التصنيفات » مقالات سياسية

التسلسل الزمني لانعكاس الأزمة الأوكرانية على الكيان الصهيوني

التسلسل الزمني لانعكاس الأزمة الأوكرانية على الكيان الصهيوني

أيمن علامة

قامت العقيدة الإسرائيلية منذ قيام الكيان على عدة أسس، ومن هذه الأسس هو وجود راع دولي بغية استمرار الكيان. إن العلاقة بين أميركا والكيان الصهيوني هي علاقة وجودية واستراتيجية خاصة للكيان الصهيوني. وإن الانسحاب الأميركي من افغانستان، كانت له ارتدادات قوية اتجاه الكيان الصهيوني، وبدأت تطرح الاسئلة من قبل المحللين حول مرحلة ما بعد الانسحاب الأميركي من منطقة الشرق الاوسط، واعتبر المحللون الاسرائيليون أن ذلك الانسحاب الأميركي يحتم علينا أن ندافع عن أنفسنا وحدنا وعدم الاعتماد على الاخرين بناء على ترك الأميركيين الحلفاء في افغانستان.

ولا شك أن الحرب الروسية الاوكرانية لها انعكاسات على مستوى العالم أجمع، ولذلك انعكاس على الكيان الصهيوني. وقد اعتبر المحللون الصهاينة أن اهم دروس الحرب الروسية الاوكرانية هو الاعتماد على النفس بعد ملاحظة ما حصل في افغانستان.

بناء على ذلك يشير كل من عاموس يادلين وعودي افينتال الباحثان في معهد دراسات الامن القومي الاسرائيلي إلى أن في “ظروف الحرب الاوكرانية الروسية، ضررًا إضافيًّا يمكن أن يلحق بصورة قوة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. وتقليص وجودها ونفوذها خبر سيئ بالنسبة إلى “إسرائيل”. مثل هذا الواقع قد ينعكس سلبيًا على الاستقرار في المنطقة، وعلى مسعى لجم توسُّع إيران، وبصورة غير مباشرة على استقرار “إسرائيل” وقوتها الردعية في المنطقة”. كما يشير الجنرال إسحاق بريك في مقال له في صحيفة هارتس “انا قلق جدًّا، فعند ساحة الاختبار سنقف وحدنا”.

وحول عوامل القلق الناجم عن الانسحاب الأميركي من افغانستان وتخلي الولايات المتحدة الاميركية عن حليفتها اوكرانيا، والتغير في السياسة الخارجية الاميركية من حيث الاولويات اليوم والتفضي لمواجهة الصين والتخلي عن لجم إيران، يقول شاوول مشعل استاذ العلاقات الدولية في جامعة تل أبيب في صحيفة هارتس إن “إسرائيل” ترفض التعلم من أخطاء الماضي، و”الدروس التي يجب أن نستخلصها من التطورات في اوكرانيا هي: أولًا، أن ندرك أن حليف اليوم يمكن أن يصبح عدوًا في الغد. ثانيًا، التخلص من العقيدة التي سيطرت علينا ومفادها أن الصديق لن يدير ظهره وأن العدو لن يغير جلده. ثالثًا، التوقف عن الميل إلى تصوير العالم القريب والبعيد باللونين الأبيض والأسود، وأن نكون مستعدين لمواجهة واقع يفرض فيه لاعبون جمعتهم الضرورة ومزيج من المصالح الاستراتيجية تحولات مفاجئة تبدو مستبعدة لأول وهلة وتطورات استراتيجية غير متوقعة”.

إن ثمة علاقة جيوسياسية مترابطة بين تأثير الحرب في أوكرانيا على عموم منطقة الشرق الاوسط، سواء التأثير الاقتصادي او العسكري وعلى ملفات المنطقة وخاصة على ما يتعلق بالملف النووي الايراني وإمكانية استفادة إيران من الحرب القادمة بين روسيا واوكرانيا، فقد اعتبر المحللون الصهاينة أن الرابح الاول من الأزمة الاوكرانية هو إيران من ناحية اقتصادية. ويشير الصحافي اليكس فيشمان في صحيفة يديعوت أحرونوت إلى أن “الايرانيين يأخذون بالحسبان امكانية أن تحرير النفط الايراني الى السوق العالمية سيخفض اسعار النفط بـ 10 في المئة منذ نهاية الاسبوع الماضي”. ويضيف اليكس فيشمان “في المدى البعيد، يرى الايرانيون في التعاون الاقتصادي مع روسيا ولا سيما في مجال المشتريات العسكرية اختراقًا للطريق يتجاوز العقوبات. هكذا فإن روسيا وإيران الدولتين “المنبوذتين” ستدعمان الواحدة الاخرى، ستتعاونان عسكريًّا واقتصاديًّا، بينما في الخلفية يوجد اتفاق اقتصادي لثلاثين سنة بين إيران والصين”.

وعلى الصعيد العسكري هناك خوف اسرائيلي من أن تساهم الأزمة الاوكرانية في تشجيع إيران وحلفائها على مهاجمة الكيان الصهيوني بسبب انشغال الولايات المتحدة الاميركية بالاحداث الجارية بين روسيا واوكرانيا.

إن تعامل الولايات المتحدة الاميركية مع الأزمة الاوكرانية والانسحاب من افغانستان أبرز يقين لدى الاسرائيلي أن هذه العوامل دليل اضافي على أن الولايات المتحدة الاميركية عازمة جديًا على الانكفاء من الشرق الاوسط وهذا ما يقلق الكيان الصهيوني ويضطره الى مواجهة التهديد الايراني بمفرده.

ومن مكامن القلق الصهيوني اخيرا هو ما أفرزته الأزمة الأوكرانية وتأثير ذلك على فعالية وتأثير الوجود اليهودي في الولايات المتحدة الأميركية،من خلال  تراجع دور اللوبي الصهيوني في واشنطن وما سبقه ذلك من توتر في العلاقة بين تل أبيب وواشنطن بخصوص عدة قضايا وخاصة المسألة النووية،وهذا كل يؤثر على وجود إسرائيل،بناء على ذلك أشار "أفينوعام بار يوسف رئيس معهد سياسات الشعب اليهودي، حذر في مقاله بصحيفة "معاريف"،أن "حرب أوكرانيا تشكل تحذيرا قويا لإسرائيل، لأن مشاهد لاجئيها حول دول العالم تعيد للأذهان ما عاشه اليهود بعد الحرب العالمية الثانية، مما ساهم بدوره في إيجاد التعاطف مع المشروع الصهيوني بين الديمقراطيين والجمهوريين الأمريكيين على حد سواء، حينها فهم اليهود الأمريكيون أن إنجازاتهم ستكون جزئية دون تأثير سياسي، مما دفعهم لتأهيل الساسة الأمريكيين لتحويلهم إلى أصدقاء لإسرائيل، وشجعوا الشباب اليهود الأمريكيين لتولي مناصب في وسائل الإعلام، والوصول لمناصب عليا في الحكومة الأمريكية."

 

2022-04-02 12:55:41 | 594 قراءة

مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية