الدولة تقوم على ثلاثة أنواع من السلطة: وهي السلطة التشريعيّة، والسلطة التنفيذيّة، والسلطة القضائيّة، حيثُ يدعو مونتسكيو إلى الفصل بين هذه السلطات لضمان حقوق الفرد وحريّته.
    • مفهوم السياسة عند فوكو
قام فوكوعلى تأسيس مفهوم جديد للسلطة والسياسة، فهي ليست سجينة مجموعة من الأجهزة والبُنيات التي تُخضع الأفراد داخل سياسة دولة معينة، وإنّ السلطة ليست القوة المُنبثقة من سيادة هذه الدولة وسلطة القانون فيها، إنّما هي الأشكال التي تنتهي إليّها السلطة، والتي هي عبارة عن مجموعة من القوى التي تقوم بعملها في المجال الذي تُمارَس فيه، كما وهي الاسم الذي يُطلق على وضعيّة استراتيجيّة مُعقّدة في مجتمع معيّن، تجعل السلطة ذات تأثير يمتد إلى علاقات القوة في المجتمع، وهذا الفكر عند فوكو ينبع من تصوّر بُنيويّ يعبر عن العلاقات الخفيّة السائدة في مجمتع معين، وعن النظام الدائريّ للسلطة.
    • مفهوم السياسة عند ابن خلدون
إن السياسة عند ابن خلدون تعني تحمل مسؤوليّة العامّة والأفراد على مقتضى النظر الشرعيّ في مصالحهم الأُخرويّة والدنيويّة الراجعة إليّها، إذ إنّ أحوال الدنيا وما فيها ترجع كلَّها عند الشَّارِع على اعتبارها مرتبطة بالمصالح الأُخرويّة، فهي في الحقيقة خِلافة يضعها صاحب الشرع في الأرض لحراسة الدين وسياسة الدنيا به.
    • مفهوم السياسة عند ماكيافيلي
السياسة في نظر ماكيافيل تعني مجال الصراع بين الأفراد والجماعات الذي يؤدي إلى اللجوء لجميع الوسائل المشروعة، وغير المشروعة فالحاكم أو الأمير يجب أن يكون مُستعداً لتوظيف وتشغيل جميع الأساليب والطرق لحل هذا الصراع، وعليه أن يكون قوياً وماكراً حسب مقتضيات الظروف ومجريات الأحداث، ويمكنه أيضاً اللجوء إلى القوانين والأخلاق إذا كان ضمان السلطة يتطلب ذلك، فهكذا تصبح جميع الوسائل مُباحة لضمان بقاء السلطة وممارستها، فالغاية تبرر الوسيلة في نظره.
    • مفهوم السياسة عند أنجلس
مفهوم السياسة عند آنجلس ينطلق من تصور تاريخيّ ماديّ ليبين كيف أنّ الدولة هي بلورة ونتيجة للصراع الطبقيّ، وأنّ وجودها يعني مدى محافظتها على النظام والتخفيف من حدة هذا الصراع، كما أنّها تظل مُجسِدة لمصالح الطبقة السائدة المُسيطِرة التي تملك جميع وسائل الإنتاج، وزوالها مقرون بزوال الطبقات الإجتماعيّة و تحقيق المساواة، والعدل، والمُلكيّة المُشتركة لوسائل الإنتاج المختلفة.
    • الديمقراطية وأنواعها

    • معنى الديموقراطية لغويا :
كلمة يونانية تنقسم القسمين ديمو كراسي وتعني حكم الشعب
    • مفهوم الديمقراطية:
نظام اجتماعي يؤكد قيمة الفرد وكرامته الشخصية الانسانية ويقوم على اساس مشاركة اعضاء الجماعة في تولي شؤونها، وتتخذ هذه المشاركة اوضاعا مختلفة وقد تكون الديمقراطية سياسية ويكون الشعب فيها مصدر السلطة وتقرر الحقوق لجميع المواطنين على اساس من الحرية والمساواة من دون تمييز بين الافراد بسبب الاصل، الجنس، الدين او اللغة، ويستخدم اصطلاح الادارة الديمقراطية للدلالة على القيادة الجماعية التي تتسم بالمشورة والمشاركة مع المرؤوسين في عملية اتخاذ القرارات.
 وتوجد انواع من الديمقراطية :
    • الديمقراطية المباشرة :
 فيها الشعب مصدر السلطة ويمارس السلطة في آن واحد، ولا وجود للحكام في الديمقراطية المباشرة، وسبق ان طبق هذا النوع من الديمقراطية المباشرة في المدن اليونانية القديمة وبشكل خاص في اثينا، وفي بعض الكانتونات”المقاطعات “ الصغيرة في سويسرا.
    • الديمقراطية غير المباشرة :
ولها تسميات اخرى”الديمقراطية النيابية او التمثيلية فيها الشعب يختار من ينوب عنه لكي يمارس السلطة، فالشعب يبقى مصدرا للسلطة غير انه لا يمارس السلطة بنفسه بل يفوض السلطة الى حاكم ,لكن لا يستطيع الناخبون محاسبة النائب الى حين انتهاء فترة نيابته.

    • الديمقراطية شبه المباشرة :
في الديمقراطية شبه المباشرة العلاقة تبقى قائمة بين جمهور الناخبين وبين الشخص الذي انتخبوه، ويستطيع الناخبون ازالة النائب واجراء انتخاب اخر للنيابة عنهم، وهذا النوع مطبق في سويسرا وبعض الولايات الاميركية، وتوجد وسيلة اخرى في الديمقراطية  غير المباشرة هو الاستفتاء وهو وسيلة ممكن ان يطرح على جمهور مباشرة مشروع قانون وابداء الرأي بكلمة”نعم او لا“ ، فاذا قالوا نعم يكون القانون بدون ان يمر على المجلس التشريعي .
    • الديمقراطية الشعبية :
تطلق هذه التسمية على نظام الحكم في الدول الخاضعة للنفوذ الشيوعي مثل الصين وكوريا الشمالية والاتحاد السوفياتي سابقا وتعد الديمقراطيات الغربية هذا النظام غير ديمقراطي لان اساليبه لا تتفق والمقاييس الاساسية التي تقرها (( هذه )) الديمقراطيات الغربية .
    • الديمقراطية الوسيطة :
النظام الذي من شأن تعدد الاحزاب السياسية فيه منع المواطنين من اختيار رئيس الحكومة عن طريق الانتخابات البرلمانية، بل يعتمد هذا الاختيار على الاتصالات التي تتم بين كبار رجال السياسة.

    • في منهج التفكير السياسي الديني الاسلامي :
إن الحديث عند نظريات التغيير والاصلاح في المجتمع الإنساني لا يختص بالمسلمين فقط بل هو حال النظريات والأفكار لدى مختلف المصلحين ودعاة التغيير في كل زمان ومكان .                              
من هنا نجد التمايز بين المصلحين وقادة التغيير الإسلاميين في الخطوط التفصيلية والطروحات العلمية والخطاب التغييري، ولعل هذا ما يفسر نجاح البعض واخفاق البعض الآخر، واقتراب البعض في خطابهم من هموم الناس والامهم , وآمالهم ومحاكاتهم بلغة تجعلهم أكثر قدرة على الاستقطاب وقيادة المجتمع نحو التغيير، بخلاف الذين اختاروا الأساليب والخطاب غير الملامس بشكل مباشر لتلك الهموم والآلام فبقوا في دائرة التنظير النخبوي وكان الاخفاق نصيبهم في محاولاتهم التغييرية وإن تركوا في الأمة أثراً نسبياً على المدى البعيد، أو خلقوا ورائهم مجموعة من الأفكار والنظريات التغييرية التي تستند إلى مجموعة من مرتكزات أبرزها :
حاكمية القانون الإلهي :
انطلاقاً من اعتبارهم أن "العقيدة الإسلامية هي عقيدة صياغة الإنسان"2، فبالتالي ليس من حاجة إلى مرجعية عقيدية أخرى في تكوين منهجية التفكير عند الإنسان، لاسيما " وإن لدى الإسلام كل شيء لهذا الإنسان أي انه لديه أطروحة متكاملة في كل مراتبه بدءً من مرتبة الطبيعة والى ما وراء الطبيعة، بل وحتى عالم الألوهية" .
هذه الشمولية في الإسلام تدفع إلى اعتبار أن "قوانين الإسلام جامعة وشاملة إلى درجة تجعل من يطلع عليها يعترف أنها تفوق حدود الفكر البشري , ولا يمكن أن تكون نتائج القدرة العلمية والفكرية للإنسان" .
ولأنها قوانين جامعة وشاملة وإلهية في الوقت نفسه فإنه "ليس في الإسلام حاكمية سوى لقانون واحد هو القانون الإلهي" , وهذا ما يحسم في منهجية التفكير السياسي عند المتبنيين لها "الحاكمية" التي يعيدها للقانون الإلهي أو "النص المقدس" المتمثل بالقرآن الكريم والاحاديث النبوية الصحيحة والثابتة .
مبدأ أداء التكليف الشرعي
 في حركتهم التغييرية بدءاً من النوعية والتبليغ مروراً بالخطاب السياسي الاستنهاضي للأمة وصولاً إلى إقامة الحكومة الإسلامية، من مبدأ أن الإنسان مأمور إلهياً ببذل الجهد الممكن والمستطاع في إحقاق الحق ومحاربة الباطل في كل المراتب والمستويات وهذا الأمر هو تكليف الهي لكل إنسان بحسب قدرته وامكاناته دون النظر إلى تحقيق النتائج، أو الخوف من الخسارة وهو يجسد بذلك أعلى مراتب الالتزام الشرعي الإلهي من جهة وأعلى مراتب التوكل على الله من جهة أخرى، معتبراً أننا "مأمورون بأداء التكليف والواجب ولسنا مأمورين بتحقيق النتائج، وإذا عملنا بالتكليف الذي عينه الله سبحانه وتعالى لنا فلن نخاف حينها من تعرضنا للهزيمة" . مضيفون "لنؤدي واجبنا فقط فالله سبحانه وتعالى لا يكلف نفساً إلى وسعها"8، ولا يخفى ما لهذه الثقافة من اثر في توليد روحية المبادرة عند المكلّف.
الدور المركزي للأمة (الشعب):
بعد تحديد الاطروحة الفكرية في العمل السياسي والمحافز للعمل التغييري عبر أداء التكليف الشرعي، يروا أن الدور الرئيسي في التغيير يكمن في تحرك الناس معتبرين أن " كل القوى تعجز عن الصمود أمام قدرة الشعب العظيمة وعندما يريد الشعب شيئاً فلن يتمكن أحد من معارضته، وأن علينا أن نتيقن بأن الشعوب إذا أرادت أمراً ما فإنه سيتحقق" .
من هنا نلحظ أن المنهج السياسي الذي اعتمدوه ارتكز على اعتبار دور الأمة دوراً مركزياً وفاعلاً أساسياً في حركة النهضة وإحداث التغيير السياسي المنشود.

وبذلك نكون لامسنا المرتكزات الأساسية لمنهج الفكر السياسي الديني , الذي تحدث عنه الامام الخميني (قد)
وحدة وتكامل النظرة إلى الشريعة:
وتبقى الإشارة إلى ميزة هامة وهي الاهتمام في كل الجوانب فيما يمكن أن نسميه وحدة وتكامل النظرة إلى الشريعة، وقد امتاز منهج الحكومي السياسي الديني عن العديد من المناهج الأخرى بأنه اهتم بكل جوانب الشريعة، ولم يرجع اهتمامه في جانب على حساب الآخر، فلم يهمل العبادات (الجوانب الروحية والدينية والتربوية الفردية) لمصلحة المعاملات (الجوانب الاجتماعية والسياسية).. . الخ) ولا العكس أيضاً.
ووازنوا بين العمل الدعوي والتربية الروحية والعبادية من جهة وبين العمل السياسي والسعي بالنظام والسلطة لتحكيم الإسلام في الجوانب الاجتماعية والسياسية للمجتمع من جهة أخرى ولعله كان أكثر استيعاباً ووعياً لحركة الإسلام الشمولية التي لا تهمل أي جانب من جوانب الحياة في منهجها التوحيدي .
وهنا لابد لنا من الإشارة إلى أحد أساليب التجديد في الفكر السياسي الاسلامي، هو في اعتماده منهج الثقافة الشعبية والخطاب الجماهيري في إيصال الفكر السياسي إلى الناس، بعيداً عن التنظير الفكري أو مخاطبة النخبة فقط بمصطلحات نخبوية.
 
وجهة نظر معد البحث :
وأخيرا ومن وجهة نظري ولما تقدم من نظريات في السياسة والديموقراطية فاني اتبنى واعتنق الفكر السياسي الديني الاسلامي من حيث ما يلي :
    • ان العقيدة الاسلامية هي عقيدة صياغة وبناء الانسان لما جبل عليه الانسان من الفطرة الحسنة وحبه للعدل وكرهه للظلم , وأوجدت للانسان قيمة مادية وروحية من المعاملات والعبادات ومنهجية تفكير مما يؤسس البنى لمجتمع انساني متكامل بناء والوظائف.
    • اعطى الاسلام الدور الاساسي للشعب عبر  أداء التكليف الشرعي على مستوى المعاملاتي او العباداتي او السياسي بعد ان قدم له الاطروحة الفكرية الكاملة لذا نرى أن دور الشعب في النظام الديني السياسي مركزياً وفاعلاً أساسياً في حركة النهضة وإحداث التغيير السياسي .
    • وحدة التكامل في النظرة الى الشريعة وهي الاهتمام في كل الجوانب فلم يهمل العبادات (الجوانب الروحية والدينية والتربوية الفردية) لمصلحة المعاملات (الجوانب الاجتماعية والسياسية).. . الخ .
    • التجديد في الفكر السياسي الاسلامي في اعتماده منهج الثقافة الشعبية والخطاب الجماهيري في إيصال الفكر السياسي إلى الناس، بعيداً عن التنظير الفكري أو مخاطبة النخبة فقط بمصطلحات نخبوية.
    • من هنا ولنعطي مثلا حيا على ذلك :
 الانجح بين الانظمة السياسية الموجودة حاليا هونظام الحكومة الاسلامية في ايران , ومايتمتع به الشعب الايراني من مساواة بالحريات السياسية والاعتقادية والدينية والمذهبية , ومن خلال تطبيق الشريعة الاسلامية في صياغة وبناء الانسان وانعكاسها على بناء المجتمعات , استطاع الشباب الايراني من سبرغور العلم للوصول الى اعلى المراتب وتحقيق نتائج بارهرة علميا على مستوى العلوم الطبيعية و النووية ان كانت طبية , هندسية ( الميكانيكية والاعمارية والكهربائية ) والتكنولوجية المدنية منها والعسكرية , واستطاع الشعب الايراني من تحقيق الاكتفاء الذاتي بدرجة كبيرة جدا , في الانتاج والتصنيع المدني والعسكري , رغم الحاصر الجائر وقانون العقوبات القصوى الامريكي المفروض عليه , بل تعدى الاكتفاء الذاتي الى التصدير لسلعه , وكذلك الدور الذي يؤديه الشعب من خلال وعيه الثقافي وحريته في ايصال من يريد الى رأسة الجمهورية والبرلمان وحتى العمل على عزلهم .
كذلك اهتم نظام الحكم الاسلامي السياسي بكافة الجوانب المتعلقة ببناء الانسان , من عبادات ومعاملات , مما يجعلنا نقف للمقارنة , ما كانت عليه ايران ايام الشاه من نظام سياسي وضعي , الى ماهي عليه الان , اذا اخذنا بعين الاعتبار التبعية السياسية التي كانت سائدة أيام حكم الشاه , الى الاستقلالية التامة , والمكانة المرموقة والوازنة سياسيا وعلميا والتي تحظى بها بين الامم , على المستويات العلمية والثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية من اصدقائها واعدائها على حد سواء .
من هنا نرى أن تطبيق النظام السياسي الاسلامي الكامل والذي يحيط بكافة الجوانب والابعاد للانسان وبالتالي للمجتمعات يساعد على التطور والرقي والازدهار .

 

 

2020-02-19 11:28:54 | 2769 قراءة

التعليقات

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد
مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية