التصنيفات » مقالات سياسية

البعدين القانوني والأخلاقي في قضية مجزرة الطيونة

 

البعدين القانوني والأخلاقي في قضية مجزرة الطيونة
يحيى دايخ

لابد من الربط‏ في المسار الإستنسابي والمسلكي غير القانوني لقاضي التحقيق العدلي طارق البيطار بقضية مرفأ بيروت كسبب ومسبب للتحرك الشعبي السلمي ،الذي كان نتيجته غير المباشرة ارتقاء 7 شهداء وعدد كبير من الجرحى برصاص القنص الغادر على يد عصابة قواتية ،وذلك من خلال تسريب الإستنابات القضائية الإتهامية والجهة المخولة قانونيا للبت في أخذ إفادات السياسيين من ذوي الحصانات الى الصحافة قبل وصولها الى أصحابها سواء اذا اعتبرها القانون صحيحة أم خاطئة ، فأدى هذا المسلك وتسريباته لوسائل الإعلام الى انقسام بين اللبنانيين بين مؤيد ومعارض،وبالتالي أدى حكما الى إستغلال وتسييس القضية على قاعدة المناكفة والنكد والانتقام السياسي لطرف ضد طرف آخر ،ما دفع الفريق المطالب بتصحيح ذاك المسار قانونيا ودستوريا الى رفض منهج وإسلوب التعاطي الذي سلكه قاضي التحقيق البيطار ، وبعد إستنفاذ طرق المراجعات والدفوعات القضائية عبر المرجعيات القضائية المختصة والتي كان البت فيها سريعا لدفوعات كف اليد مما أثار الريبة أكثر، لجأ هذا الطرف الى حقه في التظاهر السلمي المكفول دستوريا مع إتخاذ الإجراءات القانونية والأمنية من تبليغ الأجهزة والقوى المعنية، وبما أنه يوجد بين الطرف المؤيد للقاضي البيطار فئة مرتهنة وآداة للسفارات الأمريكية والسعودية هي القوات اللبنانية ورئيسها، والتي ليس في قاموسها وأدبياتها مبدأ تقبل للآخر ورأيه والإنفتاح على الحوار البناء والتعايش السلمي ،إنما تحكمها عقلية فاشية عاشت على فرض منهجها ورأيها عبر القتل والمجازر والقمع والتنكيل وتاريخها يشهد بذلك ، فقد قامت بإرتكاب مجزرة بالمتظاهرين السلميين  عبر كمين مدبر ومخطط له عن سابق إرادة وتصميم .
من خلال هذا الفعل الذي يعتبر مدخلا الى موضوع التحقيقات بكمين الطيونة والتي أثبتت ضلوع جعجع المباشر بها من حيث التحريض والتخطيط والتجهيز وصولا الى ‏التنفيذ بأوامر مباشرة منه .
وبعد وصول تحقيقات مخابرات الجيش الى حتمية استدعاء رئيس حزب القوات لأخذ إفادته بناء على إعترافات الموقوفين .
مثلت جولة البطريرك الراعي على الرؤساء الثلاثة تحركا طائفيا بإمتياز لإيجاد مخرجا سياسيا أو تسوية معينة ينقذ فيها إبنه البار رئيس حزب القوات اللبنانية .
لذلك إن لقضية مجزرة الطيونة بعدين اساسيين على المستوى التركيب الوطني إن بين السلطة والشعب من جهة أو لجهة التعايش المشترك للمكون المجتمعي للبناني ، هذان البعدان يمثلان خطرا على تماسك وترابط المجتمع الكلي اللبناني وهما  :
1- البعد القانوني الدستوري القضائي ، فأي تمييع وأي مخرج لا يتضمن تحقيق العدالة والإقتصاص من المجرم سيسقط ما تبقى من دولة القانون والجسم القضائي اللبناني ،وحينها سيكرر المجرم ذاته أو أي مجرم أخر جريمته مستندا الى نفس الحماية
‏والظهير السياسي والديني التي حظي به جعجع .
2- البعد الأخلاقي الإنساني ،فأي تفريط في هذه الحقوق المشروعة من قبل السلطة السياسية أولا ومن قبل أولياء الدم السياسيين في السلطة ثانيا ، لدماء بريئة سفكت ظلما وعدوانا دون الإقتصاص من المجرم قانونيا وإن لم يتاح عبر القضاء اللبناني عبر الحق العام والحق الشخصي يمكن اللجوء الى المحاكم الدولية في رفع تلك الدعاوى ،يعتبر خيانة لدماء الشهداء من السلطات الثلاثة الأولى والثانية والثالثة، ‏وبالتالي سقوطهم الأخلاقي مما يؤدي الى إغتيال للشهداء والجرحى لمرة ثانية بأيديهم .
وعندها حتما ستولد النزعة الغريزية لدى الإنسان في مجتمعاتنا وتسعى لتطبيق شريعة الغاب في الأخذ بالثأر ،بعيدا عن دولة القانون ،وسيفقد المجتمع شعوره بالأمن الإجتماعي وثقته بقضاء دولته ونخبه السياسية التي إنتخبها ،مما سيؤثر على الوعي ‏الجمعي لكل فئات المجتمع اللبناني.
لذا يجب على السلطة القضائية ،وأولياء الدم السياسين عدم التهاون في هذه القضية حتى ينال المجرم جزاءه العادل ،ويكون عبرة وردع لغيره مستقبلا عن الإقدام على مثل هذه الجرائم .

 

2021-10-28 11:41:49 | 517 قراءة

مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية