وثائق

ميثاق الحركة الوطنية الفلسطينية الصادر عن الهيئة العربية العليا برئاسة المفتي الحاج أمين الحسيني بتاريخ 1962




 




مقدمة

إن الحركة الفلسطينية هي حركة وطنية سياسية هدفها إنقاذ الوطن المغتصب من أيدي الأعداء، وإعادة الشعب العربي الفلسطيني المشرد إلى هذا الوطن، وتحقيق حريته وكرامته وسيادته في وطنه.

والهيئة العربية العليا لفلسطين، وهي الممثلة الشرعية لكفاح الشعب العربي الفلسطيني، والمعبرة أصدق تعبير عن رغباته وأهدافه وإرادته، تتولى، بوصفها منظمة سياسية شعبية عامة للفلسطينيين جميعاً، قيادة هذه الحركة الوطنية وتعمل على بلوغ هدفها، وهي تتحمل هذه الأمانة في هذه المرحلة العصيبة الشاقة التي تجتازها قضيتنا الوطنية، وتلتزم بالميثاق الوطني الفلسطيني الذي تتمثل فيه أهداف الشعب العربي الفلسطيني، وتعتبر أن المبرر الأول لوجودها واستمرارها في عملها هو صيانة سلامة قضية فلسطين، والحيلولة دون تصفيتها، وإعادة تنظيم الشعب العربي الفلسطيني على الأسس الوطنية الصحيحة ليتمكن من تحقيق أهدافه وأمانيه.


تاريخ الميثاق الوطني الفلسطيني

لقد سبق للشعب العربي الفلسطيني أن اتخذ ميثاقاً وطنياً لنفسه، بمحض إرادته واختياره، وجعله أساساً للحركة الوطنية الفلسطينية. ويعود تاريخ هذا الميثاق إلى بدء الكفاح الفلسطيني ضد الاستعمار والصهيونية:

ففي عام 1919؛ حدد المؤتمر العربي الفلسطيني الأول" المنبثق عن الجمعيات الإسلامية المسيحية والمنعقد في مدينة القدس مبادئ الحركة الوطنية وأهدافها في ميثاق نص على:

"مقاومة الصهيونية والاستعمار، والعمل على تحقيق وحدة الأقاليم السورية. (ومنها فلسطين) واستقلالها، والوحدة العربية الشاملة".

وفي عام 1922؛ انعقد المؤتمر العربي الفلسطيني الخامس في مدينة نابلس وكان من أخطر المؤتمرات الفلسطينية في تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية وأوسعها تمثيلاً للشعب على مختلف طبقاته وفئاته. وبعدما درس المؤتمر "الميثاق الوطني الفلسطيني" وضع صيغة جديدة له، استوحاها من صالح قضية فلسطين وشعبها، ومن التطورات السياسية والأوضاع الوطنية التي كانت تسود الأقطار العربية في ذلك العهد.

ونصت هذه الصيغة على ما يلي:

1-       رفض الانتداب البريطاني وتصريح بلفور.

2-       تشكيل حكومة فلسطينية نيابية.

3-       استقلال فلسطين ضمن الوحدة العربية.

وقد أعلنت جميع المؤتمرات الوطنية الفلسطينية التي عقدت بعد عام 1922، والأحزاب السياسية الفلسطينية التي تشكلت عام 1934، التزامها بهذا الميثاق وارتباطها به كدستور للشعب الفلسطيني.

وفي نيسان عام 1936؛ أعلن الشعب العربي الفلسطيني إضرابه العام التاريخي ، ونشبت الثورة الفلسطينية الكبرى في أعقابه، وأجمعت كلمة الشعب على إنشاء منظمة سياسية موحدة تمثله وتنطق باسمه وتتولى زعامة الحركة السياسية، فشكلت "اللجنة العربية العليا لفلسطين" برئاسة السيد محمد أمين الحسيني، مفتى فلسطين الأكبر، واعترفت بها الأحزاب واللجان السياسية والمنظمات العمالية واعتبرتها الجهاز السياسي الوحيد الذي يمثل الشعب، مدللة على هذا الاعتراف بوقف أعمالها ونشاطها الحزبي والتفافها حول اللجنة العربية العليا، وكان أول ما قررته هذه اللجنة فور تشكيلها إعلان تمسكها بالميثاق الوطني الفلسطيني.

وفي حزيران عام 1946؛ تم تشكيل "الهيئة العربية العليا لفلسطين" باتفاق كلمة الأحزاب السياسية والمنظمات العمالية وسائر اللجان والهيئات الفلسطينية. وقد التف الشعب العربي الفلسطيني حول "الهيئة العربية العليا" وأيدها واعتبرها المنظمة الوحيدة التي تمثله وتنطق باسمه. وقد اعتمدتها جامعة الدول العربية بقرار إجماعي في الدورة الاستثنائية التي عقدها مجلس الجامعة في (بلودان) بسورية في حزيران 1946. وقد جاء تشكيل "الهيئة العربية العليا لفلسطين" امتداد اللجنة العربية العليا التي تشكلت عام 1936 وأعلنت الهيئة العربية تمسكها بالميثاق الوطني الفلسطيني.

وفي تشرين الأول 1948؛ جدد "المجلس الوطني الفلسطيني" المنعقد في غزة اعتراف الشعب العربي الفلسطيني بالهيئة العربية العليا وتأييده لها وكان "المجلس الوطني الفلسطيني" آخر مؤتمر مثل الفلسطينيين عامة تمثيلاً صحيحاً.


مبادئ أساسية عامة:

نظراً إلى ما أصاب الفلسطينيين نتيجة أوضاعهم الأليمة، من عوامل الفرقة والتباعد وتباين الآراء، والانتماء إلى الأحزاب، والتهافت على مختلف المعتقدات والشعارات، والزج ببعض أفرادهم في الخصومات والمنازعات، والتدخل في الشؤون المحلية والحزبية في الأقطار العربية الشقيقة المضيفة لهم بحافز من حسن النية والحماسة الوطنية والشعور القومي العام، ونظراً إلى التطورات العربية والدولية التي طرأت على القضية الفلسطينية منذ النكبة في عام 1948، فقد عمدت الهيئة العربية العليا لفلسطين، إلى وضع بعض المبادئ الوطنية التي تصلح، في رأيها، أن تكون دستوراً للحركة الوطنية الفلسطينية في ظرفها الحاضر ومخططاً للهيئة يعتنقه الفلسطينيون في سبيل تحقيق أمنيتهم في إنقاذ وطنهم، وهذه المبادئ لا تناقض الميثاق الوطني الفلسطيني لفلسطين الموضوع عام 1922، بل هي متممة له ومؤيدة لأهدافه وغاياته.

وفيما يلي بيان بهذه المبادئ الوطنية العامة التي تعتنقها الهيئة العربية وتدعو الشعب الفلسطيني خاصة والأمة العربية عامة إلى التمسك بها والعمل على تحقيق أغراضها:

1.       تحرير فلسطين من الصهيونية والاستعمار وإعادتها إلى مكانها المرموق من الكيان العربي العام وعودة أهلها إليها أعزة كراماً.

2.. عدم الاعتراف بما طرأ على فلسطين من ظروف وأوضاع تمت رغم إرادة الشعب الفلسطيني ورغباته منذ الاحتلال البريطاني لها من عام 1917-1948 وما نجم عن ذلك من مضاعفات.

3... رفض مقررات الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين وتدويل منطقة مدينة القدس المناقضة لحقوق ومصالح الشعب العربي الفلسطيني والمخالفة لمبادئ الأمم المتحدة نفسها ولوثيقة حقوق الإنسان ولحق تقرير المصير.

4.... رفض مشاريع التعويض على اللاجئين الفلسطينيين وتوطينهم في البلاد العربية وامتصاصهم في حياتها الاقتصادية.

5..... مقاومة كل خطة ترمي إلى تصفية قضية فلسطين أو تجميدها.

6...... للشعب العربي الفلسطيني وحده، أن يقرر، بعد تحرير فلسطين وإعادتها إلى وحدتها الجغرافية والسياسية التي كانت عليها قبل أيار سنة 1948، مصير وطنه ومستقبله في استفتاء عام، وأن يختار له ما يلائمه من أنظمة الحكم والمبادئ الاقتصادية والبرامج الاجتماعية والثقافية وغيرها.


كيفية تحرير فلسطين

تعتقد الهيئة العربية العليا لفلسطين اعتقاداً جازماً أن إنقاذ فلسطين لا يتحقق بالبيانات والخطب والتصريحات ولا في جو الخصومات والاختلافات بل بالأعمال الجدية المثمرة في ميادين الكفاح والسياسة والدعاية.

وبما أن قضية فلسطين هي قضية الأمة العربية بأسرها وأن سلامة أقطارها بل مصير الوجود العربي نفسه، يتوقف على نتيجة الصراع الدائر الرحى حول فلسطين بين العرب والصهيونية العالمية والدول الاستعمارية فمن المحتم أن يسهم جميع العرب عامة والشعب العربي الفلسطيني خاصة في عملية إنقاذ فلسطين.

وبالنظر إلى ما للعوامل والاعتبارات والظروف الدولية خارج الوطن العربي من أثر لا يمكن تجاهله بالنسبة لتطور القضية الفلسطينية نتيجة للنفوذ الصهيوني المتعاون مع الاستعمار العالمي في الجانب المعادي، وللقوى المتحررة الخيرة المناهضة للاستعمار في الجانب المؤيد، فإن العمل من أجل تحرير فلسطين في مجالات الكفاح والسياسة والدعاية ينطلق في ثلاثة ميادين:

1-       الميدان الفلسطيني

2-       الميدان العربي

3-       الميدان العالمي


1- في الميدان الفلسطيني:

فيما يتعلق بالشعب العربي الفلسطيني تتمسك الهيئة العربية العليا لفلسطين بالأهداف والمبادئ الآتية وتعمل جاهدة لتحقيقها:

1.    إن الشعب العربي الفلسطيني يستطيع ، رغم أوضاعه القاسية والتشرد والحرمان الذي يعانيه، أن يقوم بدور فعال لاستنقاذ فلسطين، وأن ما سجله هذا الشعب المجاهد من كفاح رائع استمر ثلاثين عاماً ضد الانتداب البريطاني والصهيونية العالمية لهو أقوى دليل على الدور العظيم الذي يستطيع القيام به في تحرير وطنه والعودة إليه تحت راية العزة والكرامة.

2.    إحياء الكيان الفلسطيني في الميدان العربي والدولي كياناً حراً طليقاً من القيود قادراً على الحركة والانطلاق قائماً على أساس حرية الرأي والانتخاب النزيه متمسكاً بالميثاق الوطني الفلسطيني، بحيث ينتظم هذا الكيان جميع الشعب العربي الفلسطيني، ويشكل جزءاً لا يتجزأ من كيان الأمة العربية. ويعمل وفق مخطط عملي لإنقاذ فلسطين.

3.    إعادة قضية فلسطين إلى أهلها، يتولون زمامها ويوجهون دفة سياستها وفقاً لصالح قضيتهم ، تؤيدهم الدول العربية وتشد أزرهم في الخطط السياسية التي يضعونها لحركتهم الوطنية.

4.    تعبئة جميع قوى الفلسطينيين وطاقاتهم، وتسليحهم وتدريبهم والعناية بشؤونهم الثقافية والصحية والاجتماعية وإعدادهم لمعركة التحرير التي لا مناص للعرب من خوضها، على أن يكون الفلسطينيون الطليعة في عملية التحرير. ويشكل لهذا الغرض جيش فلسطيني مجهز بأحدث الأسلحة.

5.    تمثيل الشعب العربي الفلسطيني في مجلس جامعة الدول العربية ولجانه على قدم المساواة مع سائر الدول العربية، وهو ما نص عليه ميثاق جامعة الدول العربية.

6.       أن تكون قضية فلسطين بمعزل عن جميع المنازعات والخصومات العربية وفي وضع شبيه بالوضع التي كانت عليه قضية الجزائر.

7.       التعاون مع جميع الدول العربية وشعوبها على ما فيه خير قضية فلسطين وصالحها.

8.    اجتناب الفلسطينيين التدخل في الشؤون الداخلية والحزبية للبلاد العربية، ومنع استغلالهم وتسخيرهم والزج بهم في أعمال ومشاريع لا تمت لصالح قضية فلسطين بصلة.

9.       محافظة الفلسطينيين في البلاد العربية المضيفة على حقوق الضيافة وواجباتها، وتجنب الإخلال بالأمن، واحترام القانون والنظام.


الكيان الفلسطيني

 عطفاً على المادة الثانية من هذا الباب، المتعلقة بإحياء الكيان الفلسطيني، ترى الهيئة العربية لفلسطين أن تقرر في هذا الشأن، أنها ما فتئت تدعو إلى إحياء الكيان الفلسطيني وتبين وجوه الحاجة إليه، وهي الآن تؤكد ضرورة قيامه على الأسس الآتية:

أ‌.     أن الدعوة إلى بعث الكيان الفلسطيني، هي دعوة صادقة لإعادة بناء كيان شعب عربي عمد المستعمرون والصهيونيون إلى القضاء عليه بتمزيقه وتشتيت شمله واحتلال وطنه وطمس كل معالم وجوده ومقوماته وتاريخه المجيد تنفيذاً لمخططهم الاستعماري الرهيب.

ب‌.    يشتمل الكيان الفلسطيني على جهاز كامل بتنظيم جميع الشعب العربي الفلسطيني ويعمل وفق مخطط عملي لإنقاذ فلسطين دون أي تطلع إلى الحكم أو طمع في الوصول إليه.

ت‌.    يكون الكيان الفلسطيني بعيداً كل البعد عن الإقليمية الضيقة وحافزاً لأبناء الأمة العربية والشعوب الإسلامية للمشاركة في الجهاد وتحرير فلسطين في معركة الوجود والمصير.

ث‌.    الكيان الفلسطيني ضرورة تقتضيها طبيعة الكفاح الذي تخوضه الأمة العربية لإنقاذ فلسطين من حيث كونه كياناً شعبياً حراً طليقاً من القيود الرسمية والدولية وقادراً على الحركة والانطلاق بتأييد الشعوب العربية والإسلامية، وناقضاً لأقوال اليهود وادعاءاتهم في الأمم المتحدة والعالم الخارجي أنه لم يعد هناك شيء اسمه (فلسطين) ولا (شعب عربي فلسطيني).

ج‌.    الكيان الفلسطيني كيان "شعبي" منبثق عن إرادة الشعب ورغبته الصادقة ومعبر عن حقيقة آماله وآلامه، ويقوم على أساس حرية الرأي والانتخاب النزيه.

ح‌.        الكيان الفلسطيني جزء غير منفصل عن كيان الأمة العربية وعامل على تحقيق غاياتها ومثلها العليا.

في الميدان العربي العام:

وفيما يتعلق بالأمة العربية فإن الهيئة العربية العليا تعتقد بأن تحقيق تحرير فلسطين يقضي بأن تضع الدول العربية مخططاً حازماً عملياً تلتزم بتنفيذه بجد وتصميم على أن يؤخذ بعين الاعتبار عند وضع هذا المخطط رأي الشعب الفلسطيني والدور الذي يستطيع القيام به في عملية التحرير، كما أن صالح قضية فلسطين والعرب أجمعين يتطلب قيام الدول العربية بالأعمال والمهام التالية:

1-       مضاعفة الجهود والمساعي في ميدان الدعاية والسياسة العالمية.

