التصنيفات » التقديرات النصف شهرية

30-10-2023

ملخّص التقدير الإسرائيلي

30-10-2023

 

ملخّص بحث حول عملية "طوفان الأقصى" 

 

بات واضحاً أنه ليس في جعبة "إسرائيل" ما تُداوي به جراحها الثخينة والعميقة التي أصيبت بها جرّاء عملية "طوفان الأقصى" الإبداعية والتاريخية. وهي، بالمناسبة، جراح مفتوحة على التعمّق أكثر، كما على التمدّد اكثر. ووحشية القصف على غزة، والتركيز على استهداف المدنيين، والسعي المحموم إلى إفراغ المدينة من سكّانها، لن تغيّر في المعادلات الجديدة المفروضة بقوّة الميدان. فالجسارة الفلسطينية قالت كلمتها الحاسمة، وما كُتب قد كُتب. وعليه، لم يعد بمقدور "إسرائيل"، ولا رُعاتها الغربيين، حرْف المسار الطبيعي والمنطقي للأشياء. قد يكون في وسعهم، وهذا ممكن، أن يُبطئوا من سيره؛ لكن، وبالنظر إلى معالم المشهد المرتسم واحتمالاته الواعدة، فإن إمكانية حرْفه أو وقفه قد فاتت، وخصوصاً أن هذا المسار التاريخي والاستراتيجي الذي افتتحته ملحمة «العبور الكبير»، يترافق مع تحوّلات تكتونية تلفّ العالم من أقصاه إلى أقصاه. 

إنّ الخيال الفلسطيني المُبدع الذي صنع مجد العبور إلى الحرية والكرامة، وما تخلّله من تحرير للأرض وأسْر للضبّاط وقتْل للجنود واعتقال لما يُسمّى كذباً بـ«المدنيين»، يُدرك جيّداً محدودية القدرات الإسرائيلية، ويُدرك أيضاً ما في جُعبة هذا الكيان؛ وما في جُعبته المثقوبة بات يقتصر على الوحشية العارية، وهي الوحشية التي لا تملك، برغم فداحة ما تسبّبه من خسائر لا تُعوّض في أرواح المدنيين العزّل، القدرة على وقف المسار الذي افتُتح صبيحة السابع من تشرين الأول 2023 المجيد. 

ما كُتب قد كُتب. ولأن الأمر كذلك، لن يكون بمقدور أحد بعد اليوم امتلاك القدرة على التعديل. وإذا كانت الإضافة ممكنة ومتاحة ومطلوبة، وهي حصراً إضافة فلسطينية ولبنانية وسورية وإيرانية ويمنية وعراقية... فإن التعديل مستحيل. وليس هناك، بعد اليوم، أيّ سبيل لوقف العدّ العكسي لانحدار الاحتلال الذي بات أكثر من واضح، وأكثر من راسخ. 

إن الورطة الإسرائيلية كبيرة. وهي أكبر ممّا هو ظاهر للعيان حتى الآن. والمحاولات المحمومة والمسعورة للخروج منها لن تقود إلاّ إلى تعميقها. فالوحشية، وهي أحد أهم أعمدة الوجود الإسرائيلي، فقدت أغلب مفاعيلها التي كانت لها ذات يوم. وهي الأساس الذي وفّر لهذا الكيان طول العمر وطول الإقامة في ربوع عربية قرّرت المقاومة والمباشرة بشطب ما اعتور تاريخها من ذلٍ طارئ أو هوانٍ عابر. ويمكن القول الآن، وبثقة لها أسانيد الجسارة وبراهين المقاومة، إن الوحشية هذه ستنقلب على أصحابها، وستكون لها نتائج عكسية لا أقل من تكريس وقائع الميدان. واستنجاد بنيامين نتنياهو الصريح والمكشوف بالولايات المتحدة، وهرولة هذه الأخيرة إلى نجدته السياسية والأمنية والتسليحية، وربما حتى العسكرية المباشرة، يقول الكثير الكثير، ويكشف عن حال الكيان وواقعه الهش الذي بات في مهب عواصف المقاومة ورهن إشارة قادتها. والتردّد أو التخبّط العسكري الإسرائيلي، والإرباك السياسي المصاحب له، يشي بمدى عمق الورطة واستحالة الخروج منها. وفيه ما يؤكد على أن ما قبل 7 تشرين لن يكون كما بعده. لذلك فكلّ محاولة للتصعيد، وخصوصاً العسكري، هي من نوع الهروب إلى الأمام، ولن يُفضي، مهما تعاظمت وحشيته، إلاّ إلى تعميق الورطة الإسرائيلية، داخلياً وخارجياً، التي صنعتها العبقرية الفلسطينية والتي باتت بمثابة المعطى النهائي والأساس الذي يُبنى عليه مسقبل القضية الفلسطينية ويؤسّس. 

إن خيارات "إسرائيل" وداعميها في العالم أو في الإقليم محدودة جداً. ولكلّ واحد من هذه الخيارات ثمنه المرتفع والمكلِف للكيان ولأصحابه الأصليين من عواصم الغرب والشرق. والخيارات هذه لا تقود إلاّ إلى تعميق الورطة وتحوّلها إلى أزمة تضرب الأسس الوجودية لكيان عاش بأطول مما تتحمله الطبيعة، وعاش رغماً عنها بفضل الأمصال الغربية وغيرها من أسباب الحياة التي يستحيل أن تُشبه الحياة. وأزمة "إسرائيل" اليوم هي من أزمة الأمس القريب وحتى البعيد؛ وهي أزمة الكيان المصطنع وأوهامه التي نعيش لحظة تبدّد خرافاتها وأكاذيبها. فمن وهم القوة إلى وهم الديمومة إلى وهم القدرة على تأمين الاستمرارية؛ وهي استمرارية لا حياة لها في ظل إمساك المقاومة بالزمام وتصدّيها للمهمة التاريخية؛ وهي المهمة التي تتمحور بنودها على كنْس قاذورات الاستعمار المجرم المحكوم بالأفول، طال الزمان أو قصر.

وباختصار يمكن القول إن الوقائع الصلبة التي صاغتها مواجهات "طوفان الأقصى"، وما تضمّنته من سوابق ميدانية، وأسفرت عنه من سوابق استراتيجية، صارت أساس المعادلة في صراع انقلبت موازينه وتغيّرت معادلاته مرّة جديدة، وإلى الأبد. فخلال دقائق لا تُشبه الدقائق، انهارت أجزاء جديدة من البناء الاستعماري المصطنع والمزعوم، وظهرت الحقيقة المعروفة بأنقى وأوضح صورها، فسقطت الأكاذيب وتهافتت الأوهام. واليوم، وبصرف النظر عن كل ما سيلي، وعن كل ما يمكن أن يحمله من وحشية غير مسبوقة، فإن ما تحقّق يرقى لأن يكون في مرتبة المعجزة النضالية، حيث في وضح النهار، وبالبث الحي، ضرب المقاومون باقتدار؛ وكان لضربتهم أن زعزعت «يقينيّات» سادت طويلاً. 

لقراءة التقدير كاملاً انقر هنا

2023-10-30 11:30:19 | 263 قراءة

مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية