ملخّص التقدير الفلسطيني
30-5-2025
يشهد قطاع غزة، المُحاصَر منذ سنوات طويلة، تدهورًا إنسانيًا وأمنيًا حادًا، نتيجة استمرار الحصار الإسرائيلي الإجرامي، وتصاعد الغارات الجويّة والتوغّلات البريّة. وقد تفاقمت الأزمة الإنسانية بشكل دراماتيكي مع ازدياد عدد الضحايا المدنيين، والمجاعة. تزامن ذلك مع فشل جهود توزيع المساعدات التي تحوّلت في مناطق مثل رفح إلى مَشاهد عنف وفوضى بسبب السيطرة الأمنية المُشدَّدة التي تفرضها "إسرائيل". هذه الأوضاع المُعَقّدة تعكس غياب أي أفق سياسي أو تفاوضي جديّ لوقف العدوان.
على الصعيد السياسي الإسرائيلي، تسود انقسامات حادّة داخل الكنيست بين الحكومة والمعارضة بشأن الحرب على غزة، والتعامل مع قضية الأسرى الإسرائيليين المُحتجزين لدى حركة حماس. المُعارضة تنتقد بشدّة فشل الحكومة في تحقيق أهدافها، وتُطالب بوقف الحرب فورًا، بينما يرفض رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، هذه المَطالب، متمسّكًا بضرورة الاستمرار في العمليات العسكرية حتى تحقيق النصر الكامل؛ ويصف مُعارضيه بـ"الانهزاميين". وتَتفاقم هذه الخلافات وسط ضغوط داخلية وخارجية مُتزايدة.
هذا فيما تتأرجح جهود الوساطة الأمريكية التي يقودها مبعوث الرئيس الأمريكي، ستيف ويتكوف، بين تصريحات تفاؤلية وأخرى إسرائيلية رسمية تنفي وجود أي تقدّم ملموس، خاصة بشأن صفقة وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى. وتواصل "إسرائيل" وواشنطن رفض المُقترحات التي قدّمتها "حماس"، مُعتبرين إيّاها غير مقبولة، ووسيلة حرب نفسية إعلامية. رغم ذلك، تستمر الاجتماعات المُكَثّفة بين الوسطاء ومُمَثّلي الطرفين، مع اعتبار الأسبوع المقبل حاسمًا في إمكانية التوصّل إلى اتفاق، بشرط حصول مرونة إسرائيلية تسمح بوقف العمليات العسكرية في غزة.
وفي السياق قَدّم ويتكوف مُقتَرحًا جديدًا يتضمّن إطلاق سراح 10 رهائن أحياء من "حماس"، والإفراج عن 18 جثّة لرهائن قضوا أثناء الاحتجاز، مُقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين، على أن يتم تنفيذ الصفقة على مرحلتين خلال أسبوع. يشمل المُقترح أيضًا وقف إطلاق نار لمدّة 60 يومًا للتفاوض على اتفاق دائم، مع إمكانية استئناف العمليات العسكرية إذا فشلت المفاوضات. كما يتضمّن إعادة إدخال المساعدات الإنسانية تحت إشراف الأمم المتحدة، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من بعض المناطق التي سَيطر عليها خلال العملية العسكرية.
ورغم هذا المُقترح، يبقى الموقف الإسرائيلي الرسمي متردّدًا وغامضًا، حيث تتّهم عائلات الأسرى الحكومة بالتلاعب بمَشاعرهم، فيما تظلّ الاتهامات المُتبادلة حاضِرة بين المُعارضة والحكومة حول استمرار الحرب لأهداف سياسية وشخصية.
بموازاة ذلك، ومنذ بداية الحرب في 7 أكتوبر 2023، خلّفت العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة أكثر من 177 ألف شهيد وجريح فلسطيني، بينهم غالبيّة من النساء والأطفال، إضافة إلى آلاف المفقودين ومئات الآلاف من النازحين داخليًا. وتُتّهَم "إسرائيل"، وفي ظلّ دعم أمريكي كامل، بشن حرب إبادة جماعيّة ضدّ المدنيين، في حين تتزايد الضغوط الدولية لتخفيف الحصار وتسهيل دخول المساعدات إلى القطاع.
كذلك، ومع مرور 600 يوم على الحرب، شهدت "إسرائيل" مُراجعات نقديّة داخليّة على أداء الحكومة، حيث انتقَد سياسيّون، مثل إيهود أولمرت، تصريحات وزراء يُشَجّعون على تجويع غزة وحرمانها من الماء والغذاء، واعتبروا ذلك جرائم حرب. كما انتقَد رئيس حزب “معسكر الدولة”، بيني غانتس، استمرار حرب بلا هدف عملي، مُتّهماً نتنياهو بالمُحافظة على مصالحه الشخصية بدَلًا من المصلحة العليا لإسرائيل.
أيضاً، الإعلام الإسرائيلي سَلّط الضوء على استمرار الحرب وامتدادها إلى عدّة جبهات مُحتَمَلة، وناقش تداعياتها السياسية والإنسانية، وأبرَز مُعاناة عائلات الأسرى؛ كما انتَقد تصريحات نتنياهو التي تَعِد بتحقيق النصر، في حين تتواصل الحرب بلا نهاية واضحة.
الخلاصة: تواجه "إسرائيل" نَزيفًا دبلوماسيًا حادًا وفقدانًا للثقة في عدالة الحرب، فيما تتعمّق الانقسامات الداخلية على خلفيّة الخسائر المتواصلة والتوتّرات السياسية. وتعكس تصريحات رئيس جهاز الشاباك الجديد، والتي وصَف فيها الحرب بأنها "أبديّة"، رغبة الحكومة المُتطرّفة في مواصلة حرب طويلة تستهدف الانتقام، ليس فقط للخسائر العسكرية التي مُنِي بها الجيش الإسرائيلي؛ بل أيضًا للإهانة التي شعَرت بها "إسرائيل" بسبب المعركة التاريخية التي بدأتها حركة حماس في أكتوبر 2023.
2025-05-31 11:46:23 | 84 قراءة