2-       إحكام الحصار الاقتصادي وسد كل ثغرة يستطيع الصهيونيون الإفادة منها اقتصادياً وتجارياً.

3-       تقوية الجيوش العربية وزيادة إعدادها وتدريبها وتسليحها وتعبئتها روحياً ومادياً للقيام بعملية تحرير فلسطين وفق المخطط العام.

4-       اتباع سياسة حازمة تجاه الدول الأجنبية ومعاملتها حسب مواقفها من قضية فلسطين وقضايا الكفاح العربي.

5-    إعلان التمسك بحق الشعب العربي الفلسطيني في الحرية والاستقلال وتقرير المصير. وعدم الاعتراف بأية مقررات أو مشاريع تتنافى مع هذا المبدأ أو تؤدي لتصفية قضية فلسطين.

6-    إعادة النظر في الأنظمة والقوانين المجحفة بالفلسطينيين والسماح لهم بحرية السفر والتنقل والإقامة وحرية العمل السياسي لمصلحة قضيتهم وفق مبادئ هذا الميثاق.

7-    مساعدة الشعب الفلسطيني مساعدة فعالة في جميع الميادين وجعله في ظروف سياسية واجتماعية وثقافية ملائمة تمكنه من العمل لتحرير وطنه المغتصب.

8-    جعل قضية فلسطين مادة إلزامية في جميع مراحل التعليم الإبتدائي والثانوي والجامعي في جميع البلاد العربية بغية إنشاء جيل عربي واعٍ مؤمن بضرورة إنقاذ فلسطين والفداء في سبيل أمته ووطنه.


الوحدة العربية

إن الوحدة العربية هدف أساسي من أهداف الميثاق الوطني الفلسطيني وقد كان الشعب العربي الفلسطيني ولا يزال في طليعة الشعوب العربية رغبة في الوحدة وعملاً لها. وكان أول شعب نص في ميثاقه الوطني على الوحدة العربية. وقد كانت قضية فلسطين وجهود زعمائها في جعلها موضع اهتمام العالم العربي وعنايته،  من أهم العوامل في تقوية حركة الوحدة العربية، وكذلك كانت قضية فلسطين من الأسباب الأساسية لتأليف جامعة الدلو العربية ولا تزال فيها كلمة دولهم وشعوبهم رغم ما يعكر صفو علاقاتهم وصلاتهم وتعاونهم من اختلاف وخصومات في الظرف الحاضر.

ولم يدخر قادة فلسطين جهداً في سبيل تحطيم نطاق العزلة الذي ضربه الاستعمار والصهيونية على الصعيد العربي والإسلامي وجعلها قضية العرب الأولى. وما اشتراك الفلسطينيين في ثورة سوريا الكبرى وغيرها من ثورات التحرر العربية إلا دليل واضح على ذلك.

وفي رأي الهيئة العربية العليا أن الوحدة العربية يجب أن تتم وفقاً لرغبة الأمة العربية وبالطرق والوسائل التي تختارها وتنبع من إرادتها دونما قسر أو إكراه، وأن سعى العرب لتحقيق الوحدة لا يتعارض مطلقاً مع العمل لاستنقاذ فلسطين، بل أن ذلك يعتبر عاملاً مساعداً على تحقيق الوحدة .

والهيئة العربية ترى أنه لا يمكن قيام وحدة عربية، من الناحية الجغرافية، ما دامت هناك دولة صهيونية تحتل الوطن الفلسطيني وتشطر الوطن العربي الكبير شطرين منفصلين.

وعلى العرب أن يوقنوا أن اليهود يعملون جاهدين لتقوية قبضة عدوانهم على فلسطين وهم يستعدون لغزو الأقطار العربية المجاورة تحقيقاً لبرنامجهم المعروف، وهو قيام دولتهم الكبرى (من النيل إلى الفرات)، ولا شك في أن كل تهاون في القضاء على سرطان الصهيونية وتطهير فلسطين من جرثومته لن تكون نتيجته إلا ضياع الوطن العربي وتمزيق شمل الأمة العربية جمعاء.

في الميدان العالمي

إن الهيئة العربية العليا لفلسطين تؤمن إيماناً راسخاً بأن العامل الأول المعول عليه في إنقاذ فلسطين هو القوة الذاتية للأمة العربية التي تتمثل في قوتها البشرية وموقعها الاستراتيجي الخطير وثرواتها الطبيعية الوفيرة.

غير أنها تؤمن أيضاً بأن الميدان العالمي الفسيح الأرجاء بما يشتمل عليه من رأي عام عالمي دول وشعوب مستقلة متحررة من الاستعمار ، مناهضة لأطماعه وخططه العدوانية، له وزنه الكبير في ترجيح كفة القضايا العادلة.

ولذلك، فإن الهيئة العربية العليا لفلسطين تؤمن بالمبادئ الآتية وتدعو إلى تحقيقها:

1.    الإيمان بتأييد الضمير العالمي الحر لأهدافنا العادلة التي تستوحي مبادئها الحقة من مبادئ الأمم المتحدة ووثيقة حقوق الإنسان وحق تقرير المصير.

2.    الاعتماد على الدول الإسلامية عامة وشعوبها بصورة خاصة، فإن أقوى الروابط الروحية تربطها بفلسطين ومقدساتها، والعمل على توثيق الصلات الاقتصادية والثقافية وغيرها معها.

3.    إيصال صوت الشعب العربي الفلسطيني بالوسائل الدعائية العلمية الحديثة المنظمة إلى أسماع وضمائر الدول والشعوب المناهضة للاستعمار عن طريق حملة مركزة منسقة تقوم بها الإذاعات والصحف والنشرات العربية بجميع اللغات الحية.

4.    الاتصال بالشعوب الآسيوية والأفريقية التي عانت من قسوة الاستعمار أعواماً طويلة ما يجعلها تفهم الظلم الذي حلّ بالشعب العربي الفلسطيني ومن ثم تهبّ إلى نصرته وتأييده.

5.       الاتصال بالمنظمات والنقابات العمالية والاتحادات الطلابية العالمية التي تؤازر قضايا الحرية.

6.       الاشتراك في جميع المؤتمرات الدولية وطرح قضية فلسطين وظلامة شعبها في جميع المحافل الدولية على قدر الإمكان.

7.    الاعتماد على الجاليات والبعثات الطلابية العربية عامة والفلسطينية خاصة المنتشرة في أرجاء العالم، في إنشاء وثق الصلات بهذه الشعوب والمنظمات والنقابات والاتحادات على أسس دائمة ومنظمة.


دعوة للتعاون والعمل

وبعد فإن الهيئة العربية العليا إذ تعلن مبادئها التي تعتنقها وأهدافها التي تسعى جاهدة لتحقيقها ترى من واجبها أن تقوم بتنظيم الجبهة الداخلية لهذا الشعب وجمع كلمته وتوحيد صفه وإعداده للقيام بالواجب المفروض عليه ضمن تنظيم وطني شعبي لجميع الذين يؤمنون بهذه المبادئ وتستيقنها أنفسهم من كل العناصر والجماعات رجالاً ونساءً شيباً وشباناً على اختلاف أعمالهم وصناعاتهم ومهنهم ومن عمال وفلاحين ومثقفين وطلاب ولاسيما عنصر الشبان الذين هم عدّة الحاضر وعماد المستقبل.

إن الهيئة العربية لتناشدهم جميعاً أن يلتفوا حولها ويتعاونوا معها وينضموا إلى تنظيمها الوطني الشعبي في هذه المرحلة الشاقّة من مراحل الجهاد والكفاح مساهمين بقلوبهم الزكية وهممهم الفتية في سبيل خير الوطن العزيز ونصرة قضيته واسترداد حريته وكرامته.


الهيئة العربية العليا لفلسطين

                                                                    10/9/1962




 

2009-01-28 13:11:32 | 1737 قراءة

التعليقات

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد
مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية