التصنيفات » مقالات سياسية

أبعاد إعلان بايدن حظر بيع الأسلحة إلى السعودية في حربها مع اليمن ورفع الغطاء عن هذه الحرب .

أبعاد إعلان بايدن حظر بيع الأسلحة إلى السعودية في حربها مع اليمن ورفع الغطاء عن هذه الحرب .
 يحيى دايخ

شكل إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن حظر بيع الأسلحة إلى السعودية بسبب حربها مع اليمن ورفع الغطاء عن هذه الحرب الحدث الأبرز , رغم أنه كان قد صرح بأكثر من ذلك خلال حملته الإنتخابية وفي ما تضمنه برنامجه في السياسة الخارجية القادمة مثل :
معاقبة النظام السعودي على قتله الخاشقجي  بإعتبار أن الخاشقجي كان على علاقة وثيقة مع الأمريكيين .
إيجاد تحول في المجتمع السعودي والحد من السياسات الداخلية السعودية لجهة حقوق الإنسان وحرية الرأي وتغيير نمط الحياة  .
ضبط سياسات محمد بن سلمان الخارجية .
كل ذلك كان مؤشر للنهج الذي سيتبعه بايدن اتجاه حكم بن سلمان بالتحديد في إعادة رسم خارطة طريق للسياسة الجديدة في المنطقة تطوق وتعمل على إزالة التبعات التصادمية التي خلفها ترامب والذي يهدف منها إلى ضبط إيقاع مسار سياسته في المنطقة والتي تختلف من حيث التكتيكات والأساليب بين نهج ترامب الذئبوي وتكتيك الديمقراطيين الثعلبي بغض النظر عن إستراتيجيتهم الواحدة المتمثلة في :
العمل على إنهاء الملفات الشائكة في الداخل الأمريكي وفي الخارج في أوروبا وغرب آسيا وأفريقيا تمهيدا لليتفرغ لمحاصرة الدور الروسي الآخذ في التنامي والتهديد الصيني له .
إستمرار السيطرة والتحكم الأمريكي في إدارة شؤون منطقة غرب آسيا بما يضمن التالي :
ضمان مشاركته بأي تفاهمات تدور حول أي مشاريع سياسية وإقتصادية يمكن أن تقوم بها روسيا أو الصين في المنطقة ومحاولة الحد من تلك المشاريع وعرقلتها إن أمكن لصالح الإستراتيجية الأمريكية .
إحكام السيطرة على منابع النفط والغاز ( دول ومشيخات الخليج , شرق سوريا , والعراق ) بما يضمن مصالح شركات استخراج النفط الأمريكية .
إحكام السيطرة على الممرات المائية الإستراتيجية ( مضيق هرمز , خليج عدن , مضيق باب المندب , وقناة السويس ) لضمان نقل النفط والغاز وبالتالي السيطرة على أسعارهما العالمية .
ضمان أمن كيان العدو الصهيوني من خلال محاصرة وعزل دول وقوى محور المقاومة بالإستمرار بسياسات التطبيع .   
العمل على محاولة تحقيق أهداف سياسته بالمنطقة بواسطة القوة الناعمة ( حرب الوكلاء , العصا والجزرة ) والدبلوماسية التفاوضية المباشرة الطويلة الأمد بعد فشل سياسة حافة الهاوية الترامبية .
إنطلاقا من تلك الأهداف الإستراتيجية يمكن قراءة المشروع الأمريكي لليمن على خلفية قرار بايدن بحظر بيع الأسلحة إلى السعودية بسبب حربها مع اليمن ورفع الغطاء عن هذه الحرب من خلال البعد الجيو سياسي لليمن وتكتيكات التنفيذ لإستراتيجيته وتتمثل بالتالي :
الفشل الذريع الأمريكي عبر أداته السعودية - الإماراتية في تحقيق أي نتائج من الأهداف المعلنة والغير معلنة للحرب على اليمن جراء صمود الشعب اليمني ومقاومته ودعم الجمهورية الإسلامية ومحور المقاومة له .
 تغير موازين القوى والخشية من تراكم الإنتصارات لصالح الجيش  وأنصار الله في لتلك الحرب المفروضة على الشعب اليمني والإنجازات المتلاحقة التي يحققها الجيش واللجان على القوات السعودية - الإماراتية ومرتزقتهما التي باتت تشكل تهديد فعلي للأنظمة العدوانية الخليجية وقوة إستراتيجية تهدد القوات الأمريكية في المنطقة وكيان العدو الإسرائيلي في أي مواجهة قادمة .
إحتواء تلك الإنتصارات والإنجازات سياسيا عبر الإدعاء بالعمل على تقديم المساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار وغيره ...
العمل على تزكية الخلافات داخل المكون الاجتماعي اليمني على الاصعدة القبلية والعشائرية والمذهبية وغيرها ...
السعي إلى تقسيم اليمن إلى جنوب وشمال وبالتالي إمكانية عودة القواعد الأمريكية إلى جنوب اليمن كما في السابق من خلال حجته بالحرب على الإرهاب على أن يبقى الشمال مع أنصار الله .
إبقاء اليمن بؤرة متوترة من الخلافات الداخلية يستفيد منها الأمريكي عند الحاجة مستقبلا خصوصا بين الشمال والجنوب .
الإكتفاء بالمكسب الأمريكي المتحقق بالسيطرة على الممرات المائية والتي تؤمن وصول النفط إلى أوروبا دون تكاليف إقتصادية إضافية ( في حال إغلاق خليج عدن وباب المندب بسبب صواريخ الجيش وأنصار الله  فيصبح إلزاما عندئذ العبور عبر بحر العرب والمحيط الهندي إلى رأس الرجاء الصالح فالمحيط الأطلسي وصولا إلى مضيق جبل طارق فأوروبا ) أو دون أي مخاطر حربية ,من خلال العبور في مضيق هرمز وبحر العرب فخليج عدن ثم باب المندب وصولا إلى قناة السويس فأوروبا .
محاولة الإظهار لليمنيين وشعوب المنطقة  بأن قرار الحرب على الشعب اليمني هو قرار سعودي بتحالف إماراتي ودول أخرى وأن أمريكا لا دخل لها , علما بأن قرار إيقاف الحرب أمريكيا يدل على أن الأمريكي من أمر بشن الحرب .

إرسال رسائل تلميعية براقة للداخل والخارج عن نهجه المسالم الذي يخفي سياسة ماكرة تعمل على شق تحالفات أعدائه, وسياسة الإستفراد من خلال المفاوضات ,وحل النزعات من خلال تقسيم الدول إلى كيانات متعددة متصارعة ,وإشغال الحكومات الشرعية عبر الضرب من خلال الوكلاء من أمثال القاعدة وداعش وبالتالي بقاء القوات الأمريكية في تلك الدول بحجة محارب الإرهاب .
تفضيل للدور الإماراتي البرغاميتي على الدور السعودي المتصلب والمتعالي.
محاولة إعادة إحكام السيطرة على نظام ابن سلمان من خلال أوراق الضغط التي ذكرت أعلاه وبالتالي تهديد بقاءه بالسلطة إن لم ينفذ المطلوب منه وأن دوره ممكن أن يكون قد إنتهى وبالتالي يمكن إستبداله .
الخلاصة :
إن قناع تمثال الحرية الأمريكي الذي يلبسه الديمقراطيين وحاليا بايدن يخفي خلفه الوجه البشع للرأسمالية الجديدة ( نيو لبرالية ) والتي تمثل مصالح الحكومات العميقة الأمريكية من الاستعمار السياسي ,الاقتصادي ,الاجتماعي والثقافي, وبالتالي الحرب مع هذا الاستعمار يجب أن تخاض على تلك المستويات والأبعاد بالإضافة إلى المقاومة العسكرية والحرب كما يقول سماحة السيد الخامنئي  حرب إقتدار  وإرادات .

2021-02-10 14:12:38 | 618 قراءة

مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية