التصنيفات » ندوات

الندوة السياسية الدورية «تركيا في سوريا: إلى أين»...الدكتور محمد نور الدين

الندوة السياسية الدورية
«تركيا في سوريا: إلى أين»
الدكتور محمد نور الدين

عُقِدت في مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية، في 27/2/2020، الندوة السياسية الدورية بعنوان (تركيا في سوريا: إلى أين)، الخبير والباحث في الشؤون التركية. وقد تقدّم الحضور رئيس المركز البروفسور يوسف نصرالله، إلى جانب كل من:
- الاستاذ محمد خواجة، النائب في البرلمان اللبناني.  
- الدكتور محمد ملي، عضو مجلس سياسي في حزب الله
- الدكتور عماد رزق، رئيس الاستشارية للدراسات والتواصل الاستراتيجي.
- الدكتور عبد الملك سكرية، عضو حملة مقاومة التطبيع مع «إسرائيل» في لبنان.
- الأستاذ سركيس أبو زيد، كاتب وإعلامي.
- الأستاذ كمال ذبيان، كاتب وصحافي.
- الحاج محمد رشيد، المسؤول الإعلامي في حركة الجهاد الإسلامي في لبنان.
- الاستاذ احمد علوان، رئيس حزب الوفاء اللبناني
- الاستاذ منذر فواز، لجان العمل في المخيمات
- الأستاذ علي نصّار، كاتب وباحث.
- الدكتور سلام الأعور، باحث.
- الاستاذة  رولا حطيط، باحثة.
- الدكتور محمود العلي، مجموعة «عائدون».
- الأستاذ هيثم أبو الغزلان، باحث فلسطيني.
- الأستاذ علي يحيى، باحث.
- الاعلامية جمانة عياد

نص المحاضرة:
إدلب هي المنطقة الأولى التي وقعت تحت نفوذ وسيطرة تركيا منذ بدء الأزمة في سوريا، فيما المناطق الأخرى، مثل مثلّث درع الفرات أو شمال شرق الفرات، لم تسقط إلاّ تباعاً بدءاً من خريف أو صيف 2016. وبالتالي هي المنطقة الأولى والأخيرة في سياق البعد الصدامي بين تركيا من جهة، وخصوم تركيا في الداخل السوري من جهة أخرى.
إن كلام أردوغان أنه مستعدٌ للموت من أجل إدلب يختزل أهمية إدلب بالنسبة لتركيا، والتي منذ بدء الأزمة في سوريا تضع نُصب أعينها إسقاط النظام، ولم تحد عن هذا الهدف قيد أنملة حتى هذه اللحظة. وعندما كان يقال إن هناك إمكانية للقاء الأسد مع أردوغان كان هذا يخفي بعض الخفّة بالتعاطي مع العلاقات التركية – السورية، في ضوء الخطاب الفكري والتاريخي لحزب العدالة والتنمية، بالرهان على ظروف مؤاتية لإسقاط النظام، سواء بالقوة العسكرية (التي فشلت حتى الآن)، أو عبر اللجنة الدستورية وإقامة نظام سياسي جديد في سوريا يطيح بالأسد في النهاية من خلال عملية انتخاب ديمقراطية، بحسب تصوّر القادة الأتراك.
إذاً، إدلب تريد لها تركيا أن تبقى شوكة في خاصرة النظام السوري، وبالتالي بؤرة توتر بحيث أن النظام يبقى مشغولاً بها وتستنزف قواه العسكرية بتركيزه على هذه المنطقة.
وإذا سقطت إدلب، فإنه من الوارد استمرار تدحرج الكرة إلى أماكن أخرى؛ وبالتالي تركيا تدافع عبر (درع إدلب) عن بقيّة المناطق التي احتلّتها في العمليات العسكرية السابقة.
يوجد في إدلب من 50 إلى 70 ألف مسلّح، والاحتفاظ بإدلب هو حماية لهؤلاء المسلّحين الإرهابيين الذين باتوا يشكّلون رديفاً للجيش التركي وذراعاً غير رسمية للقوة العسكرية التركية، وهي تُستخدم ضد الدولة السورية في إدلب ولحماية المناطق الأخرى في شمال سوريا التي احتلتها القوات التركية.


إن الدفاع عن إدلب هو دفاع عن مفهوم (المناطق الآمنة) التي أتى بها أردوغان، والتي حقّقها مع عمليات درع الفرات و(غصن الزيتون) و(نبع السلام)؛ وبالتالي الدفاع عن إدلب هو الدفاع عن إقامة منطقة آمنة تنضم إلى المناطق الآمنة الثلاث، ليصبح في سوريا أربع مناطق آمنة. والمنطقة الآمنة هنا تعني سيطرة الجيش التركي مع وجود المسلّحين؛ وبالتالي أي تعرّض للمنطقة الآمنة هو تعرّض للجيش التركي وليس للمسلّحين. وبهذه الطريقة يجد أردوغان منفذاً من التزامه باتفاقية سوتشي التي تُلزمه بإقامة مناطق عازلة وسحب السلاح الثقيل وتُبعد المسلحين والمتطرفين إلى تركيا أو غيرها.
تجدر الإشارة إلى أنه عشيّة كل عملية عسكرية، إن كان في درع الفرات أو غصن الزيتون أو نبع السلام، والآن في إدلب، تتشابه كثيراً المقدّمات والتحشيدات العسكرية والحملات الإعلامية وخطابات أردوغان ووزير الدفاع، بحيث كان من المستغرب أن لا يكرّر أردوغان في إدلب ما قام به من قبل.
إن الحديث عن مشروع عثماني في المنطقة هو حديث كان ينفيه الأتراك. وأول من تحدث عن العثمانية الجديدة من حزب العدالة والتنمية هو عبدالله غول عام 1992، حيث قال «أرى أن هذه النقاشات حول المفاهيم، مثل الجمهورية الثانية أو العثمانية الجديدة، صحيّة جداً».
في عام 1996، كان أحمد داوود أوغلو أستاذ جامعة ولديه مركز أبحاث؛ وقال في مقال له في صحيفة شفق: «في أساس المشكلات الأهم في السياسة الخارجية التركية هو الفشل في الانسجام مع الإرث العثماني من أجل تشكيل أرضية سياسية خارجية ملائمة لرصد سياسات جديدة».
وفي عام 2003، وبعد وصوله إلى السلطة، قال عبدالله غول في حوار مع صحيفة تركية «إن خلق تركيا داخل الأناضول وحبسها هناك غير وارد؛ حدود تركيا الكاملة ليست الحدود الرسمية. تأثير تركيا ومصالحها يتخطى حدودها». وعندما سُئل: هل هذه عثمانية جديدة؟ قال: «كيفما تصفها صِفها، فالبلقان والشرق الأوسط وآسيا الوسطى مناطق تعنينا عن كثب، وتركيا لا يمكن أن تُحبس داخل الأناضول».


في 8 شباط عام 2007، كان عبدالله غول لا يزال وزير خارجية، وقال: «إننا في العام 1926 عندما أعطينا الموصل إنما لعراق موحّد أعطيناه، ونريد اليوم أن نرى أمامنا عراقاً موحّداً».
وفي 24 تشرين الثاني عام 2009، أصبح أحمد داوود أوغلو وزيراً للخارجية، وقال: «نحن لنا إرث باقٍ من العهد العثماني؛ يقولون عثمانية جديدة، نعم نحن عثمانيون جُدد. نحن يتحتّم علينا الاهتمام بدول منطقتنا كما الاهتمام بدول شمال أفريقيا».
في العام 2010، وكان داوود أوغلو وزيراً للخارجية، قال: «كما هي إنكلترا زعيمة لكومنولث إنكليزي من مستعمراتها السابقة، لماذا لا تقيم تركيا من جديد زعامة في الأراضي العثمانية السابقة في البلقان والشرق الأوسط وآسيا الوسطى».
في 8 آب عام 2011، قال أردوغان، وكان رئيساً للحكومة: «سوريا ليست مسألة خارجية بل نراها شأناً داخلياً تركياً».
في 15 تموز عام 2012، قال أردوغان: «يسألوننا عن أسباب انشغالنا بسوريا؛ الجواب بسيط للغاية، لأننا بلد تأسس على بقية الدولة العثمانية العليّة. نحن أحفاد السلاجقة، نحن أحفاد العثمانيين، نحن على امتداد التاريخ أحفاد أجدادنا الذين ناضلوا».
وفي 9 تشرين الأول عام 2012 قال أردوغان: «الشعب السوري أمانة في أعناقنا».
بعد عملية (درع الفرات) التي بدأت في 24 آب 2016، و24 آب هو تاريخ موقعة مرج دابق بين السلطان سليم الأول وبين قانصو الغوري زعيم المماليك، حيث دخل العثمانيون خلالها إلى المشرق العربي وشمال أفريقيا ومصر. إذ بعد عملية درع الفرات بحوالي شهر بدأ يظهر مصطلح جديد خارج العثمانية الجديدة هو مصطلح الميثاق الملّي؛ والميثاق الملّي أقرّه البرلمان التركي في 28 كانون الثاني عام 1920، ويضم تركيا الحالية وكلّ شمال سوريا من الإسكندرون وإدلب وحلب وصولاً إلى نهر الفرات ودير الزور ثم إلى العراق والموصل وكردستان. ومن بين الموقّعين على هذا الميثاق مصطفى كمال والبرلمان العثماني الباقي من أيام الدولة العثمانية.
وهذا الانتقال من الحديث عن العثمانية الجديدة إلى الحديث عن الميثاق الملّي سببه انهزام المشروع التركي في مصر وتونس وسوريا، وبالتالي أصبح هناك انكسار مهم للمشروع العثماني في المنطقة.
في 19 تشرين الأول عام 2016، قال أردوغان: «إذ نعيش الأحداث في سوريا والعراق، فإن الجيل الجديد يجب أن يعرف جيّداً شيئاً؛ عجباً ما هو الميثاق الملّي، يجب أن نعرف هذا جيداً. إذا درسنا الميثاق الملّي وإذا فهمنا الميثاق الملّي فإننا نفهم جيّداً مسؤوليتنا في سوريا والعراق، وإذا كنّا نقول علينا مسؤولية في الموصل، فمن أجل ذلك علينا أن نكون على الطاولة وفي الميدان، ولهذا هناك سبب. للأسف لم نستطع أن نحمي ميثاقنا الملّي على حدودنا الغربية أو الجنوبية. هم أرادوا أن يحبسونا داخل قشرة، وهذا المفهوم نحن نرفضه. هم يريدون منذ عام 1923 أن يحبسونا في هذا المفهوم من أجل أن يجعلونا ننسى ماضينا السلجوقي والعثماني».
وفي مناسبة أخرى قال: «لم نستطع أن نحمي ميثاقنا الملّي. إذا تأملنا جيداً في التطورات في سوريا والعراق هناك شيء أريد أن أقوله، نحن يتحتم علينا أن نكون من جديد أصحاب الميثاق الملّي».
في 11 كانون الثاني عام 2018 قال أردوغان: «إن شمال سوريا كان ضمن حدود الميثاق الملّي، ولن نسمح بقيام كيان إرهابي هناك».
في 7 كانون الثاني عام 2019، قال وزير الداخلية سليمان صويلو: «62% من اللاجئين السوريين في تركيا جاؤوا من حدود أراضي الميثاق الملّي».
في 16 أيلول عام 2018، قبل يوم من اتفاق سوتشي، قال أردوغان: «نحن لا نعترف بالنظام السوري ولا نعترف بالدولة السورية. إذا كانت بعض القوى تقول إنها في سوريا بناءً على دعوة النظام، فنحن هناك بناءً لدعوة الشعب السوري. في إدلب لا يحمل الناس الأعلام الروسية ولا الأميركية، بل الأعلام التركية».
قال الناطق باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالين، في 25 كانون الأول عام 2019: «إن الذي يعرف تاريخ تركيا الحديث جيداً يدرك بوضوح وبدقة أن أمن تركيا يبدأ من خلف حدود الميثاق الملّي. ونحن يتحتم علينا أن نرسم خطاً أكثر اتساعاً لحزامنا الأمني؛ لذلك نحن نهتم بليبيا».
في رأس السنة الجديدة قال إبراهيم كالين: «في عصر العولمة يبدأ الأمن القومي التركي من وراء حدود الميثاق الملّي. قد تبدو ليبيا بعيدة؛ والقول إن أي شأن في ليبيا يعكس نظرة ضيّقة للغير».
في شباط 2020، يسأل زعيم الحزب الجمهوري كمال كيليتشدار أوغلو، أردوغان، بعد سقوط 16 قتيلاً في إدلب «أي شأن لنا هناك»، فيردّ عليه أردوغان رابطاً الوجود التركي في سوريا بحدود الميثاق الملّي ويقول: «هل يعرف كيليتشدار أوغلو أن توقيع مصطفى كمال موجود على الميثاق الملّي».
في 15 شباط قال أردوغان: «إنّنا مستعدون للموت على هذا الطريق في إدلب، وسوف يتحوّل النظام بضربة واحدة إلى جثّة».
وإذا نظرنا إلى الموقف الأميركي ممّا يجري في سوريا نجد أنه يسحب يده ممّا يقوم به التركي، وأميركا فضّلت الأكراد على الأتراك. وتركيا تتهم أميركا أنها وراء محاولة الانقلاب العسكري عام 2016.
ومن حوالى شهر أصدرت مؤسسة (راند) الأميركية تقريراً قالت فيه إن وصول مرشّح المعارضة للرئاسة عام 2023 هو لمصلحة العلاقات التركية – الأميركية. كلّ هذه المؤشرات تدل على أن أميركا لن تقف إلى جانب أردوغان في أيّ معركة ضد سوريا.
أما بالنسبة لروسيا، فأردوغان لديه مصالح مع الروس كبيرة جداً؛ فهم يرتبطون عبر النفط والغاز، حيث 37% من واردات تركيا للغاز هي من روسيا، و33% من وارداتها للنفط من روسيا أيضاً.
ويوفّر المفاعل النووي الروسي 8% من حاجة تركيا للكهرباء. وهناك تقريباً 7.5 مليون سائح روسي في تركيا يدفعون على الأقل 7 مليارات دولار. والأتراك لديهم استثمارات في روسيا لا تقل عن 60 مليار دولار.
وباختصار، رغم هذه الاشتباكات الموضعية في إدلب (مهما بلغت حدّتها) سيتم التوصل إلى تفاهمات جديدة.

 

ورداً على مداخلات من بعض المشاركين في الندوة، جاءت إجابات المحاضِر على الشكل الآتي:
1 – الدكتور سلام الأعور: ورد في مقابلة نشرتها صحيفة (الأخبار) مع ألكسندر دوغين أن بوتين لا يمكن أن يرضخ للتهديد، وأن الاشتباك الحاصل في إدلب، وبالتالي في كل المناطق السورية غير المحرّرة لغاية الآن، هو مقدّمة لتحرير هذه الأراضي، وأنه في النهاية مهما صعّد أردوغان سيأخذ بعين الاعتبار المصالح الضخمة له مع روسيا، وأن عودة سورية دولة آمنة هي الحل. ماذا يعني كلّ هذا؟
- أعتقد أن الكلام عن سوريا موحّدة بالنسبة لتركيا ليس في محلّه، لأن الحديث عن استرجاع أراضي الميثاق الملّي يقتضي تقسيم سوريا وليست توحيدها.
وأعتقد أن التهويل بالخطر الكردي على تركيا والأمن القومي التركي هو ذريعة لدخول تركيا إلى سوريا؛ وبالتالي سوريا موحدة تشكّل هزيمة لأردوغان. ومن الممكن أن تشهد العلاقات التركية – الأميركية بعض التصحيح إذا كانت هناك جدّية لدى الأتراك والأميركيين لتقسيم سوريا.

2 – الدكتور محمود العلي: هل ستعطي تركيا سكان مناطق الميثاق الملّي جنسيات تركية؟ لماذا لا يقاوم العراقيون الاحتلال التركي؟
- ستكون هناك عملية تغيير ديموغرافي، اجتماعي، ديني وتعليمي وإنشاء فروع لجامعات تركية في أعزاز وجرابلس. إذاً، هناك تغيير على جميع الأصعدة التربوية والدينية واللغوية في المناطق التي تسيطر عليها تركيا. أيضاً تقوم تركيا بطرد الأكراد وإبقاء العرب الموالين لتركيا.
العراق لا يقاوم الاحتلال التركي لأن العراقيين منقسمون؛ فالمناطق السنّية مختلفة، والشيعة غير موحدين، والأكراد لا يتفقون مع غيرهم. إذاً، ليست هناك سلطة مركزية موحدة في العراق، وهذا ما يستفيد منه التركي.

3 – الأستاذ علي أحمد: منذ فترة كان التفاهم الروسي – السوري – الإيراني في أحسن حالاته، علماً أن التقلبات التركية كانت واضحة للروسي وللإيراني ومكشوفة. إلى أين تتّجه العلاقة الروسية – التركية؟ وإلى أيّ مدىً ستبقى روسيا تتحمل مشاغبات وكذب أردوغان؟
- هناك شبكة مصالح اقتصادية بين تركيا وروسيا نُسجت منذ العام 2016؛ وبالتالي الطرفان مستفيدان من هذه المصالح. والأهم من ذلك أن الروس أعطوا أردوغان مطلبه التاريخي، وهو مناطق الميثاق الملّي. وبتقديري هذا أكبر خطأ ارتُكِب بضوء أخضر روسي وغضّ نظر إيراني، وسوريا كانت مُكرهة. إذاً، العلاقات التركية – الروسية لن تصل إلى مرحلة الصدام، والخلاف حول إدلب لن يُفسد هذه العلاقات.

4 – الدكتور عبد الملك سكريّة: هناك حديث سمعته من إخواننا الفلسطينيين أن أردوغان لديه نظرية تقول إنه لا يوجد شيء اسمه دولة فلسطينية، وبالتالي الشعب الفلسطيني خرج موقتاً عن إطار السلطنة العثمانية، ومن الممكن اليوم أن يُعيد نفوذ تركيا إلى فلسطين. ما هي معلوماتكم عن هذا الموضوع؟
- يجب أن لا ننسى أن تركيا موجودة في المربّع الغربي، وهو المربع الأطلسي والأوروبي والأميركي. وتركيا لا يمكنها أن تخرج من هذا المربع حتى لو أرادت. 49% من واردات تركيا هي من الاتحاد الأوروبي، و35% من صادرات تركيا تذهب للاتحاد الأوروبي، و80% من الاستثمارات في تركيا هي استثمارات غربية أوروبية، و90% من تجارة أوروبا الخارجية هي بالدولار أو باليورو. إذاً، اقتصادياً هي على تشبيك قوي مع الاتحاد الأوروبي والغرب.
جزء كبير من مشاكل تركيا هي قضايا لها طابع غربي حضاري، مثل المسألة الأرمنية، الصراع مع قبرص، الصراع مع اليونان، والمسألة الكردية. وبتقديري عضوية تركيا في الحلف الأطلسي والانتماء للمنظومة الغربية يساعدها على تخفيف الضغوط الإقليمية حولها من الدول التي تنتمي للغرب، مثل أرمينيا واليونان، ويساعد تركيا أيضاً على مواجهة خطر التقسيم. وتركيا موحّدة هي حاجة أطلسية وغربية، وهذا ما يجعل الحركة الكردية في تركيا غير ناجحة في أيّ مطلب.
أيضاً المنظومة العسكرية التركية هي منظومة غربية؛ ولهذا السبب الخرق الذي حصل عبر منظومة «إس 400» كان مزعجاً جداً للولايات المتحدة الأميركية.
حزب العدالة والتنمية في تركيا قام بما لم يتجرأ عليه من سبقه في الحكم، حيث قام بدعوة شمعون بيريز في تشرين الثاني عام 2007 لإلقاء كلمة أمام البرلمان التركي. إذاً، القضية الفلسطينية بالنسبة لتركيا هي مجرّد مدخل إلى الشرق الأوسط والعالم العربي والإسلامي.
وفي 28 حزيران عام 2016 تمّ توقيع اتفاق التطبيع التركي – الإسرائيلي، ولم يرد في هذا الاتفاق بند لرفع الحصار عن قطاع غزة. ويبلغ الميزان التجاري بين تركيا و«إسرائيل» 6 مليار دولار، و70% من الإسرائيليين يسافرون إلى الغرب عبر شركة طيران تركية.

5 – الدكتور أحمد ملّي: كم تبلغ مساحة السيطرة التركية في شمال سوريا؟ وما هي حدود الدور الإيراني في هذه المواجهة؟
- لا أعلم تحديداً كم تبلغ مساحة السيطرة التركية، لكنهم يسيطرون على 300 أو 400 قرية تقريباً. وسوريا أدخلت الروس في 30 أيلول 2015 لأن الأتراك كانوا على أبواب القرداحة واللاذقية. وبالتالي الدولة السورية هي الحلقة الأضعف والأقوى في الوقت نفسه؛ الأقوى لأنها تعطي الشرعية لوجود القوات الأجنبية في سوريا وهذا ما يجعل موقف التركي ضعيفاً؛ وهي الحلقة الأضعف لأن الجيش السوري لا يستطيع القيام بشيء وحده دون غطاء جوي روسي، ودون وجود الإيرانيين والروس وحزب الله على الأرض.
أما بالنسبة لإيران، فإن موقفها من سوريا يشبه الموقف الروسي، لكنه متقدّم أكثر بالنسبة للدفاع عن الدولة والنظام السوري. لكن في الوقت نفسه إيران لديها علاقات طبيعية مع تركيا، ولن تتخلى عنها. كذلك إيران لا يمكنها أن تلعب دور روسيا في سوريا لأنها شيعية، وبالتالي سيكون عليها اعتراض عربي كبير؛ لذلك روسيا هي الحلّ الجذري والأساسي. وبالتالي إيران ستراعي الموقف الروسي وتلتزم به بشكل أو بآخر.

6 – الدكتور حسّان إبراهيم: إذا سقط أردوغان في الانتخابات المقبلة، فهل تحمل المعارضة فكر أردوغان بخصوص التوسع؟
- الجميع في تركيا يتبنّى الطرح القومي الديني، ولكن ليس على طريقة أردوغان بالتوسع خارج تركيا واحتلال الأراضي، بل كموقف مبدئي حيث يدافعون عن المذهبية التركية وعن النزعة القومية التركية. لكن ليس هناك شك أنه إذا جاءت المعارضة إلى السلطة في تركيا، حتماً السياسة التركية نحو سوريا لن تبقى كما هي. وأعتقد أن الدعم الروسي – الإيراني لأردوغان عشيّة الانقلاب كان خاطئاً. وربما لو أُطيح بأردوغان في تلك الفترة، كانت سوريا وإيران سترتاحون من سلطة ألحقت أكبر الأضرار بسوريا وإيران وكل المنطقة.

 

2020-03-12 14:20:51 | 1454 قراءة

التعليقات

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد
مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية